سلطت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، الضوء على التداعيات المحتملة لمحاولة اغتيال المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، على مجريات المؤتمر الجمهوري المرتقب وعلى المشهد السياسي الأمريكي ككل.
تحديات غير مسبوقة
مع انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، اليوم الاثنين، أثارت محاولة اغتيال ترامب تساؤلات عديدة حول كيفية تأثير هذا الحدث على مجريات المؤتمر.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "ذا هيل"، فإن محاولة اغتيال ترامب فرضت على منظمي المؤتمر الجمهوري إعادة النظر في جدول أعمالهم بشكل عاجل، فبدلًا من التركيز حصريًا على انتقاد سياسات إدارة بايدن، يجد الحزب نفسه مُضطرًا لتخصيص وقت كبير لمناقشة قضايا الأمن القومي والسلامة الشخصية للمرشحين، ما قد يمنح الحزب فرصة لإظهار جديته في التعامل مع التهديدات الداخلية، لكنه أيضًا قد يشتت الانتباه عن رسائل الحملة الرئيسية.
وعلى جانب آخر نقلت الصحيفة عن مصادر داخل الحزب الجمهوري، إن الحادث قد يوفر فرصة غير مسبوقة لتوحيد صفوف الحزب خلف ترامب، فحتى المنتقدون داخل الحزب قد يجدون أنفسهم مضطرين للوقوف خلف المرشح في مواجهة ما يرونه تهديدًا للديمقراطية، وهذا التوحد قد يعزز من قوة الحزب، لكنه أيضًا يثير مخاوف الناخبين المعتدلين من تطرف الخطاب الحزبي.
وأوضحت "ذا هيل" أن أحد أكبر التحديات التي تواجه قادة الحزب الجمهوري، كيفية صياغة خطاب سياسي متوازن خلال المؤتمر، فمن ناحية، هناك رغبة في استغلال التعاطف العام مع ترامب، ومن ناحية أخرى، هناك حاجة للحفاظ على مستوى معين من الاحترام والكياسة في ظل الظروف الراهنة.
ونقلت الصحيفة عن أحد المستشارين الجمهوريين: "نحن نسير على حبل مشدود، علينا أن نظهر قوتنا وتصميمنا دون أن نبدو وكأننا نستغل المأساة".
وأخيرًا لفتت "ذا هيل" الانتباه إلى التحدي اللوجستي الكبير المتمثل في ضمان أمن وسلامة المشاركين في المؤتمر، فمع تزايد المخاوف الأمنية قد يضطر منظمو المؤتمر لاتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة، ما يؤثر على الطابع الاحتفالي والتفاعلي للحدث.
ومع ذلك، فإن هذا التركيز على الأمن يوفر فرصة للحزب لإظهار كفاءته في التعامل مع التهديدات وحماية قادته، وفقًا لما أشارت الصحيفة.
الديمقراطيون يعيدون حساباتهم
وفقًا لصحيفة "ذا هيل"، فإن الحزب الديمقراطي وجد نفسه في موقف دقيق للغاية عقب محاولة اغتيال ترامب، إذ نقلت الصحيفة عن محلل سياسي ديمقراطي بارز ومقرب من الرئيس بايدن قوله: "هناك أسئلة أكثر من الإجابات في الوقت الحالي، لا أعتقد أن أحدًا يعرف كيف ستنتهي الأمور، حتى هذا الأسبوع، هناك الكثير من المجهولات"، ما يعكس حالة الترقب والحذر التي تسود أوساط الحزب الديمقراطي، إذ يحاول قادة الحزب تقييم الموقف وتحديد أفضل السبل للتعامل مع هذا التطور غير المتوقع.
وأضافت الصحيفة أن النقاش الدائر حول سن بايدن وقدراته العقلية، الذي كان محور الأخبار في الأسابيع الأخيرة، توقف مؤقتًا، إذ نقلت "ذا هيل" عن أحد المانحين الديمقراطيين قوله: "هذا ليس الوقت المناسب للحديث عن انسحاب بايدن"، هذا لا يعني أنه لن يعود النقاش في غضون أيام قليلة أو الأسبوع المقبل، لكن سيكون من غير اللائق للغاية إجراء النقاش حول بايدن الآن".
دور الرئيس والمرشح
في خضم هذه الأحداث المتسارعة، وجد الرئيس جو بايدن، نفسه في موقف فريد، إذ أشارت "ذا هيل" إلى أن بايدن سعى إلى لعب دور "المعزي الأول" للأمة، حتى مع خصمه اللدود ترامب، الذي تحدث معه هاتفيًا، مساء السبت الماضي.
وذكرت الصحيفة أن البيت الأبيض حرص على إظهار بايدن في هذا الدور، إذ نشر صورًا له وهو يتلقى إحاطة داخل غرفة العمليات من مسؤولي الأمن القومي وإنفاذ القانون.
هذا الموقف يضع بايدن في وضع دقيق، إذ يتعين عليه الموازنة بين دوره كرئيس للبلاد في وقت الأزمات، وبين دوره كمرشح رئاسي يسعى لإعادة انتخابه.
ونقلت "ذا هيل" عن أحد المحللين السياسيين: "إنه يؤيد حجة بايدن، فهو يمثل الاستقرار، إنه يدير أزمة، وبطريقة ما، فإنه يجيب على الجدل حول قدراته العقلية".
استطلاعات الرأي
رغم الاضطرابات الحالية، أشارت "ذا هيل" إلى أن موقف بايدن قد تعزز، الأحد المقبل، بثلاثة استطلاعات رأي وطنية، من "فوكس نيوز، إن بي سي نيوز، وسي بي إس نيوز"، التي أظهرت تقدم ترامب بنقطة أو نقطتين فقط على المستوى الوطني.
ومع ذلك، حذّرت الصحيفة من أن هذه الصورة قد تتغير بشكل كبير في أعقاب محاولة اغتيال ترامب.
وهذه النتائج تضيف طبقة إضافية من التعقيد إلى المشهد السياسي، إذ قد تؤدي محاولة الاغتيال إلى تعاطف أكبر مع ترامب، ما قد يؤثر على نتائج الاستطلاعات المستقبلية.
وفي الوقت نفسه، قد يستفيد بايدن من دوره كقائد مستقر في وقت الأزمات.