الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"غابة كاليه".. المهاجرون يتدفقون على القناة الإنجليزية

  • مشاركة :
post-title
الشرطة الفرنسية تقوم بحملات منتظمة على أماكن المهاجرين في كاليه – وكالات

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

منذ أن قامت السلطات الفرنسية بتطهير مخيّم المهاجرين المترامي الأطراف، والمعروف باسم "غابة كاليه" في عام 2016، ركّزت السلطات الفرنسية والبريطانية على ردع المهاجرين عن محاولة إقامة مخيّمات في المنطقة، أو محاولة عبور القناة الإنجليزية، عبر قوارب مطاطية مكتظة.

لكن في الواقع، ليس هناك ما يشير إلى أن جهود السلطات الفرنسية ونظيرتها البريطانية لها تأثير كبير؛ ففي النصف الأول من هذا العام، تمكّن ما يقرب من 13 ألف شخص من القيام بالرحلة، وهو رقم قياسي منذ بدء جمع بيانات المهاجرين غير الشرعيين في عام 2018.

وتشير النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" إلى أن ما فعلته السلطات الفرنسية هو "جعل الحياة أكثر بؤسًا لأولئك الذين يخططون للمخاطرة بالعبور"، وفقًا للمنظمات غير الربحية التي تساعدهم.

وتدفع الغارات المتكررة على المخيمات المؤقتة والمساكن العشوائية المهاجرين إلى ظروف محفوفة بالمخاطر وغير صحية. كما أجبرت قوانين الهجرة الجديدة الصارمة، والشرطة الأكثر صرامة، الذين يتطلعون إلى العبور على تحمل مخاطر أكبر.

ووثّقت الأمم المتحدة 207 حالات توفي فيها مهاجرون أو فُقدوا أثناء محاولتهم عبور القناة الإنجليزية منذ عام 2016، كان آخرها في 24 يونيو المنقضي.

وفي حين أن حملة القمع لم تفعل الكثير للحد من محاولات العبور، إلا أنها أجبرت العديد من أولئك الذين يحاولون القيام بمحاولات متعددة قبل أن ينجحوا.

ووفق "بوليتيكو"، فإن الشرطة تداهم الأماكن العامة في كاليه كل يومين تقريبًا، لتأمر أي شخص يخيّم هناك بجمع أمتعته والذهاب.

لكن عندما يتعلق الأمر بالملكية الخاصة، تتمتع الشرطة بسلطة محدودة. إذ يجب على أصحاب المباني الصناعية، أو المنازل الفارغة، اتخاذ إجراءات قضائية طويلة ومكلفة لإخلاء واضعي اليد.

نجح حوالي 7000 شخص في الوصول لإنجلترا في الأسابيع التي تلت "قانون رواندا"
غابة كاليه

تقع كاليه، المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 75 ألف نسمة، على بُعد نحو 30 كيلومترًا عبر المياه من دوفر البريطانية. وشهدت الموجة الأولى من المهاجرين في التسعينيات، حيث كان الفارون من انهيار يوجوسلافيا السابقة يضعون أنظارهم على المملكة المتحدة.

ثم في عام 2015، مع وصول المهاجرين الذين نزحوا بسبب القتال في أفغانستان وسوريا إلى أوروبا، تحوّل مخيم في مكب نفايات سابق بالقرب من مصنع كيميائي على الطرف الخارجي للمدينة إلى مدينة أكواخ ضخمة، يطلق عليها اسم "الغابة" ويبلغ عدد سكانها نحو 9000 نسمة.

وفي سبتمبر 2016، قررت الحكومة الفرنسية إغلاق "الغابة" والحفاظ على وجود كبير للشرطة مكلف بمنع أي وجود جديد للمهاجرين.

ومع ذلك، لم تمر سوى بضعة أشهر قبل أن يعود المئات من طالبي اللجوء إلى المنطقة. لذلك، بعد تفكيك "الغابة"، أغلقت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية عملياتها في كاليه؛ لكنها عادت في مايو 2023 لتقديم المساعدة الطبية والنفسية للمهاجرين الذين يمرون عبر المدينة، حيث يقوم طاقمها الطبي الآن بإجراء ما بين 100 إلى 200 استشارة كل شهر.

