تتعرض الحكومة الهولندية لضغوط لمحاسبة إسرائيل بتهمة التجسس وترهيب المدعين والمحامين في المحكمة الجنائية الدولية، التي يوجد مقرها في لاهاي، حيث يدعو البرلمانيون المحليون إلى إجراء تحقيق مستقل.
وخلص تحقيق نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن إسرائيل استخدمت وكالاتها الاستخباراتية للمراقبة والاختراق والضغط وتشويه وتهديد كبار الموظفين في المحكمة الجنائية الدولية لمحاولة عرقلة التحقيقات.
وتم الكشف عن الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ تسع سنوات ضد المحكمة الجنائية قبل أيام كجزء من تحقيق مشترك أجرته "الجارديان" ومجلات ناطقة باللغة العبرية. ويوضح بالتفصيل كيف تمكنت وكالات الاستخبارات من مراقبة واختراق والضغط على كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية وتشويه سمعتهم وتهديدهم.
ولم تنجح الحملة في نهاية المطاف، حيث طلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية هذا الشهر، إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من قادة حماس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة.
وبناءً على تحقيق "الجارديان"، أدان النواب الهولنديون من حزب "الديمقراطيون 66" الليبرالي التقدمي وتحالف حزب العمال الأخضر، ممارسات المخابرات الإسرائيلية، ودعوا إلى مزيد من المعلومات حول ما تعرفه الدولة الهولندية حول هذا الموضوع، وإجراء تحقيق مستقل.
وقدمت كاتي بيري، النائبة عن تحالف حزب العمال الأخضر، سلسلة من الأسئلة المكتوبة إلى وزراء العدل والداخلية والخارجية الهولنديين، الأربعاء الماضي، قائلة إن هولندا تتحمل "مسؤولية خاصة لحماية موظفي المحاكم والأشخاص الذين يريدون تحمل مسؤولية الشهادة على جرائم الحرب الإسرائيلية.
ودعت بيرى إلى إجراء تحقيق فيما إذا كانت السفارة الإسرائيلية في هولندا متورطة، وأدانت الأفعال التي وصفتها "الجارديان" بأنها غير مقبولة وانتهاك خطير للمادة 70 من نظام روما الأساسي، وهي جرائم ضد إدارة العدالة في المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي مقابلة أجريت بعد تقديم الأسئلة، قالت بيري: "الادعاءات خطيرة للغاية: الترهيب هنا في لاهاي لسنوات والضغط خلال الأشهر القليلة الماضية على المدعي العام كريم خان. وتتحمل هولندا مسؤولية خاصة باعتبارها الدولة المضيفة للمحكمة الجنائية الدولية للتأكد من أن المحكمة يمكن أن تعمل بشكل مستقل وأن موظفيها بعيدون عن هذا النوع من الترهيب".
وأضافت إن "الاقتراحات القائلة بأن المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا أبلغت عن ترهيب من أجهزة المخابرات يجب أن تكون مألوفة لرئيس الوزراء الهولندي القادم، ديك شوف، الرئيس السابق لجهاز الأمن".
وتساءلت: "إذا كان هذا معروفًا بالفعل في عام 2015 ويبدو أن هذا النوع من ممارسات التجسس والترهيب مستمر حتى اليوم، فماذا تفعل هولندا حيال ذلك؟".
وقالت: "عندما تم اكتشاف التجسس سابقًا في لاهاي، على سبيل المثال، من قبل الروس في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2018، قامت هولندا على الفور بطرد موظفي السفارة المتورطين خارج البلاد. إذا كنا متأكدين من تورط السفارة أو أعضاء السفارة الإسرائيلية هنا في لاهاى، فيجب أن تكون هناك عواقب".
وأشارت إلى أن هولندا ردت أيضًا بقوة عندما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وبعض موظفيها في عام 2020 بسبب تحقيقها في جرائم حرب محتملة يرتكبها جنود أمريكيون في أفغانستان.
وقالت: "كانت هولندا غاضبة بشكل علني للغاية، وليس فقط عبر القنوات الدبلوماسية. أتوقع أن هذه الحكومة الآن، بعد أن أصبح الأمر يتعلق بإسرائيل، التي عادة ما تكون حليفة لهولندا، يجب أن تدافع بنفس القدر من الحزم عن عمل المحكمة الجنائية الدولية، وعمل القانون الدولي، وكذلك عن المدعين والشهود الذين قالت الجارديان أنهم تعرضوا للترهيب لدرجة أنهم لم يعودوا يجرؤون على الإدلاء بشهادتهم على جرائم الحرب في المحكمة الدولية".
كما قدم جان باتيرنوت، المتحدث باسم الشؤون الخارجية لحزب "الديمقراطيون 66"، أسئلة رسمية إلى الوزراء، داعيًا إلى إجراء تحقيق مستقل، وقال إن حزبه يعتقد أن الترهيب المزعوم هو هجوم صارخ على النظام القانوني الدولي.