تخشى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، من عرقلة الوزيرين المتطرفين في حكومة الاحتلال، إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، جهود الوساطة الرامية لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، لأجل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين على وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة تبادل المحتجزين لدى الفصائل، والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه على الرغم من التأكيد المستمر من أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، والرئيس بايدن، أن حماس يجب أن توافق على الصفقة، هناك مخاوف لدى واشنطن من أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد يرفضها في النهاية، وسط تهديدات من بن جفير وسموتريتش بحل الحكومة.
وقالت الصحيفة، إن بلينكن خلال زيارته القصيرة لإسرائيل، التقى على انفراد مع يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي، مباشرة بعد لقائه نتنياهو، ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي، إن الاجتماع تم تنسيقه بعد استقالة الوزير بيني جانتس من حكومة الحرب، ويعتبر الأمريكيون كاتس شخصية رئيسية بعد استقالة جانتس.
وأوضحت "يديعوت أحرونوت" أن "واشنطن أرسلت رسالة إلى تل أبيب مفادها أنهم يريدون من بنيامين نتنياهو ألا يحل حكومة إدارة الحرب بعد استقالة بيني جانتس وجادي آيزنكوت، وأن يضم إليها كاتس الذي يعتبرونه طرفًا مسؤولًا.
وأضافت الصحيفة، نقلًا عن المصدر، قوله إن "الأمريكان مستاؤون للغاية من محاولة نتنياهو ضم وزراء متطرفين مثل إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش إلى حكومة الحرب، إذ أثار بلينكن قلقه في أذني نتنياهو وطلب منه عدم ضمهما إليها".
والأحد الماضي، أعلن جانتس وآيزنكوت استقالتهما من حكومة الطوارئ، التي انضما إليها بعد أيام من عملية "طوفان الأقصى"، 7 أكتوبر 2023.
في المقابل، رد نتنياهو على استقالة جانتس، قائلًا إن "إسرائيل تخوض حربًا وجودية على عدة جبهات وهذا ليس الوقت المناسب للانسحاب".
وباستقالة جانتس، تخلو الساحة أكثر لليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي، إذ تتهم المعارضة نتنياهو بالخضوع لممثلي اليمين المتطرف في حكومته.
ويعارض بن جفير زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، بشدة التوصل إلى أي اتفاق مع حماس، ويهدد بإسقاط الحكومة في حال قبوله.
وقال بن جفير، عبر منصة "إكس"، مساء السبت الماضى: "لن نتمكن من إعادة بقية المحتجزين إلى وطنهم إلا من خلال الضغط العسكري الهائل والمستمر".
كما يعارض سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، التوصل إلى أي اتفاق، ويهدد هو الآخر بإسقاط حكومة الطوارئ.
هذا الموقف عبّر عنه سموتريتش أمام عائلات أسرى إسرائيليين في غزة، خلال اجتماع للجنة المالية في الكنيست، أمس الأول الاثنين.
ونقلت القناة "12" الإسرائيلية عن سموتريتش قوله مستنكرًا "أي صفقة؟ هل هناك صفقة تقبلها حماس؟ هل تعرفون واحدة؟ لن أؤيد الصفقة المعنية، السؤال هو: هل توجد صفقة أصلا؟".
وفي نهاية مايو الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، مقترحًا إسرائيليًا لاتفاق من 3 مراحل، يتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإعادة إعمار قطاع غزة. ووافق مجلس الأمن الدولى، أول أمس الاثنين، على مشروع القرار الأمريكي ويتضمن المقترح الذى تبناه بايدن.
وإلى جانب حزبي "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية"، يعارض بعض نواب "الليكود" بقيادة نتنياهو، إبرام اتفاق مع حماس.
وباستثناء الحزبين الدينيين "يهدوت هتوراه" و"شاس"، اللذين أيدا صراحة التوصل إلى اتفاق، فإن باقي أحزاب الائتلاف الحكومي إما تعارض أو تتحفظ. ويحظى الائتلاف الحاكم بتأييد 64 نائبًا في الكنيست، ما يضمن له الأغلبية.
ويخشى نتنياهو، وفق مراقبين، من احتمال استقالة بن جفير وسموتريتش، ومن ثم تفكيك الحكومة، ولذا قد يخضع لضغوطهما ولا يقبل باتفاق، أو يجد طريقة لإقناعهما به مقابل امتيازات في مجالات أخرى.
وبينما يُصر نتنياهو على وقف مؤقت فقط للقتال، تتمسك حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، وإدخال مساعدات إنسانية كافية، وإعادة إعمار غزة ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.
وإذا احتدمت المواجهة، ربما يلجأ نتنياهو إلى المعارضة، فخلال الأسابيع الأخيرة أعلن زعيمها يائير لبيد استعداده منح نتنياهو "شبكة أمان" بالكنيست، في حال عرض مقترح اتفاق للتصويت.
ولحزبي سموتريتش وبن جفير 14 نائبًا، بينما لدى حزب "هناك مستقبل"، برئاسة لبيد، 24 نائبًا، ما يضمن لنتنياهو تمرير الاتفاق في الكنيست إذا أراد.
وبعد أن استعاد جيش الاحتلال 4 محتجزين من غزة، السبت الماضي، تعالت أصوات إسرائيلية تطالب بالضغط العسكري لإعادة بقية الأسرى.
لكن عائلات الأسرى ذكّرت حكومة نتنياهو بأنها خلال 8 أشهر من الحرب استعادت 7 أسرى فقط من غزة بالوسائل العسكرية، مقابل 100 عبر اتفاق لوقف إطلاق النار دام أسبوعًا حتى مطلع ديسمبر الماضي.
ودعت العائلات حكومة نتنياهو، عبر بيان ومسيرة احتجاجية، السبت الماضي، إلى قبول مقترح الصفقة الذي أعلنه بايدن.
وتقدر تل أبيب وجود 120 أسيرًا إسرائيليًا بغزة، في حين أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات شنتها إسرائيل التي تحتجز بسجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني.
وتواصل إسرائيل حربها على غزة رغم قرار مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح الفلسطينية جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.