نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، عن مصادر مطلعة، إن الحكومة الإسرائيلية تدرس اتخاذ إجراءات بعيدة المدى ضد وكالات الأمم المتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك احتمال طرد الموظفين، بعد إدراج جيش الاحتلال على قائمة أطراف النزاع المسلح التي ترتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، المعروفة بـ"قائمة العار".
وذكرت الصحيفة، أن هذا الموقف المتصلب من جانب الحكومة الإسرائيلية، جاء بعد أن أدرجت الأمم المتحدة جيش الاحتلال للمرة الأولى على "قائمة العار"، التي وصفها جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، بـ"المخزية"، في حين تعهد مسؤولون إسرائيليون باتخاذ إجراءات انتقامية بحق هيئات الأمم المتحدة التي تعمل في الأراضي المحتلة منذ عقود.
وحسب الصحيفة، نظر مجلس وزراء الاحتلال في مجموعة من الخيارات، في اجتماع عقد مساء الأحد الماضي، وفقًا لشخصين مطلعين على الأمر. وقال مسؤول إسرائيلي عن وكالات الأمم المتحدة: "عليهم أن يشعروا بالقلق".
وأضافت الصحيفة، أنه رغم عدم اتخاذ قرار نهائي من قبل الحكومة الإسرائيلية، فإن التدابير قيد المناقشة تشمل "البطء أو الرفض التام لتجديد التأشيرات لموظفي الأمم المتحدة الأجانب، ومقاطعة الحكومة الإسرائيلية لمسؤولين رئيسيين في الأمم المتحدة، فضلًا عن إنهاء مهام وطرد بعثات الأمم المتحدة".
وأثيرت مخاوف إضافية في الدوائر الدبلوماسية الغربية بشأن مصير وكالات الأمم المتحدة، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من عمليات المساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك مكاتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
ووفقًا لعدد من المصادر، التي نقلت عنها "فاينانشال تايمز"، فإن المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهو الذراع السياسي الرئيسي لجهود الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قد يكون مستهدفًا أيضًا.
ولعب مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة دورًا محوريًا في تهدئة التوترات وتأمين وقف إطلاق النار عبر دبلوماسية القنوات الخلفية، خلال جولات سابقة متعددة من الصراع بين جيش الاحتلال والفصائل في قطاع غزة.
وكانت العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة متوترة بالفعل إلى حد الانهيار حتى قبل قرار الأسبوع الماضي، بشأن إدراج جيش الاحتلال على "قائمة العار" الأممية، إذ ادعت إسرائيل أن موظفين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة.
واستهدف جيش الاحتلال أيضًا العديد من مدارس ومنشآت الأونروا في غزة خلال عملياتها العسكرية. وانتقدت الأمم المتحدة عدم قيام إسرائيل بما يكفي لحماية العاملين في المجال الإنساني التابعين للمنظمة في غزة أو المدنيين الفلسطينيين.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على الأمر، وفق الصحيفة البريطانية، إنه مهما كانت الإجراءات العقابية التي ستتخذها الحكومة الإسرائيلية، فإن "الدور والمهام التي قامت بها وكالات الأمم المتحدة على الأرض لن تختفي، بل ستنتقل ببساطة إلى إسرائيل نفسها".
وكل عام، ينشر الأمين العام "قائمة العار" الخاصة بحقوق الأطفال في الصراعات، وكان غياب إسرائيل عن هذه القائمة يواجه انتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان.
وحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة، سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.
وأدى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة المحاصر منذ 7 أكتوبر، والدمار واسع النطاق، إلى إثارة أزمة إنسانية حادة، مع تباطؤ دخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن استشهاد أكثر من 37 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. كما حولت مباني القطاع ومؤسساته وطرقاته إلى أكوام من الدمار، فيما يواجه سكانه الذين يبلغ عددهم 2.4 مليون نسمة خطر المجاعة.