تصاعدت حدة المواجهات السياسية خلال الأيام الماضية بين قادة روسيا ونظرائهم في الغرب أعضاء تحالف الناتو، فما بين التجهيز سرًا للحرب ومن لم يكن معنا أصبح ضدنا، تجد أوكرانيا نفسها في حالة يرثى لها مع اشتداد الضغط الروسي على مختلف الجبهات، على الرغم من المساعدات الهائلة.
وتُواجه أوكرانيا -التي أنهكتها الحرب- مستقبلًا قاتمًا، حيث تآكلت ربع البلاد تقريبًا على يد الروس، ويُعاني الجيش من نقص في المعدات والجنود، التي تحتاجها الخطوط الأمامية، بجانب اقتصاد مُنهك، يجعل الحلفاء الغربيين والمنظمات الدولية طوق النجاة، ليس فقط من أجل المساعدات العسكرية، بل ومن أجل الدعم المالي والمساعدات الإنسانية للأوكرانيين، الذين يعانون تحت وطأة الحرب.
مرحلة حرجة: أحدث تلك التصريحات جاءت من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي أكد أن المرحلة الحادة من المواجهة العسكرية والسياسية بين روسيا والغرب تسير على "قدم وساق"، وبحسب وكالة "سبوتنيك"، جاءت تلك التصريحات خلال اجتماع مجلس السياسة الخارجية والدفاع ردًا على الخطاب المناهض لروسيا من القادة الأوروبيين.
وسبقه بساعات نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، الذي وصف قادة الناتو بـ"الحمقى"، لقيامهم بتزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، بكميات كبيرة، رغم تقيدهم باستخدامها فقط داخل أجوائها، وهو ما يفسره مدفيديف بأنهم يريدون أن تكون أوكرانيا بالكامل تحت سيطرة روسيا.
كما دعت روسيا شركاءها من دول العالم بتوخي اليقظة والامتناع عن المشاركة في المؤتمر السويسري حول أوكرانيا، ووفقًا للمتحدثة باسم الخارجية الروسية، فإن كل من يرفض المشاركة في المؤتمر المقبل، يمنعون أنفسهم بهذا القرار من الانجرار إلى طريق مناهضة روسيا، وسارعت إدارة الرئاسة البرازيلية، ومكتب رئيس جنوب إفريقيا، بالتصريح بعدم مشاركتهما في المؤتمر يونيو المقبل.
سيناريو قاتم: في المقابل لم يستبعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إمكانية مواجهة روسيا في أوكرانيا، وبحسب تصريحاته مع صحيفة "لو باريزيان" الأيام الماضية، أكد أنه على الرغم من أنه لا يريد ذلك، إلا أنه في مرحلة ما يجب تنفيذ عمليات على الأرض، مهما كلف الأمر، لمواجهة القوات الروسية، مشددًا على أن قوة فرنسا تمكنها من ذلك.
أما ألمانيا، فقد نشرت وكالة "سبوتنيك" تقريرًا من صحيفة "بيلد" الألمانية، أكدت خلاله أن حلف شمال الأطلسي الناتو، يستعد لمواجهة هجوم روسي واسع النطاق على الجانب الشرقي للحلف، وذلك عبر تسريبها وثيقة سرية لوزارة الدفاع الألمانية تؤكد فيه تفاصيل الصراع المحتمل.
تحصينات آمنة: ووفقًا للوثيقة المسربة، فإن تصرفات روسيا بلغت ذروتها بموجة التعبئة الأخيرة وتجنيد 200 ألف جندي إضافي، وهو ما ينذر باندلاع حتمي للحرب في صيف عام 2025، التي ستبدأ بهجمات إلكترونية وأشكال أخرى من الحرب الهجينة في دول البلطيق، ثم يتفاقم الوضع بنقل صواريخ بعيدة المدى على حدود الناتو، ثم تبدأ الحرب.
بولندا بدورها تعمل على حماية حدودها مما وصفته بالتهديدات المتزايدة من روسيا وروسيا البيضاء، وبحسب تصريحات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك التي نقلتها رويترز، فإن بلاده ستستثمر 2.55 مليار دولار في برنامج لتأمين حدودها الشرقية، وتعزيز دفاعاتها، وهو المشروع الذي وصفه بالكبير لبناء تحصينات آمنة، تجعل من المستحيل عبورها.
أوكرانيا عالقة: ووسط تلك الحرب السياسية بين روسيا والناتو، تجد كييف نفسها عالقة لا تمتلك سوى 25% مما تحتاجه للدفاع عن نفسها، وبحسب ما قاله الرئيس الفرنسي في مقابلة وكالة "فرانس برس"، فإن إوكرانيا ليس لديها سوى ربع أنظمة الدفاع الجوّي، مضيفًا أنهم في حاجة إلى 120 طائرة مقاتلة من طراز إف-16 لمواجهة القوّة الجوية الروسية البالغ عددها 300 مقاتلة.