اختتمت فعاليات مؤتمر الاستثمار الأوروبي المصري، اليوم الأحد، الذي أقيم على مدار يومين بالقاهرة، وحظى باهتمام كبير كونه يهدف إلى التعريف بمختلف الفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد المصري، كما يسعى لتعزيز ودعم أوجه التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي، وبناءً عليه أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، استثمارات أوروبية جديدة بقيمة 1.8 مليار يورو، بالإضافة إلى التوقيع على مشروع جديد بقيمة 25 مليون يورو، لتوفير التدريب على التكنولوجيا النظيفة والرقمية للشباب المصري، فضلًا عن توقيع أكثر من 20 صفقة ومذكرة تفاهم جديدة مع شركاء مصريين، تبلغ قيمتها أكثر من 40 مليار يورو.
ويتزامن مؤتمر الاستثمار الأوروبي المصري مع الاحتفال بالذكرى الـ11 لثورة 30 يونيو، التي بفضلها نجحت مصر خلال السنوات العشر الماضية في تهيئة ظروف مناسبة لجذب الاستثمارات، عبر تأهيل البنية التحتية وإتاحة فرص ومشروعات استثمارية جاهزة بكل التراخيص للمستثمرين، فضلًا عن إتاحة أراضٍ بأسعار تنافسية وتقديم حوافز ضريبية وغير ضريبية لجذب المستثمرين، ومخاطبة شركات عالمية للاستثمار في مجالات الطاقة واللوجستيات بنظام المشاركة.
الأعلى في إفريقيا
كنتيجة لهذه الإجراءات نجحت مصر، خلال العام الماضي، في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت نحو 10 مليارات دولار، وهو الرقم الأعلى إفريقيًا، فضلًا عن تخطيها المستهدف لعام 2024 الجاري، ومن المتوقع أن تتخطى 40 مليار دولار بحلول نهاية العام، بعد توقيع صفقة رأس الحكمة وتنفيذ عدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر، خلال الفترة الماضية.
ومنذ تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قيادة بلاده عام 2014، سعى خلالها لإجراء تغييرات واسعة النطاق لبناء دولة حديثة وفق أفضل المعايير العالمية للحاق بركب التطورات العالمية، منها تعزيز بيئة الأعمال وتحفيز دور القطاع الخاص لقيادة قاطرة النمو الاقتصادي من خلال أسلوب إدارة حديث للأصول المملوكة للدولة، والتخارج من الأنشطة غير الاستراتيجية، وتعزيز الحياد التنافسي، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والميكنة، مع التركيز على تنمية المواطن المصري، وإشراك الشباب والمرأة في فرص التنمية.
جذب الاستثمارات الأجنبية
واتخذت الحكومة المصرية بعد ثورة 30 يونيو، عدة قرارات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحفيز الاستثمار، منها تخفيض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس وتسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
ومن أبرز قرارات دعم الاستثمار كان الموافقة على مشروع قرار بدراسة تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار للسماح بالترخيص لمشروعات الصناعة القائمة على الغاز الطبيعي كأحد مدخلات الإنتاج، للعمل بنظام المناطق الحرة، كما حددت الحكومة في القاهرة مدى زمني 10 أيام لموافقات التأسيس، وإنشاء منصة إلكترونية لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات بما يعمل على خفض الحواجز البيروقراطية وتبسيط الإجراءات.
وشملت الإجراءات المصرية لتحفيز جذب الاستثمارات المباشرة التوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وعدم قصرها على الشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية، وتعديل المواد رقم 40 و41 و42 للرخصة الذهبية، بما يضمن جواز منحها للشركات المنشأة قبل قانون الاستثمار لعام 2017، والموافقة على إجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التي تمنح معاملة تفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة، بهدف تعزيز الحياد التنافسي في السوق المصرية.
واتخذت مصر أيضًا إجراءات لتحفيز الاستثمار، منها إنشاء وحدة بمجلس الوزراء تتولى جميع بيانات الشركات المملوكة للدولة، وتكون قراراتها ملزمة بإعادة الهيكلة سواء بالبيع أو نقل التبعية من جهة إلى أخرى، وترفع نتيجة أعمالها كل 3 أشهر لرئيس الدولة ورئيس الوزراء، فضلًا عن موافقة الحكومة على مشروع قرار بتعديل نص القانون رقم 7 لسنة 2017؛ للسماح بقيد المستثمر الأجنبي بسجل المستوردين، حتى وإن لم يحمل الجنسية المصرية، لمدة 10 سنوات.
