واجهت دولة بابوا غينيا الجديدة، واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية دموية في تاريخها، عندما انهارت كتلة صخرية، على رؤوس مئات المواطنين، وحذّر العلماء من وجود انهيارات جديدة مستقبًلا، في عام وصفوه بـ"الاستثنائي"، مرجحين أن تكون ظاهرة النينيو واحدة من الأسباب.
واستغاثت بابوا غينيا الجديدة طلبًا للمساعدة الدولية للتنقيب في الأرض، بعد أن أدى انهيار أرضي إلى دفن نحو 2000 شخص في قرية نائية، وبحسب الأمم المتحدة يقدر عدد القتلى حتى الآن بـ670 شخصًا، مشيرين إلى أن الرقم مرشح للزيادة.
دمار مستمر
وتقع بابوا غينيا الجديدة على بُعد 150 كيلومترًا فقط من البر الرئيسي لأستراليا، وفي وسط البلاد، تقع المرتفعات على طول عمود جبلي يمتد من الغرب إلى الشرق، ويفصل نهر موماس عن المناطق الجنوبية، وإلى الشمال قليلًا تقع مقاطعة إنجا الوعرة، وهي قطعة أرض غنية بالموارد تتميز بقمم حادة وأحواض شديدة الانحدار.
وتسببت الزلازل والجفاف والفيضانات والانهيارات الأرضية وحتى البراكين في إحداث دمار بمجتمعات بابوا غينيا الجديدة، وبحسب شبكة "إي بي سي" أستراليا، توفي ما لا يقل عن 500 شخص بسبب ثوران البراكين المحيطة برابول في عام 1937، بينما أدى انفجار آخر في عام 1994 إلى إخلاء الجزيرة بأكملها، وبعد أربع سنوات، ضرب تسونامي ناجم عن زلزالين مساحة 30 كيلومترًا من ساحل بابوا غينيا الجديدة، فجرف قرى بأكملها.
انحدار وكسور
وكشف تقرير داخلي صادر عن إدارة التعدين والمخاطر الجيولوجية في بابوا غينيا الجديدة، بحسب شبكة "إي بي سي" أستراليا، عن بعض العناصر التي من المحتمل أنها لعبت دورًا في الانهيار الجبلي بمنطقة يامبالي، من بينها وجود الماء في الكتلة الصخرية، بجانب زاوية انحدار الجبل، واستبعد التقرير وقوع زلزال كعامل محتمل، كما أن الانهيار الصخري وقع في منطقة غير مستقرة للغاية وعُرضة للانهيار والانزلاق المستمر.
وأشاروا إلى أنه في العادة كانت الصخور مثبّتة في مكانها عن طريق الوزن الذي تدعمه المادة الموجودة تحتها، لكن في حالة الجبل اختفى كل ذلك، مرجحين أن يكون السبب ارتخاء التربة أو بسبب كسور في الصخور الموجودة تحتها، الأمر الذي أفسح المجال للانهيار الجبلي المفاجئ.
أحداث عنيفة
وأكد التقرير أن الموضوع بدأ بوجود مناطق ضعف في هيكل الجبل بسبب وجود الماء، ثم تجزأ في النهاية إلى صخور كبيرة، ما أدى إلى انهيار كبير، وهو ما أشار إليه خبراء الانهيارات الأرضية للشبكة الأمريكية بأنها أحداث عنيفة بشكل استثنائي، لافتًا (التقرير) إلى أن الانهيار الأرضي الذي ضرب إنجا يعد أحد أكثر الكوارث الطبيعية دموية في بابوا غينيا الجديدة.
ومع تفاقم الشقوق الكبيرة في الجبل المجاور خلال الأيام الماضية، حذّرت السلطات من أن هناك احتمالًا كبيرًا جدًا لحدوث المزيد من الانهيارات الأرضية في المستقبل القريب، وطالب التقرير بإخراج السكان الموجودين في المرتفعات بشكل عاجل، ومن المنتظر أن يتم إعلان المنطقة كـ"محظورة"، حيث تقوم قوات الدفاع بإخلاء المنطقة وتطلب من السكان المحليين التوقف عن استخدام المنطقة كطريق.
عام استثنائي
ويعتبر عام 2024 استثنائيًا في بابوا غينيا الجديدة، حيث شهدت 11 انهيارًا أرضيًا مميتا كبيرًا، وهي الظاهرة التي وصفها العلماء بأنها غير عادية، مشيرين إلى أنه منذ تتبع الانهيارات الأرضية بداية من عام 2004، لم تحدث تلك الانهيارات بكثافة في منطقة واحدة، مشيرين إلى أن بابوا غينيا الجديدة موطن لواحد من أكثر المناخات رطوبة في العالم، حيث يبدأ موسم الرياح الموسمية في ديسمبر ويستمر حتى مارس.
ويتجاوز معدل هطول الأمطار السنوي في منطقة يامبالي عادة نحو 2600 ملم، لكن التقرير الداخلي وجد أن شهري يناير ومايو من هذا العام سجلا "كميات كبيرة"، حيث تم تسجيل أعلى معدل لهطول الأمطار قبل 10 أيام من الانهيار الأرضي، ولفت العلماء إلى أنها سنة النينيو، وهو على الأرجح العامل الأساسي الذي أدى إلى حدوث ذلك.