قبل 112 عامًا من اليوم، وُلد أحد عمالقة الفن المصري والعربي، واستطاع أن يغرد في منطقة لم ينافسه فيها أحد، حتى بات محمود المليجي رائد الفن التلقائي، إذ تميز بأدائه التلقائي على الشاشة الناتج عن تداخله مع تفاصيل الدور، وتقمصه الشخصية بإتقان شديد.
وُلد محمود المليجي في أحد أشهر أحياء القاهرة القديمة، وهو حي المغربلين في 22 ديسمبر عام 1910، واختار طريقه للتمثيل منذ المرحلة الثانوية، إذ اختار المدرسة الخديوية وقتها التي اشتهرت بوجود مسرح كبير بها، واهتمامها بالمواهب الفنية.
وقف "المليجي" أمام نخبة من نجوم المسرح آنذاك، منهم المخرج عزيز عيد وجورج أبيض وفاطمة رشدي، وغيرهم ممن أشادوا بأداء الفنان الصغير.
كانت بداية "المليجي" مسرحية حتى خطا خطواته الأولى في السينما بأدوار صغيرة في أوائل الثلاثينيات، فبهر صناع الأفلام بأداء مختلف الشخصيات، وإن كانت ملامح وجهه وقدرته على استخدام عينيه في التعبير، حصرته فترة كبيرة في أدوار الشر، حتى حصل على لقب "شرير السينما المصرية"، وبالرغم من تقديمه الأداء الفني ذاته، فإن كل دور منها كان يحمل طابعًا مختلفًا.
قدَّم "المليجي" أكثر من 700 عمل، وتنوعت أدواره بين الخير والشر والكوميديا والتراجيدية والتاريخية والفانتازيا وغيرها من الفنون.
وقف محمود المليجي أمام النجوم من مختلف الأجيال السينمائية منذ الثلاثينيات حتى الثمانينيات، وكان زملاؤه يلقبونه بسارق الكاميرا لمقدرته على لفت انتباه المشاهد، فكان أداؤه مميزًا ومؤثرًا، رغم أن أغلب أعماله بطولات ثانوية.
كان المليجي عاشقًا لفنه وجمهوره، ولطالما تمنى الموت في أثناء تقديمه مشهدًا تمثيليًا، وهو ما حدث في 6 يونيو 1983، إذ وافته المنية في أثناء تصوير آخر مشاهده بفيلم "أيوب" تاركًا خلفه تاريخًا طويلًا من الأعمال الخالدة، ومنها الأرض والناصر صلاح الدين وابن النيل والوحش وموعد مع إبليس وعودة الابن الضال وحصاد العمر.