"من صغري أحلم بالنجومية، ولكن لم أتخيل نفسي ممثلة جيدة، وكنت أرى السينما شيئًا برّاقًا وجميلًا، لكن لم أعرف أهميتها ورسالتها إلا حينما دخلت هذا العالم".. من هذا المبدأ انطلقت رحلة الفنانة الكبيرة نجلاء فتحي مع عالم السينما والفن بشكل عام، رحلة عرفت منذ بدايتها معنى التمثيل الحقيقي، وليس مجرد الوجود فقط تحت الأضواء والشهرة، إذ قررت أن تكون ممثلة حقيقية تنقل الواقع وهموم الناس وتقدم كل ما تحب وليس ما يحب المنتج فقط، وعلى الرغم من أن الشهرة كانت غايتها الأولى حينما دخلت هذا العالم، إلا أنها لم تقبل أن توجد في عمل ليس له هدف أو غير مقتنعة به، لذا صنعت اسمًا كبيرًا باقيًا إلى الآن بين محبيها.
"فاطمة الزهراء" التي ولدت في مثل هذا اليوم 21 ديسمبر، لكن بالعام 1951، بدأت مشوارها الفني في سن صغيرة من خلال فيلم "الأصدقاء الثلاثة"، ثم قدمت بعده عددًا من الأدوار، ولكن تعتبر انطلاقتها الحقيقية من خلال فيلم "أفراح"، الذي قالت عنه في لقاء متلفز: "هذا العمل هو بدايتي الحقيقية، فالاستعدادات التي حدثت قبله جعلتني أشعر بأنني مُقبلة على عمل مهم جدًا، وهذا هو العمل الذي حببني في التمثيل وعرفت منه معنى المُتعة وتقديم عمل مهم".
سَحَرَ التمثيل "فاطمة الزهراء" وتوالت عليها الأعمال، ولكن لماذا قررت أن تغير اسمها؟.. هذا ما أوضحته في لقاء متلفز، إذ قالت: "كان عبد الحليم حافظ صديقًا مُقربًا من عائلتي، وكنا نفكر أنا والعائلة في تغيير الاسم، فاقترح عبد الحليم اسم نجلاء، وانا اسمي فاطمة الزهراء فتحي، وقال لي :"هتكوني نجلاء فتحي"، وكنت أحبه جدًا، وتعلمت منه الكثير، وكان يُقدم لي العديد من النصائح في مشواري، ويقول لي كيف أهرب من الأسئلة المُحرجة في اللقاءات التلفزيونية وغيرها من الأمور".
انطلقت نجلاء فتحي بقوة في هذا العالم وقدمت العديد من الأدوار المهمة في السينما، وصنعت بريقها، وترجع سبب قوتها الفنية إلى النجوم الذين عملت معهم، حيث تقول: "حينما كنت وجهًا جديدًا كانت السينما مليئة بالعمالقة واحتضنوني واستفدت بشكل كبير من خبراتهم التي ساعدتني في كل أعمالي".
قدمت نجلاء فتحي أعمالًا كثيرة مع كبار المخرجين منها "نص ساعة جواز، غرام تلميذة، المجانين الثلاثة، أختي، أنف وثلاث عيون، العاطفة والجسد، دمي ودموعي وابتسامتي، بدور، الوفاء العظيم، أذكريني، أقوى من الأيام، إسكندرية ليه، غدًا سأنتقم"، ولا تنسى "نجلاء" فترة عملها مع المخرج الكبير محمد خان، وتحب أن تتحدث عنه في أغلب لقاءاتها المتلفزة، وتحكي في إحداها وتقول: "أحب أحلام هند وكاميليا، وسعدت بأن المخرج محمد خان رأى في الموهبة أن أقدم هذا الدور، ورغم أن النقاد هاجموه إلا أن العمل صادق، لدرجة أنه تعجب من هجوم النقاد قائلًا "أنا نقلت قصة حقيقية وعشتها".
حصدت نجلاء فتحي العديد من الجوائز في مشوارها الفني، وتعتز بأول جائزة حصلت عليها عن فيلم "أختي"، حيث تقول: "شعرت أن الفن رسالة وسعيدة بالتمثيل وليس بالنجومية".
ورغم الجوائز الكثيرة التي حصلت عليها إلا أن هناك فيلمًا كانت تحلم بأن يحقق جائزة وهو "لعدم كفاية الأدلة" وتقول: "كنت متخيلة أنه سينجح ويحصد جوائز، ولكن هذا لم يحدث، وكنت متخيلة أنه من أهم أفلام حياتي، ولكنه لم يرض الجمهور ولا النقاد، ولكن نحن كنجوم لا يمكن أن نرضيهم دائمًا، وأحب أن أرضي نفسي".
تحكي نجلاء فتحي في اللقاء نفسه عن الأعمال التي تعتز بها في مشوارها الفني وتقول: "أحب دمي ودموعي وابتسامتي، سونيا والمجنون، عفواً أيها القانون، سنة أولى حب، أحلام هند وكاميليا، وسوبر ماركت"، والأخير كان بوابة نجلاء فتحي لعالم جديد وهو الإنتاج، فهي منتجة العمل، ولكنها لم تستمر طويلًا في هذا المجال، وتكشف الأسباب في لقاء متلفز حيث تقول: "كان عندي وقت قبل الزواج بالوجود في الاستديو والمكتب وأتابع التصوير، لأنه حينما تنتج فيلمًا تظل عامًا كاملًا تعمل على تفاصيله حتى يخرج للنور، ولكن كان هناك فترة تحتاجني ابنتي ياسمين بجانبها".
تزوجت نجلاء فتحي ثلاث مرات؛ الأولى من أحمد عبد القدوس، نجل الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، والثانية من سيف أبو النجا ورزقت منه بابنتها الوحيدة ياسمين، أما الثالثة فكانت من الإعلامي حمدي قنديل وبقيت معه حتى رحيله في 2018، وتحكي عن دور الزواج في حياتها وتقول: "الاستقرار الأسري والعائلي مهم، ليس لسبب معين، ولكن المهم أن يلتقي فيه عقلان ويشعران أنهما يريدان أن يكملا سويًا".
وتابعت: "الاستقرار مهم، في حياة كل الناس وأنا طوال حياتي مستقرة حتى عندما لم أكن متزوجة، والاستقرار التزام ونظام ورضا، وكنت أعيش هذا، واستقرار الأسرة والعائلة مهم".
تشير نجلاء فتحي إلى أن النجومية الكبيرة التي وصلت إليها كانت نتيجة لهدف سارت وراءه، وتقول: "لا أستطيع أن أمثل فيلمًا لا أحبه، ولا أستطيع أن أشاهده مع ابنتي وعائلتي، فأنا أحب الأدوار التي يوجد بها رسالة لأنني قدوة ويجب أن اختار الموضوعات التي يوجد فيها إنسانية، ويجب أن نقوم بتصرفات صحيحة ونكثر من مساحة العطاء والحب".