"خطأ مأساوي".. هكذا اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "محرقة الخيام"، التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد النازحين في غرب رفح الفلسطينية، مساء الأحد، وأثارت غضبًا دوليًا واسعًا، وتحركات من المعارضة الإسرائيلية للإطاحة به.
وقال "نتنياهو" في خطاب بالكنيست قاطعته صيحات استهجان من مشرعين معارضين إنه "في رفح، قمنا بإجلاء نحو مليون مدني، وعلى الرغم من جهودنا القصوى لعدم إلحاق الضرر بالمدنيين الأبرياء، وقع الليلة الماضية خطأ مأساوي".
وكانت السُلطات الصحية في غزة، أعلنت عن ارتفاع عدد ضحايا القصف الذي استهدف مخيم النازحين في البريكسات غرب رفح، إلى 45 شهيدًا، منهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب 249 جريحًا.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" عن شهود عيان، إن طائرات إسرائيلية قصفت بثمانية صواريخ على الأقل، منطقة "بركسات الوكالة" التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وأدانت المنظمات الدولية الهجوم الإسرائيلي على مخيمات النازحين في رفح، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن الحادث يوضح أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، واصفًا الوضع في رفح بأنه "رعب يجب أن يتوقف".
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن الهجوم يشير إلى أنه "ليس هناك تغيير واضح في أساليب ووسائل الحرب التي تستخدمها إسرائيل، والتي أدت بالفعل إلى مقتل الكثير من المدنيين".
وطالب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، بإجراء تحقيق شامل وشفاف في هذه المجزرة، ومحاسبة المسؤولين عن أي مخالفات، واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين بشكل أفضل. وقال: "أشعر بقلق بالغ إزاء مقتل العديد من النساء والأطفال في منطقة لجأ إليها الناس"، مجددًا الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأكد الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تمتثل إسرائيل للحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضي، بوقف الغارات على رفح الفلسطينية.
ووصف جوزيب بوريل، مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، هجوم يوم الأحد بأنه "مروع"، وقال: "ما حدث الليلة الماضية يدفعنا إلى المطالبة بضرورة تطبيق قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب بشكل فوري."
وقال وزير خارجية ودفاع أيرلندا، ميشال مارتن، إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أجروا للمرة الأولى مناقشات مهمة حول فرض عقوبات على إسرائيل، إذا لم تلتزم بالقانون الإنساني الدولي.
وقال "مارتن" للصحفيين عقب انعقاد مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد: "كان هناك إجماع واضح للغاية حول ضرورة دعم المؤسسات القانونية الإنسانية الدولية"، مشيرًا إلى أنه "للمرة الأولى في اجتماع للاتحاد الأوروبي، رأيت، بطريقة حقيقية، مناقشة مهمة بشأن العقوبات".
وأضاف: "كان هناك نقاش قوي حول الأوامر المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، مع وجهات نظر واضحة، مُفادها أن إسرائيل يجب أن تلتزم بتلك الأوامر المؤقتة لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ووقف عملياتها العسكرية في رفح الفلسطينية".
وكانت محكمة العدل الدولية أمرت، الجمعة الماضي، إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح الفلسطينية، كما أمرتها بالإبقاء على معبر رفح من الجانب الفلسطيني مفتوحًا؛ لضمان وصول المساعدات الإنسانية "بدون عوائق".
ورغم ذلك واصل جيش الاحتلال هجومه على رفح الفلسطينية، بما في ذلك قصف مخيم النازحين، وخرج مئات المتظاهرين حول العالم للتعبير عن غضبهم بعد المجزرة الإسرائيلية الجديدة في رفح الفلسطينية.
في الولايات المتحدة الأمريكية، خرجت مسيرة تحت المطر في مدينة نيويورك، وهتفوا قائلين: "المقاومة مبررة عندما يكون الشعب محتلًا".
كما تجمع المئات في مقر المفوضية الأوروبية في برشلونة وخارج وزارة الخارجية في مدريد؛ للمطالبة بتشديد القبضة على إسرائيل وفرض عقوبات أقوى عليها.
وجاءت المسيرات عشية اعتراف إسبانيا رسميًا بدولة فلسطين، والذي أعلن عنه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، إلى جانب أيرلندا والنرويج، اليوم الثلاثاء.
وفي العاصمة الفرنسية باريس، تجمع الآلاف بالقرب من السفارة الإسرائيلية للاحتجاج ضد الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، واستخدمت الشرطة الغاز المُسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
ورغم هذا الغضب الدولي، نفذ جيش الاحتلال قصفًا جديدًا لخيام النازحين شمال غربي مدينة رفح، ليلة الثلاثاء، وأدى حتى الآن لاستشهاد 16 فلسطينيًا.
وبعد اعتراف نتنياهو بارتكاب مجزرة خيام النازحين في رفح الفلسطينية، اتهمه زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بالفشل الذريع، واصفًا إياه برئيس وزراء غير شرعي.
وتوعد "لابيد" بطرد "نتنياهو" من الحكومة، وقال إن رئيس الحكومة الإسرائيلية يخشى في الواقع من الوزيرين المتطرفين، إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموترتيش.
واتفق زعماء أحزاب بالمعارضة الإسرائيلية على الاجتماع، غدًا الأربعاء، لبحث سبل إسقاط حكومة بنيامين نتنياهو وتشكيل أخرى، وفق إعلام عبري.
وحسب القناة 12 الإسرائيلية، أعلن زعيم المعارضة يائير لابيد، ورئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيجادور ليبرمان، ورئيس حزب أمل جديد جدعون ساعر، أنهم سيجتمعون الأربعاء، لبحث تنسيق التحركات للإطاحة بالحكومة.
من جانبها، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم"، إن لابيد وليبرمان وساعر، سيحاولون ضم الوزير بمجلس الحرب بيني جانتس إليهم، ودفعه لمغادرة الحكومة حتى قبل نهاية المهلة التي حددها لنتنياهو.
وفي 18 مايو الجاري، أمهل جانتس نتنياهو حتى الثامن من يونيو المقبل، لوضع استراتيجية واضحة للحرب وما بعدها، وإلا سينسحب من الحكومة.
ونقلت القناة الـ13 الإسرائيلية، عن مصادر قولها، إن نتنياهو يستعد لحل مجلس الحرب بعد الإنذار الذي وجهه جانتس.