الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لبنان وإسرائيل يوقعان على اتفاق لترسيم الحدود البحرية.. ماذا يعني ذلك؟

  • مشاركة :
post-title
ترسيم الحدود

القاهرة الإخبارية - محمد حسن

وقّع الرئيس اللبناني ميشيل عون رسميًا، اليوم الخميس، على وثيقة تصادق على اتفاق تاريخي لترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب، وذلك بعد مسار طويل من المفاوضات التي تمت بين الطرفين بوساطة أمريكية.

ووصل الوسيط الأمريكي "آموس هوكشتاين" إلى القصر الجمهوري في بعبدا اليوم، والتقى بالرئيس اللبناني، حيث سلّمه الرسالة الأمريكية الرسمية، بحضور أعضاء الوفد المفاوض مع الجانب الأمريكي، وفي بلدة الناقورة تسلمت مبعوثة الأمم المتحدة في لبنان، الإحداثيات اللبنانية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية.

وفي وقت سابق، شددت الرئاسة اللبنانية على أن صيغة الاتفاق حافظت على ثروات لبنان الطبيعية. وفي سياق متصل أشار الوسيط الأمريكي "آموس هوكشتاين"، إلى أن توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية من شأنه إحداث الاستقرار في المنطقة، وأن الاتفاق سيسمح ببدء العمل من قِبل شركة "توتال للتطوير والاستكشاف"، ولا شيء سيعيق هذه الأعمال في لبنان.

وخاض لبنان وإسرائيل نزاعاَ حول ترسيم الحدود البحرية منذ ما يزيد على 10 سنوات، سادت خلالها المفاوضات تطورات هذا النزاع، وفق المحطات الزمنية الآتية:

عام 2011

بدأت مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة، وفق مرسومها 2011/6433 المتعلق بمنطقة تبلغ مساحتها 860 كم2 يحدها الخط 23، ولكن المفاوضات توقفت بعدما أعلن الوفد اللبناني بقيادة اللواء "ياسين نيته" المطالبة بمساحة إضافية تبلغ 1430 كم2 يحدها الخط 29 الذي يُقسّم حقل كاريش.

 أكتوبر2020

تم استئناف المفاوضات التي عُرِفت بـ"الناقورة" برعاية أممية، وأسندت الوساطة بين طرفي النزاع إلى واشنطن، وتعثرت المفاوضات حتى مايو 2021، وبعدما التقت وفود المفاوضات اللبنانية والإسرائيلية 5 مرات، تمت فيها مناقشة المطالبات اللبنانية والإسرائيلية الخاصة بالخطوط 23 و 29 و 1، كما سيوضح لاحقاً.

مايو 2021

تم استئناف المفاوضات بوساطة مباشرة من الولايات المتحدة، من خلال "آموس هوكشتاين"، الذي تم تعيينه كوسيط رسيمًا في أكتوبر 2021، وهو سياسي أمريكي ودبلوماسي سابق خبير في الأمن القومي والطاقة، وخدم في الجيش الإسرائيلي من عام 1992 حتى 1995، وشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية والمنسق الخاص بشؤون الطاقة الدولية في عام 2011، وفي 2014 عمل نائبًا للمبعوث الأمريكي إلى أوكرانيا.

أكتوبر 2022

توافق لبناني إسرائيلي على مسودة "آموس هوكشتاين" لترسيم الحدود البحرية، لاقت قبولاً لدى الحكومة اللبنانية ونظيرتها الإسرائيلية، وتشير تقديرات إلى احتمال التوقيع على الاتفاق في وقت قريب.

في 3 نقاط كيف كان النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل وكيف بدت نتائجه؟

طالبت إسرائيل بأن تبدأ حدودها البحرية عند الخط 1، كما موضح بالخريطة، وهذا يعطيها السيادة على أهم الحقول في المنطقة الحدودية، حقل "قانا"، وحقل "كاريش"، وهذا ما جعل الصدام الدبلوماسي يشتعل حول البلوك رقم 72.

