كشفت فضيحة تهديدات الموساد للمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية السابقة والصحفيين الإسرائيليين، وعمليات الغلق والمصادرة لمعدات وسائل الإعلام عن القمع الكبير والنهج الذي تتبعه حكومة نتنياهو المتطرفة ضد حرية الإعلام في البلاد التي تصف نفسها بالديمقراطية.
وهدد يوسي كوهين، رئيس جهاز الموساد السابق، في الفترة 2016 - 2021، فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة، وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، تم تكليفه من نتنياهو شخصيًا بتخويفها من خلال سلسلة من الاجتماعات السرية، حاول خلالها الضغط عليها للتخلي عن التحقيق في جرائم الحرب، أو تجنديها عبر الاستجابة لمطالب إسرائيل.
تهديدات الصحفيين
وفي أحدث عمليات القمع التي تمارسها حكومة بنيامين نتنياهو، كشفت الجارديان عن تهديدات جديدة تعرض لها صحفي استقصائي في صحيفة هآرتس اليسارية بإسرائيل، من قبل مسؤولين أمنيين، إذ هددوه باتخاذ إجراءات ضده إذا نشر تقارير عن محاولات رئيس الموساد السابق لترهيب المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية.
وكان الصحفي يحقق فيما كان رئيس الموساد يفعله خلال ثلاث رحلات قام بها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، مشيرًا إلى أنه تلقى اتصالًا من مسؤولين هددوه بأنه سيتحمل عواقب نشر أي قصة عن الموضوع وسيزور بموجبها غرفة التحقيق التابعة لسلطات الأمن الإسرائيلية، محذرين من مشاركة أي معلومات مع أي وسيلة إعلامية أجنبية.
معدات أسوشيتد برس والجزيرة
لم تكن تلك المرة الأولى التي تتعرض فيها حرية الإعلام في إسرائيل لممارسات قمعية، وفي القريب استولى مسؤولون إسرائيليون على كاميرا ومعدات بث تابعة لوكالة أسوشيتد برس في جنوب إسرائيل، متهمين الوكالة الأمريكية بانتهاك قانون البث الأجنبي في البلاد.
ذلك الأمر، أثار عملية إدانة واسعة النطاق من المجموعات الإعلامية العالمية وانتقادات من أقرب حلفاء إسرائيل وهي الولايات المتحدة، إذ أعلن البيت الأبيض أنه يحقق في الحادث الذي وصفه بالمثير للقلق، وأمام ذلك الضغط سارعت إسرائيل على إعادة المعدات وإعادة بث القناة مرة أخرى.
هدف استراتيجي
الإعلاميون الإسرائيليون أنفسهم وصفوا حكومة نتنياهو بأنها معادية للصحافة ووضعتها كهدف استراتيجي لقمعها، إذ قالت عنات ساراجوستي، مديرة حرية الصحافة في اتحاد الصحفيين بإسرائيل، لقناة سي بي سي نيوز الكندية، إن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، منذ بداية ولايتها وضعت حرية الصحافة كهدف.
ويواجه بنيامين نتنياهو العديد من الاتهامات، منها ما يتعلق بالسيطرة على وسائل الإعلام، وبحسب المدير التنفيذي لمجلة +972 التي شاركت في التحقيق الاستقصائي للكشف عن تهديدات الموساد فإن الحكومة الإسرائيلية، حتى قبل بدء حرب غزة معادية للصحافة، كما يوجد وزير الاتصالات الذي يرى أن دوره هو محاربة الصحافة الحرة، والساسة الذين يحاولون تمرير مشروعات القوانين التي تقيد البيئة الإعلامية.
كريم خان واعتقال نتنياهو
يأتي الكشف عن جهود الموساد للتأثير على بنسودا في الوقت الذي حذّر فيه المدعي العام الحالي كريم خان، في الأيام الأخيرة من أنه لن يتردد في مقاضاة محاولات إعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير لائق على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، عقب سعيه لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير دفاعه يوآف جالانت، بشأن سلوك البلاد في حربها على غزة.
واستخدم كوهين، وفقًا للجارديان، "تكتيكات حقيرة" ضد بنسودا كجزء من جهود تخويفها والتأثير عليها، لعدم إجراء حقيق جنائي في قضية فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية، ووفقًا لمسؤولين سابقين في المحكمة الجنائية الدولية، فإن تصرفات رئيس جهاز الموساد يمكن أن ترقى إلى مستوى الجرائم ضد إدارة العدالة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، وهي المعاهدة التي أنشأت بموجبها المحكمة.