يملك المخرج التونسي معز القديري عينًا ثاقبة ورؤية فنية مميزة جعلته أحد أهم مكتشفي المواهب، لذا قدم الكثير من الممثلين الجدد للساحة من خلال مدرسته التي يسعى فيها لاكتشاف وتنمية مواهب الشباب.
يشارك معز القديري بمسرحية "11- 14" في مهرجان ليالي المسرح الحر، بالأردن، الذي يشهد العرض الأول للعمل الفني عربيًا، وينتمي إلى نوعية الأعمال السيكولوجية التي تتوغل في أعماق النفس البشرية، متأرجحة بين الوعي واللاوعي، التي وصفها في حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية" بأنها تجسد الحالة السيكولوجية لعقل الإنسان على خشبة المسرح.
وقال: "النص الأصلي للمسرحية عبارة عن مونودراما تم تحويلها إلى ديودراما، إذ تدور قصتها حول فتاة تفقد حبيبها وتصاب بانهيار عصبي، وأردت من خلالها الغوص في أماكن عميقة داخل الإنسان ومنطقة اللاوعي واللامرئي، وتعمقت في عقل الفتاة لرؤية ما يحدث لها وأبرزت الصراع ما بين العقل الباطن والوعي".
كان تجسيد الحالة السيكولوجية لعقل الإنسان على خشبة المسرح أمرًا في غاية الصعوبة، إذ يقول عنها: "قدمت شخصيتين للفتاة، لأن العقل الباطن لديها منهار تمامًا ويعيش حالة من الوحدة، بينما يمر عليه الوعي لكي يعيده لصوابه ويستخرجه من الحالة التي يعيشها، فهو عبارة عن سباق وتلاحق ما بين العقل الباطن والوعي".
ووظف مخرج العمل المسرحية لخدمة النص الدرامي، إذ كان اللون الأبيض سيد الموقف على خشبة المسرح، وحول ذلك يقول: "اختيار اللون الأبيض يأتي للدلالة على عالم اللاوعي وهو رمزية مرتبط بالمرضى والمستشفيات، وتعبر عن العدمية وأنا بشكل عام مرتبط بالمسرح الجسدي".
وعبر "القديري" عن سعادته بالمشاركة في مهرجان المسرح الحر، وتربطني علاقة قوية بالمهرجان، وسبق أن شاركت عام 2022 بمهرجان المسرح التجريبي وحصلت على جائزة أفضل عمل جماعي.
وأشاد المخرج بالحركة المسرحية في تونس ووصفها بأنها أكثر من رائعة، قائلًا: "رغم الأزمات لكنه لم يتأثر وما زال العمل مستمرًا ولا يعاني أي صعوبات، بل يحصل المبدعون على تمويل ودعم من وزارة الثقافة، إذ ننتج أكثر من 285 عرضًا مسرحيًا في العام، ويحصل أكثر من 150 عملًا منها على دعم الوزارة، كما أن هناك شركات الإنتاج الخاصة التي تأخذ دعمًا من الشركات التونسية ورجال الأعمال، وتلقى هذه المسرحيات إقبالًا من الجمهور، ما يشجع المخرجين الشباب على تقديم أعمال أكثر".
لم يكتفِ "القديري" بالإخراج المسرحي، لكن له عددًا من الأعمال في السينما والتلفزيون، إذ قال: "منذ عام 2007 لم انقطع عن المسلسلات في تونس، وشاركت بالتمثيل في نحو 20 مسلسلًا، علمًا بأن الإنتاج الدرامي التونسي قليل، وحيث ننتج في العام 4 أعمال فقط، وأيضًا أسست مدرسة لتدريب الممثل، ولديّ شركة إنتاج بالمسرح والسينما والتلفزيون".
وحول اكتشافه المواهب الشابة قال: "زودت الساحة الفنية بالكثير من المواهب الشابة، والبعض يعتبرني مثل المخرج ومكتشف المواهب خالد جلال في مصر".