بعيدًا عن السجالات المرتبطة بحملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تستقبل شركات تفتقر إلى العمّال بأذرع مفتوحة مهاجرين قدموا من أوكرانيا وأفغانستان والمكسيك إلى ولاية نبراسكا المحافظة في وسط الولايات المتحدة، حيث يعملون ويبنون حياتهم، داعية واشنطن إلى إصلاح نظام الهجرة القانونية.
على مشارف لينكولن عاصمة الولاية، وعلى طول الطريق الذي يربط بين الحقول والمطار، يظهر مصنع كاواساكي للمركبات، حيث وُضعت لافتة على السياج كُتب عليها "نحن نوظّف"، بحسب "فرانس برس".
يعمل المكسيكي راميرو أفالوس في هذا المصنع منذ عامين، بعدما أقام في البداية في كاليفورنيا مع زوجته وطفليهما.
اكتشفت لاحقًا لينكولن التي يسكنها 300 ألف نسمة، التي جذبته إليها "مناظرها الطبيعية وحدائقها وسكونها وغياب الاختناقات المرورية وانخفاض تكاليف المعيشة، ومستوى الجريمة المنخفض للغاية" ويقول "قرّرنا، مع عائلتي، المجيء إلى هنا".
لم يواجه "أفالوس" أيّ مشكلة في العثور على عمل، إذ يشير إلى تقدّمه بطلب للحصول على عمل في كاواساكي "بينما كنت لا أزال أعيش في لوس أنجلوس"، مضيفًا "أجريت المقابلة وحصلت على الوظيفة"، ومثله، يأتي ثلث العاملين في هذا المصنع من دول أخرى.
ويقول مايك بويل المدير في كاواساكي: "بدون هذه اليد العاملة، سنُضطر إلى التوقّف عن العمل أو رفض طلبات أو إلى تصنيع منتجاتنا في بلد آخر".
على بُعد بضعة كيلومترات، قبالة صوامع مهجورة، يقوم مصنع "تي ام سي او" (TMCO) بصنع معدّات معدنية، وفي هذا المكان أيضًا، فإن ثلث الموظّفين البالغ عددهم 230 شخصًا من المهاجرين أو اللاجئين.
وتؤكد مديرة هذه الشركة العائلية ديان تيمي ستينتون، أنّه بدون التدفّق المستمر للمهاجرين، ستكون سوق "العمل مضطربة"، مشيرة في الوقت ذاته إلى "الحاجة إلى مزيد من العمالة المؤهّلة".
عفا عليه الزمن
مع ذلك، تبقى الهجرة مسألة مثيرة للجدل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر المقبل.
وبينما قام جو بايدن بتقييد وصول المهاجرين عبر الحدود مع المكسيك وأعلن إجراءات تسوية أوضاع أزواج وزوجات المواطنين الأمريكيين، إلّا أنّ منافسه دونالد ترامب الذي حصل على 58,5 في المئة من الأصوات في نبراسكا في العام 2020، يستخدم خطابًا أكثر حدّة تجاه المهاجرين.
لكن بالنسبة إلى براين سلون رئيس غرفة التجارة في نبراسكا، فإنّ التحدّي "أكبر بكثير من الحدود الجنوبية.. ويصل إلى هو ما هو أبعد من الانتخابات والمرشّحين".
ففي نبراسكا، يتمثّل هذا التحدّي في مسألة بقاء حتى "تتطوّر المجتمعات وتزدهر". إذ إنّ تقريراً صادراً أفاد بأنّه "لا يوجد عدد كافٍ من الأشخاص... لشغل الوظائف الأساسية أو لدورة عمل مجتمعنا" إن كان في مجال الصناعة أو الزراعة أو الخدمات.
ويبلغ عدد سكان نبراسكا 1,97 مليون نسمة، 7,1 في المئة منهم وُلدوا في الخارج.
في البلدات الصغيرة في هذه المنطقة الريفية، "يقول الناس نحتاج إليهم (المهاجرون) حالياً"، من أجل إبقاء المدارس ودور المسنّين ومحلّات البقالة مفتوحة، وفقاً لكاثلين غرانت المسؤولة عن منظمة تضمّ جمعيات محلية.
من جهته، يدعو براين سلون الكونجرس إلى تغيير القواعد المرتبطة بالهجرة القانونية. ويسخر الرجل الذي يرأس ائتلافًا من الجهات الاقتصادية الفاعلة، من نظام "عفا عليه الزمن".
كما يحذّر من أنّ "عدم القيام بأيّ شيء من شأنه أن يؤدّي إلى إبطاء اقتصادنا".
ويوضح "نحن بحاجة إلى عملية تسمح للأشخاص بدخول البلاد ليتمّ التحقّق منهم وتنظيم وضعهم، كي يستفيدوا من نوعية الحياة ذاتها التي استفاد منها أجدادنا عندما وصلوا إلى هنا كمهاجرين"، مشيرًا إلى ضرورة منح مزيد من تصاريح العمل وتقليل فترات التأخير.
عملية طويلة جدًا
يأمل مايك بويل المدير في مصنع كاواساكي أن تسعى الإدارة الفدرالية المقبلة، سواء بقيادة جو بايدن أو دونالد ترامب، إلى "تسهيل تنظيم إجراءات الهجرة القانونية، والسماح بدخول مزيد من الأشخاص إلى البلاد".
وفي الوقت الحالي، يمكن أن يستغرق الحصول على رخصة عمل وتصريح إقامة "وقتاً طويلاً جداً"، وفقاً لماري كايوتي من الجمعية المحلية "سي ال آي ايه" (CLIA) المعنية بمساعدة المهاجرين.
وتستشهد كايوتي "بمن تقدّموا بطلب للحصول على حقّ اللجوء في العام 2017"، والذين أُجِّلت مقابلاتهم بعدما كانت مقرّرة في العام 2020 بسبب جائحة كوفيد، ثمّ أعيدت جدولتها في العام 2022، ولكنّهم "ما زالوا ينتظرون القرار"، بحسب تعبيرها.
مع ذلك، يقول مايك بويل إنّه ليس هناك مجال لفتح الحدود على نطاق واسع، مؤكداً أنّ "هذين موضوعين منفصلان تماماً".
ويوازن المشرّعون بين دعم الاقتصاد المحلّي والهواجس المرتبطة بالحدود المكسيكية.
وفي السياق، يعرب السناتور الجمهوري ميرف رييبي عن اعتقاده بأنّه "من خلال تحوّل نبراسكا إلى ولاية ترحّب بالمهاجرين، من المحتمل أن تتمكّن من معالجة النقص في اليد العاملة لديها"، غير أنّه يؤكّد ضرورة وضع تخطيط بشأن التكاليف المرتبطة بهؤلاء الوافدين.
على الجانب الديموقراطي، تشدّد السناتور كارول بلود على أنّ "الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع طريقة أفضل للحصول على الجنسية"، وأن يكون هناك مزيد من قضاة الهجرة لتقصير فترة التأخير. لكنّها تشير أيضًا إلى الحاجة إلى تعزيز الموارد على الحدود.