عاد اليهود المتشددون في القدس المُحتلة، إلى الشارع رافعين لافتات تعلن "الحرب"؛ احتجاجًا على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الأخير الذي قضى بعدم إعفائهم من الخدمة العسكرية.
وتقول الشرطة إن بعض المتظاهرين ألقوا الحجارة عليهم، كما أظهر مقطع فيديو اندلاع بعض المناوشات وبعض الحرائق أيضًا. واعتقلت الشرطة عدة أشخاص واستخدمت في النهاية مدافع المياه لمحاولة تفريق الحشد. وحاصر المتظاهرون سيارة وزير حكومي وضربوا النوافذ وألقوا عليها أشياءً، لكن الوزير لم يصب بأذى.
وأبرزت الاشتباكات بين بعض المتظاهرين "الحريديم" والشرطة الإسرائيلية، عمق المشاعر في مجتمع اليهود المتشددين، الذي يعتقد الكثير منهم أن الخدمة في جيش الاحتلال لا تتوافق مع أسلوب حياتهم، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
ونقلت الشبكة عن الصحفي من" الحريديم" يانكي فاربر، أن قرار المحكمة العليا الذي يقضى بتجنيد "اليهود المتشددين" في جيش الاحتلال، ترك المجتمع الأوسع يترنح.
وأضاف أنه بالنسبة للعديد من الحريديم، فإن قرار المحكمة لن يغير موقفهم، وقال الكثيرون إنهم "سيتعرضون إلى المجاعة؛ لأنهم لن يكون لديهم المال لشراء الطعام"، في إشارة إلى قرار المحكمة بأن الحكومة يجب أن تسحب التمويل من أي مدارس دينية لا يلتزم طلابها بمسودات الإشعارات.
ومنذ تأسيس إسرائيل، أصبح اليهود المتشددون معفيين من الخدمة العسكرية، طالما كانوا يدرسون في مدرسة دينية تسمى "يشيفا".
ولكن قبل أكثر من 25 عامًا، ألغت محكمة هذا القرار، وحاولت الحكومات المتعاقبة دون جدوى إيجاد حل دائم لهذه القضية.
وأكد حكم المحكمة العليا أخيرًا، أن القانون لا يسمح بإعفاء الأرثوذكس المتشددين من الخدمة العسكرية، بل ويمنع الحكومة من تمويل المدارس الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.
ويقول بعض السياسيين إنه لا يوجد نقص في القوات، ولكن جيش الاحتلال يقول إنه قد يستفيد من القوة البشرية الإضافية. وتؤدي هذه القضية أيضًا إلى تفاقم الانقسام الديني في البلاد.
وسيكون دمج المتشددين في جيش الاحتلال بطيئًا؛ لأنهم مضطرون إلى الخدمة في وحدات خاصة، ولكن في الوقت نفسه، قد يكون لهذا الحكم آثار سياسية كبرى، إذ تعتمد حكومة بنيامين نتنياهو على دعم حزبين متشددين، وخسارة أي منهما قد تؤدي إلى سقوط الحكومة، رغم أن أيًا منهما لم يشر حتى الآن إلى أنه يخطط للإطاحة بالحكومة.
وقال حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، ردًا على حكم المحكمة العليا، إنه يأمل في تمرير "قانون التجنيد التاريخي" الذي من شأنه أن "يزيد بشكل كبير معدلات التجنيد" للرجال الأرثوذكس المتطرفين، ولكن الحزب أيضًا "يعترف بأهمية دراسة التوراة"؛ مما يزيد من احتمال استمرار الإعفاء لعدد أقل من طلاب المدارس الدينية.
لكن مصدرًا في المعارضة الإسرائيلية، قال لـ "سي إن إن"، إنهم لا يعتقدون أن أي مشروع قانون في هذا الشأن، يُمكن أن يضمن أن دعم الأغلبية اللازمة في الكنيست، سيكون مقبولًا لدى شركاء نتنياهو في الائتلاف الأرثوذكسي المتطرف، الذين كانت هذه "القضية رقم واحد" بالنسبة لهم.
وقال المصدر إنه من غير الواضح ما الذي سيحدث للمتهربين من التجنيد، مشيرًا إلى أن السجن هو الخطوة الأخيرة في عملية تبدأ برفض إصدار جوازات السفر وحجب المزايا.
وبالنظر إلى أن معظم اليهود الإسرائيليين الآخرين مطالبون بالخدمة في الجيش، فإن إعفاء الحريديم، "مع الاعتماد على الإعانات الحكومية غير المتناسبة"، قد أدى إلى إثارة استياء كبير بين اليهود غير الحريديم، وفقًا لمنتدى السياسة الإسرائيلية.