أبدى نحو 50 خبيرًا أمميًا في مجال حقوق الإنسان، غضبهم إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيم يؤوي مدنيين نازحين في تل السلطان بمدينة رفح الفلسطينية، جنوبي قطاع غزة، ليلة الأحد الماضي، والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 46 شخصًا، من بينهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن.
وطالب الخبراء باتخاذ إجراء دولي حاسم لوقف إراقة الدماء في غزة.
ضربات عشوائية
وقال الخبراء، في بيانهم: "ظهرت صور مروعة للدمار والتشريد والموت من رفح الفلسطينية، بما فيها تمزيق أطفال رضع وحرق أناس وهم أحياء".
وتشير التقارير الواردة من الأرض إلى أنّ الضربات كانت عشوائية وغير متناسبة، حيث حوصر الناس داخل خيام بلاستيكية مشتعلة، ما أدى إلى حصيلة مروعة من الضحايا.
وأضاف الخبراء الأمميون أنّ هذه الهجمات الوحشية تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتمثل أيضًا هجومًا على اللياقة الإنسانية وإنسانيتنا المشتركة.
استشهاد 67 فلسطينيًا
ومساء الأحد الماضي، استُشهد 46 فلسطينيا وأصيب العشرات، أغلبهم أطفال ونساء، في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي استهدف خيام نازحين في منطقة تل السلطان شمال غرب رفح، رغم أنها كانت ضمن المناطق التي زعم الاحتلال أنها آمنة ويمكن النزوح إليها أيضًا.
ويوم الثلاثاء، استُشهد 21 فلسطينيًا وأصيب آخرون، في مجزرة جديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها مخيمًا للنازحين في منطقة المواصي، وهي المنطقة الرئيسية التي ادعى الاحتلال أنها "آمنة" في بداية اجتياح قواته برًا لرفح في 7 مايو الجاري.
استهداف متهور
وقال الخبراء الأمميون إن الاستهداف المتهور للمواقع التي يعرف أنها تؤوي فلسطينيين نازحين، بمن فيهم النساء والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن، الذين يلتمسون اللجوء، يشكل انتهاكًا خطيرًا لقوانين الحرب وتذكيرًا قاتمًا بالحاجة الملحة إلى التحرك الدولي والمساءلة.
وتابع: "وحتى لو ادعى القادة الإسرائيليون الآن أن الضربات كانت خطأ، فإنهم يتحملون المسؤولية القانونية الدولية، وإن وصف ذلك بالخطأ لن يجعل الغارات قانونية، ولن يعيد القتلى في رفح الفلسطينية أو يريح الناجين المكلومين".
إسرائيل تفلت من العقاب
وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن الهجوم يأتي بعد وقت قصير من صدور حكم تاريخي من محكمة العدل الدولية، يأمر إسرائيل بالوقف الفوري للهجوم العسكري، وأي عمل آخر في رفح الفلسطينية قد يؤدي إلى أفعال إبادة جماعية.
ونبهوا إلى أنّ إسرائيل تجاهلت هذه التوجيهات بشكل صارخ خلال هجوم ليلة الأحد.
وذكروا أن أوامر محكمة العدل الدولية -مثل تلك الصادرة في 24 مايو 2024 لإسرائيل- ملزمة.
وشددوا على ضرورة أن تمتثل إسرائيل لهذه الأوامر، وذكروا أن إسرائيل تمتعت بالإفلات من العقاب على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني لعقود من الزمن، وعلى هجومها الوحشي على الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأشهر الثمانية الماضية.
إجراء تحقيق دولي
وطالب الخبراء بإجراء تحقيق دولي مستقل في الهجمات على مخيمات النازحين في رفح الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع.
ودعوا إلى فرض عقوبات فورية وإجراءات أخرى من جانب المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل كي تمتثل للقانون الدولي.
وشدد الخبراء الأمميون على ضرورة أن يتوقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل على الفور، وقالوا إنه من الواضح تمامًا أن هذه الأسلحة تستخدم لقتل وتشويه المدنيين الفلسطينيين بوحشية.
وطالبوا بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق ووضع حد للحصار والقيود المفروضة على إيصال المساعدات المنقذة للحياة للمدنيين في القطاع المحاصر.
إنقاذ الإنسانية المشتركة
وتابع الخبراء: "قُتل أو جُرح ما يصل إلى 5% من سكان غزة، ودُمر أكثر من 70% من المنازل، وتم تشريد أكثر من 75% ومعاناة الشعب الفلسطيني في غزة يجب أن تنتهي".
وأعرب الخبراء عن إحباطهم العميق إزاء فشل المجتمع الدولي في العمل معًا ووقف الهجوم الإسرائيلي الوحشي على القطاع.
واختتم البيان: "لا يمكن التسامح مع هذا، إن وقف إطلاق النار الفوري والدائم، إلى جانب اتخاذ تدابير هادفة لتوثيق وضمان المساءلة عن الفظائع، وتأمين الحقوق الأساسية للفلسطينيين في غزة، هو السبيل الوحيد للمضي قدما لإنقاذ إنسانيتنا المشتركة".