غداة إدانة هيئة المحلفين في نيويورك للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يترقب الجميع حكم المحكمة المقرر له في يوليو، إذ سيحدد ما إذا كان سيستقبل العام 2025 في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، أو داخل زنزانة في السجن.
وأقصى عقوبة قد يواجهها ترامب للجريمة التي أُدين بها، وهي تزوير وثائق لإخفاء مبالغ مالية هي السجن لأربع سنوات، إلا أنه عادة ما تصدر أحكام بفترات أقصر للمدانين في مثل هذه الجريمة أو أنهم يواجهون غرامات أو يتم وضعهم تحت المراقبة.
ورغم استبعاد الكثير سيناريو سجن ترامب، إلا أنه يبقى متاحًا لتقدير القاضي خوان ميرشان، الأمر الذي يفرض تساؤلات حول آلية استمرار عمل أفراد الخدمة السريّة في حماية ترامب إذا ما دخل السجن.
وبحسب الموقع الرسمي لجهاز الخدمة السريّة، يتولى الجهاز حماية رئيس الولايات المتحدة ونائبه وعائلتيهما، والرؤساء الأمريكيين السابقين وزوجاتهم وأطفالهم دون 16 عامًا، ورؤساء الدول الزائرين وزوجاتهم، والمرشحين الرئيسيين للرئاسة ومنصب نائب الرئيس في أمريكا وزوجاتهم، ويتولى أفراد الجهاز أيضًا حماية المناسبات الرئيسية.
وأدانت هيئة المحلفين في المحكمة ترامب بـ34 تهمة في قضية تزوير سجلات محاسبية للتغطية على تسديد مبلغ قدره 130 ألف دولار لشراء صمت ممثلة الافلام الإباحية، ستورمي دانييلز، حول علاقة جنسية، قبل انتخابات عام 2016.
وإذا ما أصدر القاضي قرارًا بوضع الرئيس السابق خلف القضبان، لن يكون ترامب "سجينًا عاديًا"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".
ونقلت الصحيفة عن شخصين مطلعين أن المسؤولين في وكالات فيدرالية عقدوا اجتماعا "حول كيفية التعامل مع الموقف" منذ بدء المحاكمة، والتي وضعت سيناريوهات "حماية ترامب" إذا أمر القاضي بسجنه.
وأشار التقرير إلى أن المخاوف كانت منذ أبريل الماضي، إذ تم بحث كيفية التحرك إذا ما أمر القاضي بسجن ترامب لفترة وجيزة بتهمة ازدراء المحكمة في زنزانة بقاعة المحكمة.
والتحدي الأكبر أمام جهاز الخدمة السرية يتمثل بما قد يحدث حال تم الحكم على ترامب بالسجن لأشهر أو بضعة سنوات، وهو ما لم يتم تحديد طريقة التعامل معه بشكل مباشر، بعد مقابلات للصحيفة مع نحو عشرة مسؤولين حاليين وسابقين.
وترجح المصادر التي لم تكشف الصحيفة أسماءهم أن "عقوبة السجن غير محتملة"، فيما قد يضع القاضي الرئيس السابق قيد الإقامة الجبرية، وهو ما يعني أن على ترامب اتباع تعليمات ضباط المراقبة والإجابة على أسئلتهم، ومنع احتكاكه بأي أشخاص سيئي السمعة، وقد يسجن على الفور إذا لم يستجب للضباط أو ارتكب جرائم إضافية.
ولكن إذا تم سجن ترامب، هناك خيار بوجود أفراد من الخدمة السريّة يعملون على مدار الساعة، من أجل توفير حماية للرئيس السابق، وفصله عن السجناء الآخرين، وفحص طعامه وأغراضه الشخصية بشكل دوري، والتناوب على حمايته داخل وخارج المنشأة، وفق ما أكد مسؤولون للصحيفة.
وبسبب حظر الأسلحة النارية داخل السجون، فمن غير المرجح أن يكون العملاء مسلحين، بحسب الصحيفة. وأشار مسؤولون سابقون في إصلاحيات إلى أنه توجد العديد من السجون في ولاية نيويورك التي تم إغلاقها أو إغلاقها جزئيًا، مما يتيح اختيار أي من هذه المرافق الفارغة، واستخدامها لسجن الرئيس السابق، وإتاحة وجود أفراد الخدمة السرية.
ورفض أنتوني جوجليلمي، المتحدث باسم الخدمة السرية في واشنطن، في بيان، "مناقشة عمليات حماية" محددة، وقال إن القانون الفيدرالي "يلزم عملاء الخدمة السرية بحماية الرؤساء السابقين"، وأضاف أنهم "يستخدمون أحدث التقنيات والاستخبارات والتكتيكات للقيام بذلك".
من جهته، أكد فرانك دواير، المتحدث باسم وكالة السجون في نيويورك، في تصريحات مؤخرًا، أن "إدارة السجون ستجد السكن المناسب" للرئيس السابق.
وفي أبريل، أكد المدعي العام لنيويورك، كريس كونروي، خلال الاستماع لشهود في قضية ترامب، أنه يتعين على المحكمة "أن تذكّره- يقصد الرئيس السابق- بأن الحبس خيار قائم إذا اقتضى الأمر".
وكان ذلك بعد توجيه ترامب لانتقادات للشهود على نحو متعمد" وبما يشكل "انتهاكًا صريحًا" لأمر يمنعه من التعرض لأشخاص على صلة بالمحاكمة، بحسب وكالة "فرانس برس".
ويعد ترامب الذي يبلغ 78 عاما في يونيو، أول رئيس أمريكي سابق يدان جنائيًا، لكنه أيضًا أول من يدان أثناء ترشحه للرئاسة عن أحد الحزبين الرئيسيين.
وأصبح دونالد ترامب أول رئيس أمربكي سابق يدان بجرائم جنائية بعد أن أدانته هيئة محلفين في نيويورك بجميع التهم الـ34 والمتعلقة بمخطط للتأثير بشكل غير قانوني على انتخابات عام 2016، من خلال دفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية، قالت إنهما مارسا الجنس.
وعلى الرغم من كشف المحاكمة عن قضايا تتعلق بالجنس والمال والفضائح، فهي لم تؤثر حتى الآن على استطلاعات الرأي، إذ بقيت نتائج ترامب ومنافسه -الرئيس الأمريكي حاليًا- جو بايدن، متقاربة، ولكن مع تقدم طفيف للمرشح الجمهوري في الولايات الرئيسية.
وقال ترامب، أمس الجمعة، إنه سيطعن على حكم الإدانة، رغم أنه سيتعين عليه الانتظار حتى صدور الحكم النهائي، في 11 يوليو، قبل اتخاذ هذه الخطوة.
وفي تصريحات من ردهة برج ترامب في مانهاتن، حيث أعلن عن ترشحه للرئاسة لأول مرة، في عام 2015، كرر ترامب شكواه من أن المحاكمة كانت محاولة لعرقلة مساعي عودته إلى البيت الأبيض، وحذر من أنها أظهرت أنه لا يوجد أمريكي في مأمن من الملاحقة القضائية ذات الدوافع السياسية، على حد تعبيره.
وقال "ترامب"، في خطاب مدته 33 دقيقة: "إذا كان بإمكانهم أن يفعلوا هذا بي، فيمكنهم أن يفعلوا ذلك بأي شخص". وبعد تصفيق أنصاره لم يتلق ترامب أي أسئلة من الصحفيين.
وأضاف: "سنطعن في هذا الاحتيال" على حد قوله، وسيكون أمام ترامب 30 يومًا من تاريخ الحكم عليه، في 11 يوليو، لتقديم طلب الطعن.