تزايدت احتمالات اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حزب الله"، مع تصاعد التهديدات من قادة الاحتلال بتوجيه ضربة عسكرية للجماعة اللبنانية، التي ردت على لسان المتحدث باسمها، أنها مستعدة للمواجهة الواسعة، التي تعمل الإدارة الأمريكية على الحيلولة دون اندلاعها، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وكثف جيش الاحتلال وحزب الله، الضربات المتبادلة بينها منذ أكثر من 8 شهور، ويعتقد المحللون أن نشوب حرب شاملة أصبح أكثر احتمالًا، حتى لو لم يكن لدى الجانبين رغبة في خوضها، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
ونقلت الشبكة عن هيكو ويمين، مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، المؤسسة البحثية في بروكسل، إن الصراع بين إسرائيل وحزب الله يتصاعد تدريجياً منذ 8 أكتوبر، وقال إنه "تصعيد بطيء يتجه نحو الأعلى. من الواضح أن هناك تصعيدًا".
وأوضحت "سى إن إن" أن جيش الاحتلال وحزب الله، قاما بضرب أراضي الطرف الآخر بشكل أعمق بكثير مما كانت عليه في بداية الحرب على غزة، عندما كان القتال محصورًا في دائرة نصف قطرها حوالي 4 كيلومترات من الحدود على كلا الجانبين. وفى حين أطلق حزب الله النار على عمق 35 كيلومترًا داخل المستوطنات، استهدف جيش الاحتلال مناطق في لبنان على بعد أكثر من 120 كيلومترًا شمالًا.
ونقلت الشبكة عن أمل سعد، المحاضرة في جامعة كارديف والخبيرة في شؤون حزب الله، إن تصعيد الجماعة "يعد خروجًا ملحوظًا عن الاشتباكات السابقة التي حدثت منذ 8 أكتوبر".
وكتبت الباحثة على منصة" إكس": "أن مرحلة التصعيد تتجاوز مجرد الرد على الهجمات الإسرائيلية واستعادة الردع؛ إنها تنطوي على نقل رسائل واستراتيجيات جديدة".
من جهته، قال "ويمين" من مجموعة الأزمات الدولية، إن الصراع أصبح "واضحًا للغاية، ويصعب تجاهله"، مشيرا إلى الضغوط من وزراء اليمين المتطرف في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأجل توجيه ضربة عسكرية لحزب الله.
ونقلت "سي إن إن" عن روني شاكيد، الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية في القدس المحتلة، إن هناك ضغطًا داخل حكومة وجيش الاحتلال لاتخاذ إجراءات في الشمال.
ويقول الخبراء إنه في حين أن كلا الجانبين قد لا يختاران بدء حرب شاملة، فإن أفعالهما التصعيدية قد تؤدي إلى حرب عن غير قصد.
وقال ويمين من مجموعة الأزمات الدولية، إنه "من غير المرجح أن تتخذ إسرائيل وحزب الله قرارًا واعيًا ببدء الحرب. ومع ذلك، كلما اشتد الصراع، وكلما تعمق كل جانب في أراضي الطرف الآخر، وكلما زادت الأسلحة المستخدمة، زاد احتمال حدوث خطأ ما"، على حد قوله.
ويتعرض نتنياهو لضغوط شديدة من المعارضة وأعضاء ائتلافه لاتخاذ إجراءات في الشمال، خاصة في ضوء نزوح الكثير من سكان المستوطنات الشمالية.
وقال جيش الاحتلال إن أكثر من 53 ألف مستوطن تركوا مساكنهم في الشمال. وفي لبنان، نزح أكثر من 94 ألف شخص من المناطق والبلدات القريبة من الحدود مع المستوطنات الجنوبية منذ بدء الصراع، وفقًا للأرقام الصادرة عن وزارة الصحة العامة اللبنانية.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، في بيان هذا الأسبوع: "يجب حرق وتدمير جميع معاقل حزب الله. حرب!" كما انتقد زعيم المعارضة يائير لابيد، حكومة نتنياهو قائلا: "الشمال يشتعل ويحترق معه الردع الإسرائيلي".
في المقابل، نقلت مجلة" نيوزويك" الأمريكية، عن متحدث باسم حزب الله، إن الجماعة مستعدة لإحباط أي هجوم إسرائيلي جديد، وسط التهديدات المتكررة من جانب كبار مسؤولي الاحتلال.
وكان قائد القيادة الشمالية في جيش الاحتلال اللواء أوري جوردين، قال خلال احتفال بالذكرى السنوية للحرب الإسرائيلية اللبنانية، أمس الأول الأربعاء، إن قواته "مستعدة وجاهزة" لمحاربة حزب الله على أراضيها.
وقبل يومين فقط، أكد رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي: "أننا نقترب من النقطة التي يجب فيها اتخاذ قرار للقيام بعمل عسكري واسع النطاق للتصدي لعمليات حزب الله شبه اليومية".
وردًا على ذلك، شكك متحدث باسم حزب الله في قدرة جيش الاحتلال على تنفيذ مثل هذه الحملة بنجاح. وقال المتحدث لنيوزويك: "منذ 7 أكتوبر، والإسرائيليون يهددون، لكن من يملك صوتًا عاليًا لا يستطيع أن يفعل شيئًا. لم يخرجوا من مستنقعهم في غزة بعد ثمانية أشهر بأي إنجاز سوى قتل المدنيين والأطفال الأبرياء".
وأضاف المتحدث إن "حزب الله مستعد دائما لأي شيء، وسيدافع عن مواطنيه وأرضه دون أي تردد".
وحذرت الولايات المتحدة من التصعيد، خشية أن يخرج عن نطاق السيطرة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر، أمس الأول الأربعاء، إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية" بشأن خطر التصعيد، مضيفًا أن إدارة بايدن منخرطة في محادثات دبلوماسية "لمحاولة تجنب تصاعد هذا الصراع إلى ما هو خارج السيطرة".