أعلن البيت الأبيض، فجر اليوم الخميس، عن إصابة الرئيس جو بايدن بفيروس كورونا (كوفيد-19) للمرة الثالثة، ما أدى إلى قطع جولته الانتخابية في نيفادا، وإثارة موجة من التكهنات حول مستقبله السياسي.
وتضع الإصابة، التي وصفتها مجلة "بوليتيكو" الأمريكية بأنها جاءت في "أسوأ وقت ممكن"، حملة بايدن الانتخابية في موقف حرج، إذ تفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول قدرته على مواصلة السباق الرئاسي.
توقيت كارثي
لم يكن توقيت إصابة بايدن بكوفيد-19 للمرة الثالثة، ليكون أسوأ مما هو عليه، إذ جاء هذا الإعلان في خضم فترة عصيبة بالفعل لحملة بايدن الانتخابية، التي تترنح منذ نحو ثلاثة أسابيع، تحت وطأة الانتقادات الموجهة لأداء بايدن الضعيف في المناظرة الأولى مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
ونقلت المجلة عن مصدر ديمقراطي مطلع على المناقشات الداخلية في البيت الأبيض قوله: "توقيت هذا لا يمكن أن يكون أسوأ، إنه يذكر الجميع بمدى كبر سن جو بايدن".
ويلخص هذا التصريح المخاوف المتزايدة داخل الحزب الديمقراطي بشأن قدرة بايدن، البالغ من العمر 81 عامًا، على تحمل أعباء منصب الرئاسة لفترة ثانية.
تصاعد الضغوط
رغم تصاعد الضغوط، يبدو أن بايدن لا يزال متمسكًا بموقفه من الترشح لولاية ثانية، ونقلت "بوليتيكو" عن مصادر مقربة أن الرئيس أخبر حلفاءه سرًا أنه قد يعيد النظر في قراره فقط إذا أظهرت استطلاعات الرأي تراجعًا كبيرًا في تأييده.
ومع ذلك، فإن تصريحات بايدن الأخيرة تفتح الباب أمام احتمالات مختلفة، إذ قال في مقابلة مع شبكة "بي إي تي نيوز"، إنه قد سيفكر جديًا في الانسحاب "إذا ظهرت لدي بعض الحالات الطبية"، فيما يكتسب هذا التصريح أهمية خاصة في ضوء إصابته الحالية بكوفيد-19، ويثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الحدث قد يدفعه إلى إعادة النظر في قراره بالترشح.
وكشفت المجلة عن تفاصيل مثيرة حول الضغوط المتزايدة التي يواجهها بايدن من داخل حزبه، وأفادت بأن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أخبر بايدن في محادثة خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع أن الحزب سيستفيد من انسحابه.
هذا الكشف، الذي جاء في توقيت متزامن مع إعلان إصابة بايدن، أضاف المزيد من الوقود إلى نار التكهنات حول مستقبل ترشحه، وأشارت المجلة إلى أن أكثر من 12 عضوًا ديمقراطيًا في الكونجرس دعوا علنًا إلى خروج بايدن من السباق، فيما عبر الكثيرون آخرون عن تحفظاتهم بشأن قدرته على هزيمة ترامب في اجتماعات خاصة.
موقف بايدن
وقال مستشار ديمقراطي كبير لشبكة سي إن إن، شريطة عدم الكشف عن هويته: "المحادثات الخاصة مع الكونجرس مستمرة.. إنه متقبل وليس متحديًا كما هو الحال علنًا".
وأوضح المستشار: "لقد انتقل من القول: كامالا هاريس (نائبة الرئيس) لا تستطيع الفور، إلى: هل تعتقد أن كامالا تستطيع الفوز؟.. لا يزال من غير الواضح أين سيتجه، لكن يبدو أنه يستمع".
وتضع هذه الضغوط الداخلية بايدن في موقف صعب للغاية، خاصة مع تزايد الأصوات المطالبة بتغيير في قيادة الحزب.
فرصة للجمهوريين
ويمنح غياب بايدن عن الساحة العامة في هذا التوقيت الحرج خصومه الجمهوريين فرصة ذهبية، فوفقًا لـ"بوليتيكو"، يأتي هذا الغياب بالتزامن مع تقديم المرشحين الجمهوريين لحملتهم الانتخابية من على منصة المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي.
وقد يكون لهذا التباين الصارخ بين صورة ترامب كرمز للقوة والصمود، خاصة بعد نجاته من محاولة اغتيال مزعومة، وبين صورة بايدن المريض والمتقدم في السن، تأثير كبير في الناخبين الأمريكيين.
وتشير المجلة إلى أن حملة ترامب تركز بالفعل على إبراز هذا التباين، ما قد يزيد من الضغط على بايدن وحملته.
وفي محاولة للتعامل مع الأزمة، لجأت حملة بايدن إلى استراتيجية أثارت الجدل، إذ نشرت الحملة تغريدة على حساب بايدن تقول: "أنا مريض..." لتتبعها بأخرى تكمل الجملة "...من إيلون ماسك وأصدقائه الأثرياء الذين يحاولون شراء هذه الانتخابات".
وفقًا لـ"بوليتيكو"، أثار هذا الأسلوب في التعامل مع الموقف استياء بعض حلفاء بايدن، الذين رأوا أنه يفتقر إلى الجدية المطلوبة في مثل هذه الظروف، ويشير هذا الخلاف الداخلي إلى حالة من الارتباك داخل الحملة حول كيفية التعامل مع هذا الموقف الحرج.