بملامح هادئة وشخصية مسيطرة وأداء لا يشبه أحدًا، وقدرة على النفاذ والوصول لقلوب الجمهور، اقتنصت الفنانة الراحلة فاتن حمامة لقب "سيدة الشاشة العربية" بلا منازع، فالتاريخ الكبير الذي قدّمته على مدار سنوات حياتها حفظ مكانتها الكبيرة على مستوى الوطن العربي.
قبل 93 عامًا ولدت سيدة الشاشة العربية، التي تحلُّ ذكراها في مثل هذا اليوم 27 مايو عام 1931، التي دخلت مجال التمثيل في عمر مبكر وسجّلت السينما المصرية مراحل حياتها، إذ ظهرت لأول مرة في طفولتها مع المخرج محمد كُريّم في فيلم "يوم سعيد" مع الفنان محمد عبد الوهاب، وشاركته مرة أخرى في فيلم "رصاصة في القلب"، ثم فيلم "دنيا" الذي كان تأكيدًا لموهبتها ونجوميتها منذ الصغر.
اتسمت شخصية فاتن حمامة بالجرأة والثبات الانفعالي، ففي سنوات طفولتها وقفت أمام محمد عبدالوهاب ويوسف وهبي، وهو ما أسهم في بزوغ نجمها، وهو ما أكده عبد الوهاب بقوله: "كانت فاتن حمامة صغيرة في السن بفيلم "يوم سعيد" لكنها لم ترهب الكاميرا أو تخشى مواجهة الكبار".
ارتبط اسم فاتن حمامة بالسينما العربية فكانت واحدة من أيقوناتها وواحدة ممن أثروا الحياة الفنية بالكثير من الأعمال المؤثرة، فلم تكن شاهدة على تطور السينما المصرية لكنها انحازت للمرأة وعبّرت عن قضاياهن وآمالهن وآلامهن، في عدد من الأفلام مثل "إمبراطورية ميم" الذي ناقشت فيه قضية المرأة العاملة وقيامها بدور الأب والأم مع غياب الزوج وتحمّل مسؤولية الأولاد، وفيلم "أريد حلًا" وتعرضت فيه لقضية الطلاق، وفيلم "الأستاذة فاطمة" الذي عبرت من خلاله عن أهمية ودور المرأة في المجتمع بعدما دافعت عن حبيبها (كمحامية) عند اتهامه في قضية قتل لتثبت براءته للمحكمة.
قدّمت فاتن حمامة الكثير من الأعمال المأخوذة من روايات أدبية، ومن بينها فيلم "دعاء الكروان" للكاتب طه حسين، الذي ظهر بصوته في نهاية الفيلم، ورغم كثرة أفلامها التي قدمتها لكن يظل هذا الفيلم الأقرب والأحب لقلبها، وقد اختير العمل ليكون من بين أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.
كان فيلم "بابا أمين" الانطلاقة القوية لفاتن حمامة في عالم الشهرة والنجومية، لتعرف بعده البطولة المطلقة طريقها إليها ويتهافت عليها الجهات المنتجة والمخرجون، ويتم اختيار 8 أفلام لها من بين أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي " لا أنام"، "لك يوم يا ظالم"، "ابن النيل"، "أريد حلًا"، "إمبراطورية ميم"، "صراع في الوادي"، "دعاء الكروان"، و"منزل رقم 13".
ربما لا تكفي الكلمات لتعبر عن موهبة فاتن حمامة والسجل الحافل في مشوارها المميز، وهو ما وضعها في مكانة لا ينافسها أحد عليها، فيؤكد ذلك حضورها الدائم في قلوب كل جمهورها بالوطن العربي رغم مرور نحو 9 سنوات على رحيلها منذ عام 2015.