لا تزال أصداء الخلل التقني الذي أصاب العديد من الدول مستمرة، وسط تخوفات من حجم الخسائر الضخمة التي نتجت عما عُرف إعلاميًا بـ"قنبلة ويندوز"، والوقت الذي تتطلبه عملية إصلاح الآثار المترتبة عليه.
وأدى تحديث برنامج حماية أصدرته شركة "كراودسترايك" للأمن السيبراني إلى تعطل عدد لا يحصى من أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم، ما تسبب في إيقاف تشغيلها جميعًا في وقت واحد تقريبا، وفق "سي إن إن".
وقدم الرئيس التنفيذي للشركة جورج كورتز، اعتذارًا لجميع العملاء حول العالم، عن العطل التي تسبب فيه تحديث لبرنامج الشركة.
وكتب "كورتز" على "إكس": "نحن نفهم خطورة الوضع ونأسف بشدة على الإزعاج والتعطيل"، وكرر "أن الانقطاع لم يكن بسبب خرق أمني أو هجوم إلكتروني، وأكد أن العملاء كانوا محميين بالكامل".
خسائر بالمليارات
وهناك بعض الأجهزة المتأثرة التي نادرًا ما تتم صيانتها بواسطة أشخاص أو قد تكون موجودة في مناطق نائية، لأنها لا تتطلب بانتظام من البشر التفاعل معها بشكل مباشر.
وحدد أندرو بيك، خبير الأمن السيبراني في جامعة لوبورو في المملكة المتحدة، أمثلة على ذلك، مثل أجهزة الاستشعار ومراقبة الطقس الموجودة في صناديق إشارة السكك الحديدية، وهو الأمر الذي قد يتطلب من الفنيين فحص مئات الآلاف من الأجهزة لإصلاحه.
وأوضح خبير الأمن السيبراني، "أن التعافي من الأزمة سيستغرق آلاف الساعات، ويكلف ملايين وربما مليارات الدولارات"، وفق ما نشرته "سي إن إن".
إلغاء 5 آلاف رحلة جوية
ووفقًا لبيانات شركة تحليلات الطيران العالمية "Cirium"، فإنه من بين أكثر من 110 آلاف رحلة تجارية عالمية كانت مقررة أمس الجمعة، تم إلغاء 5 آلاف رحلة وسط توقعات بمزيد من الإلغاءات، وبالمقارنة، فقد تم إلغاء ألفي رحلة يوم الخميس قبيل تلك المشكلة التقنية، وفق "سي إن بي سي" الأمريكية.
وتم إلغاء أكثر من 5078 رحلة، أي 4.6% من الرحلات المجدولة، على مستوى العالم يوم الجمعة، بما في ذلك 167 رحلة مغادرة من المملكة المتحدة، مع تأثيرات متتالية تستمر حتى نهاية الأسبوع.
ويعد قطاع الطيران حساسًا بشكل خاص نحو الاضطرابات نتيجة اعتماده على جداول منسقة بشكل وثيق، ويمكن أن تؤدي التأخيرات إلى إلغاء جداول المطارات وشركات الطيران للمتبقي من اليوم.
وكانت شركة الطيران الأمريكية Delta Air من بين أكثر الشركات تأثرًا، مع إلغاء 20% من رحلاتها، وعلى مستوى أمريكا وآسيا وأوروبا، واجهت شركات مثل Ryanair وUnited وAir India تأخيرات وتعطلات.
العودة إلى العمليات اليدوية
وأثارت الفوضى الناتجة عن العطل التقني اضطرابات كبيرة بين المسافرين الأوروبيين في أحد أكثر الأيام ازدحامًا في العام، وسط عطلة المدارس.
وفي مطار إدنبرة على سبيل المثال، قال أحد الشهود لـ"رويترز" إن الماسحات الضوئية لبطاقات الصعود كانت معطلة، مع تحذيرات من المطار للمسافرين بعدم الوصول إلى هناك إلا في حالة التأكد من وضع رحلتهم أولًا.
وفي الهند، حصل المسافرون من صالة رقم 3 في مطار نيودلهي على بطاقات صعود مكتوبة بخط اليد، فيما استخدم موظفو المطار أوراقًا مكتوبة بخط اليد تشير إلى بيانات البوابات، أما في هونج كونج فتم الاتجاه نحو العمل اليدوي.
مدة التعافي
وحذر خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات من أن البنية التحتية العالمية للتكنولوجيا قد تستغرق أسابيع حتى تتعافى بالكامل بعد أن أدى تحديث برمجي إلى توقف الأنظمة في جميع أنحاء العالم.
شمل الخلل التكنولوجي الهائل في أنظمة مايكروسوفت تأخير الرحلات الجوية وإلغائها، فضلًا عن التأثير على المستشفيات والبنوك والمتاجر الكبرى وملايين الشركات، وفق "أسوشيتد برس".
وحذر آدم ليون سميث من معهد BCS لتكنولوجيا المعلومات من أن الأمر قد يستغرق "أسابيع" لاستعادة كل أجهزة الكمبيوتر والأنظمة بالكامل، وقال: "في بعض الحالات، قد يتم تطبيق الإصلاح بسرعة كبيرة، ولكن إذا تفاعلت أجهزة الكمبيوتر بطريقة تعني دخولها إلى شاشات زرقاء، فقد يستغرق الأمر أيامًا وأسابيع".
تأخر الرواتب
وحذرت شركات الرواتب من أن العمال حول العالم قد لا يحصلون على أجورهم في الوقت المحدد، بسبب حالة من الفوضى في جميع أنحاء العالم.
وأعلن الملياردير الأمريكي والرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك حذف برامج الأمن السيبراني لشركة "كراودسترايك" من كل أنظمة شركاته.
وقال "ماسك"، في تعليق على منشور على موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "لقد قمنا للتو بحذف CrowdStrike من جميع أنظمتنا".