ووفق فيروز لاجيلي، منسقة "أطباء بلا حدود" في كاليه، تعالج المنظمة بانتظام الكسور والجروح والالتواءات وإصابات العين، التي قالت إنها "عواقب مباشرة للكرات السريعة -كرات مطاطية يتم إطلاقها بسرعة عالية- والغاز المسيل للدموع والضربات بالهراوات أثناء مداهمات المخيمات المؤقتة".

أيضًا، يشكو المهاجرون من مشكلات الصحة العقلية مثل الإجهاد اللاحق للصدمة والقلق والاكتئاب المرتبط بـ"الظروف المعيشية غير المستقرة" أو العنف أو غرق السفن أو التجارب التي مروا بها منذ مغادرة أوطانهم.

عشرات المهاجرين في كاليه ينتظرون للوصول إلى إنجلترا – وكالات
رحلات خطرة

بالنسبة للذين يعيشون في كاليه، لا يزال إغراء الوصول إلى المملكة المتحدة قويًا. وزاده قوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يمنح المهاجرين الذين تم الإبلاغ عن ترحيلهم من الكتلة فرصة ثانية لطلب اللجوء. كما أن خطة المملكة المتحدة التي حظيت بتقدير كبير لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا لم تفعل الكثير لتثبيط العبور.

وقد عبر أكثر من 82 ألف شخص القناة الإنجليزية، منذ أن اقترح رئيس الوزراء -آنذاك- بوريس جونسون فكرة الترحيل إلى رواندا لأول مرة في أبريل 2022، وهو ضعف العدد الذي كان عليه في العامين الماضيين.

وقد نجح نحو 7000 شخص في القيام بالرحلة في الأسابيع التي تلت إقرار حكومة رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك الاقتراح ليصبح قانونًا في 22 أبريل الماضي.

وقد دفعت المملكة المتحدة لفرنسا ما لا يقل عن نصف مليار يورو منذ عام 2014 لتأمين حدودها المشتركة، وفقًا لتحليل أجرته مكتبة مجلس العموم البريطاني.

وفي عام 2023، التزمت لندن بإرسال أكثر من 541 مليون يورو أخرى بحلول عام 2026.

وقد تم تخصيص بعض الأموال لنشر المزيد من ضباط الشرطة المجهزين بنظارات الرؤية الليلية، ومناظير الأشعة تحت الحمراء، ومركبات صالحة لجميع التضاريس، وطائرات بدون طيار. كما تراقب العشرات من الكاميرات الطرق الرئيسية والمسارات المؤدية إلى الشواطئ على طول الساحل.

وفي العام الماضي، قالت السلطات الفرنسية إنها ألقت القبض على ما يقرب من 800 مهرب، وفككت 49 شبكة.

وفي يونيو المنقضي، أعلنت السلطات الفرنسية أنه سيتم نشر أكثر من ألف من رجال الشرطة والدرك خلال الصيف على طول الساحل.

ويدفع تطبيق القانون الأكثر صرامة المهاجرين إلى القيام برحلات أكثر خطورة. حيث يبتعد بعض العابرين المحتملين عن الشواطئ الواقعة على طول الساحل، ما قد يضاعف وقتهم في البحر أو يتضاعف ثلاث مرات؛ فيما ينطلق آخرون بين أمواج أعلى وطقس سيئ، حيث تقل احتمالية وجود الشرطة.

وارتفعت القوارب التي تصل إلى المملكة المتحدة من حمل ما متوسطه 20 شخصًا في النصف الأول من عام 2021 إلى 50 شخصًا هذا العام، وفقًا لبيانات وزارة الداخلية البريطانية، ما يعرض السفن المزدحمة بشكل أكبر لخطر الانقلاب.

وفي أبريل، توفي ما لا يقل عن خمسة أشخاص، من بينهم فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات، بعد سقوطهم من قارب يحمل 112 شخصًا.