اضطراب واسع في الخدمات.. انقطاع الإنترنت يشل قطاع الصحة في بريطانيا
شهدت المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، أزمة غير مسبوقة في نظامها الصحي، إذ تسبب العطل التقني واسع النطاق بأنظمة مايكروسوفت في شلل شبه تام للخدمات الصحية في جميع أنحاء البلاد.
ووفقًا لتقرير صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أدى العطل إلى اضطرابات هائلة في عيادات الأطباء العامين والمستشفيات والصيدليات، ما أثر على آلاف المرضى الذين وجدوا أنفسهم محرومين من الرعاية الطبية الأساسية والعلاجات الحيوية.
الشلل الرقمي
تعرضت عيادات الأطباء العامين لضربة قاسية جراء العطل التقني، إذ أفادت "ذا جارديان" بأن نحو 3700 عيادة طبية في إنجلترا، أي ما يعادل 60% من إجمالي العيادات، تأثرت بشكل مباشر، إذ تستخدم هذه العيادات نظامًا يسمى EMIS لإدارة سجلات المرضى والمواعيد، والذي توقف عن العمل بشكل طبيعي.
وفي هذا السياق، صرحت البروفيسورة كاميلا هاوثورن، رئيسة الكلية الملكية للممارسين العامين، لـ"ذا جارديان" قائلة: "يخبرنا أعضاؤنا أن انقطاع الخدمة اليوم يتسبب في اضطراب كبير في حجوزات عيادات الأطباء العامين وأنظمة تكنولوجيا المعلومات، هذه الانقطاعات تؤثر على وصولنا إلى المعلومات السريرية المهمة حول مرضانا، وكذلك على قدرتنا على حجز الفحوصات وإجراء الإحالات وتحديد خطة العلاج الأكثر ملاءمة."
نتيجة لذلك، اضطرت العديد من العيادات إلى رفض استقبال المرضى ذوي المواعيد الروتينية، مقتصرة على استقبال الحالات الطارئة فقط، ما خلق حالة من الإحباط والقلق بين المرضى.
تأجيل المواعيد
لم تكن المستشفيات بمنأى عن تأثيرات هذا العطل التقني، إذ كشف تقرير "ذا جارديان" عن إعلان مستشفى رويال ساري التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية حالة "الحادث الحرج"، بسبب تأثر نظام تكنولوجيا المعلومات الذي يستخدمه لتقديم علاجات الأشعة، ما أدى إلى إلغاء مواعيد العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، مما يشكل خطورة بالغة على صحتهم ومسار علاجهم.
وفي مثال مؤثر على حجم المأساة، نقلت "ذا جارديان" قصة سوفي، وهي سيدة تبلغ من العمر 46 عامًا من بولتون، تعاني من سرطان الثدي في المرحلة الثانية.
وقالت "سوفي": "كان من المفترض أن أتلقى العلاج الكيميائي ظهر يوم الجمعة في مركز صحي.. أتلقى العلاج كل يوم جمعة، لكنهم اتصلوا بي صباحًا وقالوا لا تأتِ حتى نتصل بك.. يتم تحضير أدويتي خصيصًا لي في مختبر، وهذا المختبر يستخدم نظام ويندوز، لذا لم يتمكنوا من تحضير الأدوية."
هذه الحالة تسلط الضوء على مدى خطورة الوضع، خاصة بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى علاجات منتظمة وحيوية مثل العلاج الكيميائي.
الصيدليات تتأثر
وامتد تأثير الأزمة ليشمل الصيدليات أيضًا، والتي وجدت نفسها في موقف صعب، إذ واجهت صعوبات في صرف الأدوية للمرضى بالسرعة المعتادة بسبب التأخير في استلام الوصفات الطبية من الأطباء العامين.
الدكتورة ليلى هانبيك، الرئيسة التنفيذية لجمعية الصيدليات المستقلة، وصفت الوضع لـ"ذا جارديان" قائلة: "تواجه الصيدليات تأخيرات في وصول الوصفات الطبية عبر أنظمة الأطباء العامين نظرًا لتعطل الأنظمة، كما أن هناك تأخيرات في استلام الأدوية المخزنة بسبب مواجهة بعض تجار الجملة لأعطال في أنظمة تكنولوجيا المعلومات".
وأضافت هانبيك: "نظرًا لتعطل نظام المواعيد لدى الأطباء العامين، يتم توجيه المزيد من المرضى إلى الصيدليات لعلاج الأمراض البسيطة، نطلب من الجمهور التحلي بالصبر في حالة وجود تأخيرات لأن هذه المشكلات خارجة عن سيطرتنا ونحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان حصول المرضى على أدويتهم وعلاجاتهم."
تدابير طويلة الأمد
في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة، أصدرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية بيانًا حول الوضع، جاء فيه: "تدرك الهيئة وجود عطل عالمي في تكنولوجيا المعلومات ومشكلة في نظام EMIS، وهو نظام للمواعيد وسجلات المرضى، مما يتسبب في اضطرابات في غالبية عيادات الأطباء العامين."
وأضافت الهيئة أنها تتخذ تدابير طويلة الأمد لإدارة الاضطراب، بما في ذلك استخدام السجلات الورقية للمرضى والوصفات الطبية المكتوبة بخط اليد، مع الحفاظ على أنظمة الهاتف المعتادة".
ومع ذلك، لم تقدم الهيئة جدولًا زمنيًا واضحًا لحل المشكلة، مما يترك آلاف المرضى في حالة من عدم اليقين بشأن مواعيدهم الطبية وعلاجاتهم الحيوية.