أقر البرلمانيون في جورجيا قانونًا مثيرًا للجدل يفرض ضوابط أكبر على المنظمات غير الحكومية، وحاولت الرئيسة زورابيشفيلي في البداية استخدام حق النقض، غير أنها ستذهب إلى المحكمة، بحسب مجلة "دير شبيجل".
أصدر البرلمان قانونًا ضد النفوذ الأجنبي بأغلبية ضئيلة، وقد رفعت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي الآن دعوى قضائية ضده أمام المحكمة الدستورية.
ويلزم القانون المنظمات التي تتلقى أكثر من خمس تمويلها من الخارج بالتسجيل كـ "عملاء للنفوذ الأجنبي"، ويرى المنتقدون أوجه تشابه مع قانون في روسيا تتخذ الحكومة من خلاله إجراءات ضد المعارضة وأجزاء من المجتمع المدني.
وتنتقد المعارضة والحكومات الغربية هذا القانون باعتباره وسيلة لتشديد الرقابة على المجتمع المدني باعتباره يتعارض مع الحقوق الأساسية مثل حرية التعبير، وشهدت الأسابيع الأخيرة احتجاجات عديدة ضد القانون المقترح الذي تقدمت به الحكومة.
وسرعان ما أبدى الاتحاد الأوروبي غضبه من القانون، مُحذرًا جورجيا من عرقلة مساعيها للانضمام إليه، وهي الخطوة التي لطالما كانت الدولة الخارجة من مظلة الاتحاد السوفيتي في السابق، هدفًا كبيرًا لها مؤخرًا.
الانضمام لأوروبا على المحك
ودعا الغرب العاصمة "تبليسي" إلى الاستسلام أمام رغبة المتظاهرين، لأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أصبح أيضًا على المحك، وتستمر الاحتجاجات في البلاد، بعدما أثار قانون "النفوذ الأجنبي" المثير للجدل، الذي أقره البرلمان الجورجي في قراءته الثالثة مرة أخرى انتقادات حادة في الخارج.
ودعت الحكومة الأمريكية قيادة البلاد إلى التخلي عن المسار السياسي المتبع مع القانون، وبدوره قال فيدانت باتل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "وجهة نظرنا هي أن الحكومة الجورجية بحاجة إلى تغيير المسار الذي تسلكه، وأن 80% من الجورجيين يرغبون في انضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي".
وينص القانون، الذي خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع ضده في تبليسي منذ أسابيع، على أن المنظمات ووسائل الإعلام التي تحصل على تمويل بنسبة 20% على الأقل من الخارج يجب أن تسجل في المستقبل لدى السلطات، ويرى المنتقدون أوجه تشابه واضحة في هذا مع قانون مكافحة "العملاء الأجانب" بروسيا، الذي يُمكن السلطات هناك من اتخاذ إجراءات واسعة النطاق ضد وسائل الإعلام والمنظمات الناقدة.
وتخشى المعارضة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من قمع القوى الموالية للغرب من قبل الدولة السابقة في الجمهورية السوفيتية، التي غالبًا ما تتلقى دعمًا ماليًا من بلدان أخرى.
وتتمتع جورجيا بوضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ نهاية العام الماضي، إذ منحت دول الاتحاد الأوروبي جورجيا هذا الوضع بشرط أن تنفذ البلاد الخطوات التسع الواردة في توصية المفوضية، ويشمل ذلك، من بين أمور أخرى، حماية حقوق الإنسان وتمكين المجتمع المدني ووسائل الإعلام من التصرف بحرية.
وأعربت الحكومة في تبليسي عن رغبتها في ذلك وفي إقامة علاقات مع المنظمات عبر الأطلسي مثل الناتو.
الميل إلى روسيا
ويرى المنتقدون أوجه تشابه مع قانون مكافحة "العملاء الأجانب" في روسيا، الذي يسمح للسلطات هناك باتخاذ إجراءات واسعة النطاق ضد المنظمات الإعلامية.
بدورها؛ قالت روسيا إنه لا علاقة لها بالخطط التشريعية، التي دافعت عنها باعتبارها "ممارسة عادية"، وأكد دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة، أن هذه الخطط ستستخدم من قِبل جهات خارجية لإثارة المشاعر المناهضة لروسيا.
الترشح للاتحاد الأوروبي
حذّر الاتحاد الأوروبي، الذي منح جورجيا وضع المرشح، ديسمبر الماضي، من أن مشروع القانون لا يتوافق مع قيمه ووصفه بأنه تطور مقلق للغاية.
وحصلت جورجيا على وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وتحدث جاريباشفيلي عن هذه المساعي بأنها "لحظة تاريخية"، إلى جانب رفض بلاده لدعم العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
ولا يزال القانون المقترح بحاجة إلى موافقة البرلمان في قراءتيه الثانية والثالثة، وعلى الرغم من أن الرئيسة المؤيدة لأوروبا سالومي زورابيشفيلي يمكنها ممارسة حق النقض، إلا أن النواب الموالين للحكومة في البرلمان بتبليسي يتمتعون بأغلبية كافية للتغلب على حق النقض الذي تستخدمه الرئيسة.
من جانبها؛ اتهمت الرئيسة الموالية للغرب سالومي زورابيشفيلي، التي لا تتمتع بسلطة كبيرة، الحكومة مرارًا وتكرارًا باتخاذ مسار مؤيد لروسيا.
رغبة الشارع الجورجي
وتتكئ جورجيا في الانضمام إلى الناتو، على ميل شعبها إلى الغرب، بنسبة تقارب 85% من إجمالي سكانها، بأحدث الإحصاءات.
يبلغ عدد سكان جورجيا 3.7 مليون نسمة فقط، يريد الجورجيون المؤيدون للغرب أيضًا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لأنهم يخشون أن تتمكن روسيا يومًا ما من الاستيلاء على البلاد بأكملها، وتدرك روسيا أن التقارب مع جورجيا ممكن فقط إذا ظل حزب "الحلم الجورجي" في السلطة.