طالب لبنان بالسيادة على مساحة تقدر بـ 2290 كم2، وفق الخط رقم 29، ولكن إسرائيل رفضت أي مطالب لبنانية خارج المساحة التي تُقدّر بـ 860 كم2.

أقنعت الولايات المتحدة كل من لبنان وإسرائيل بالاعتراف بخط 23 كحد فاصل بين البلدين، وهو ما أعلنه الرئيس اللبناني ميشال عون في فبراير الماضي، أن لبنان تعتمد الخط 23 لحدودها البحرية، وهذا يعني أن المطالب اللبنانية انحسرت في الـ 860 كم2 التي تضم أجزاء من البلوك 72، وكان التوصل لاتفاقية ترسيم حدود هو طريق لبنان الوحيد لتفادي الدخول في اتفاقيات للإنتاج والاستفادة المشتركة من حقول الغاز مع إسرائيل التي لا تعترف بها. وأسفرت جولات "هوكشتاين" عن إعطاء لبنان السيادة الكاملة على "قانا" وعدم دفع بيروت أي تعويضات لإسرائيل، على أن تدفع شركة "توتال" الفرنسية التعويضات لتل أبيب جراء انتقال حقل "قانا" بالكامل للبنان، فيما انتقل حقل "كاريش" إلى إسرائيل.

لماذا تم التوصل لاتفاق بين لبنان وإسرائيل في هذا التوقيت؟

معادلة "قانا – كاريش": تصدر حقلا "قانا" و "كاريش" واجهة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، وكانا على الأرجح من أقوي محفزات التوصل لاتفاق الترسيم، حيث يقر الاتفاق بالسيادة الكاملة للبنان على حقل "قانا" – التي كانت تطالب إسرائيل بجزء منه – وفي المقابل انتقل حقل "كاريش" لإسرائيل. وشهد هذا الحقل تهديدات عسكرية من قِبل إسرائيل وميليشيا حزب الله "الذراع السياسي والعسكري لإيران" حيث أرسلت الميليشيا مسيرات غير مسلحة فوق حقل كاريش في يوليو الماضي، وأسقطتها إسرائيل، وتمحورت التهديدات حول الإنتاج والتشغيل التجريبي لحقل كاريش بواسطة شركة "إنرجيان" التي أرسلت سفينتها لمنطقة الحقل في يونيو الماضي.

وتقدر صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، الأرباح المتوقعة من حقل "قانا" إلى 20 مليار دولار، فيما تصل احتياطات حقل كاريش إلى 1.75 ترليون قدم مكعب من الغاز.

التعطش لغاز شرق المتوسط: الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أمن الطاقة للعام 2022 وما سيليه هو توفير مصادر بديلة للطاقة لأوروبا بعيدًا عن مصادر الطاقة الروسية، وعلى رأس مصادر الطاقة يأتي الغاز، وعلى رأس مناطق حيازة الغاز، تأتي منطقة شرق البحر المتوسط، حيث وقعت المفوضية الأوروبية اتفاقًا لزيادة صادرات الغاز الطبيعي مع مصر وإسرائيل في يونيو الماضي، وشجعت على ذلك من خلال منشآت تسييل الغاز المصرية في إدكو ودمياط، كما عززت موقف منتدى غاز شرق المتوسط – مقره القاهرة - كآلية إقليمية ومنظمة دولية لتداول الغاز وتصديره لأوروبا، ويأتي لبنان ضمن مصفوفة الدول في شرق المتوسط التي تعزز "المصادر البديلة لأوروبا" في وقت ارتفعت فيه أسعار الغاز في أوروبا لـ 10 أضعاف خلال عام واحد.

تخفيف النفوذ الإيراني في لبنان: وذلك من خلال تأمين مصادر الطاقة الوطنية للبنان، وفك ارتباط أمنها الطاقوي بالأجندات السياسية والطائفية. وهنا تتجلي أهمية وصول الغاز المصري للبنان عبر سوريا، فمن جانب يوفر ساعات إضافية للإنارة والكهرباء، ومن جانب آخر يخفف عن لبنان ارتهانه للآيديولوجيات الطائفية، والأجندات السياسية الخارجية.