كما ألزمت الدولة المصرية بألا يجوز لأي جهة إصدار قرارات تضيف أعباء مالية أو إجرائية لإنشاء وتشغيل المشروعات، إلا بعد أخذ رأي مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار وموافقة مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للاستثمار، بالإضافة إلى الموافقة على مشروع قرار تنظيمي مُلزم بآليات وضوابط واضحة بحالات فرض رسوم التحسين طبقًا للقوانين المنظمة، وأسس احتساب كل حالة، والنظر في عمل تصنيفات للقيم المطلوبة حسب الغرض من الاستثمار سواء صحي، أو سياحي، أو فندقي، ويتم تعميمه على جميع الجهات الإدارية.
واستحدثت الحكومة المصرية مشروع قرار بتوجيه من وزارة المالية باستحداث نظام مقاصة بين مستحقات المستثمرين، مع وضع حد زمني (45 يومًا) يضمن الإسراع في رد ضريبة القيمة المضافة، وتسريع الإجراءات، فضلًا عن تكليف الحكومة وزارة العدل بسرعة إنهاء تعديلات قانون تحويل الأرباح للشركات القابضة، والشركات التابعة بما يضمن تخفيف الأعباء الضريبية وتجنب الازدواج الضريبي، وتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968، بما يسمح بتوسيع نطاق اختصاصات المحاكم الاقتصادية لفض النزاعات التجارية، وصرف تعويض للمستثمرين في حالات نزع الملكية بما لا يزيد على 3 أشهر.
وشملت إجراءات الدولة لتشجيع الاستثمار وخلق بيئة مواتية لهذا الهدف، تكليف وزارة العدل المصرية بإجراء التعديلات التشريعية اللازمة للتغلب على قيود تملك الأراضي، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات، فضلًا عن التعاقد مع مكتب استشاري عالمي ومؤسسة IFC لوضع رؤية استراتيجية واضحة لتعزيز مناخ الاستثمار في مصر وآليات تحسين ترتيبها في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال بهدف رفع معدلات الاستثمار إلى ما يتراوح بين 25 إلى 30%.
كما أقرت الحكومة المصرية إنشاء وحدة دائمة بمجلس الوزراء للشركات الناشئة لوضع السياسات والقوانين واللوائح وتلقي الشكاوى بالتنسيق مع وحدة حل مشكلات المستثمرين، بالإضافة إلى اعتماد حزمة من الحوافز للقطاعات الزراعية، والصناعية والطاقة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، ولقطاع الإسكان والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، وقطاع النقل، وتوحيد استراتيجية التسعير، وشفافية رسوم الصادرات والجمارك.
تدفقات الاستثمار الأجنبي
وعلى صعيد الأرقام والإحصائيات، بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، نحو 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2023 / 2022 بنسبة ارتفاع بلغت نحو 12.4%، مقارنة بنحو 8.9 مليار دولار خلال العام المالي 2022 / 2021، وفي العام المالي 2016 / 2017، بلغت نحو 7.9 مليار دولار، وفي العام المالي 2017 / 2018 بلغت نحو 7.7 مليار دولار، بينما في العام المالي 2018 / 2019 بلغت نحو 8.2 مليار دولار، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.
كما تشير الأرقام إلى أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بلغ نحو 7.5 مليار دولار فى العام المالي 2019/2020، ثم هبط إلى 5.2 مليار دولار في العام المالي 2020/2021، وعاد في الصعود خلال العام المالي 2021 / 2022، ليصل 8.9 مليار دولار ثم 10 مليارات دولار في العام المالي 2022 / 2023.
رأس الحكمة والهيدروجين الأخضر
وكان الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أشار خلال تصريحات صحفية له، إلى أن مصر تجاوزت مستهدفاتها لمعدلات الاستثمار الأجنبي المباشر العام الحالي 2024، بعد توقيع صفقة رأس الحكمة وعدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر خلال الفترة الماضية، لافتًا إلى أنه كان من المستهدف جذب من 10 إلى 12 مليار دولار، نهاية العام الجاري، إلا أن مصر تجاوزت هذه المستويات بمراحل بعد صفقة رأس الحكمة ومشروعات الهيدروجين الأخضر، مع توقعات بأن تتخطى أرقام الاستثمار الأجنبي 40 مليار دولار بنهاية العام.