على نحو غير متوقع أبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير دفاعه المقرب سيرجي شويجو، لصالح المدني أندريه بيلوسوف الذي لا يحظى بخبرة عسكرية، إلا أن خبرته الاقتصادية رجّحت كفته في خضم الحرب الروسية ضد أوكرانيا، إذ شغل سابقًا مناصب عليا في الإدارة المالية والاقتصادية التابعة لمكتب رئيس الوزراء وفي وزارة التنمية الاقتصادية.
وفي عام 2013، تم تعيينه مستشارًا للرئيس فلاديمير بوتين، ويشغل منصب نائب رئيس الحكومة منذ يناير 2020، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.
التخطيط للإطاحة
أرجع معهد دراسات الحرب الأمريكي (ISW)، أسباب الإطاحة بوزير الدفاع سيرجي شويجو، مع دخول الحرب الروسية عامها الثاني، وفق أحدث تحليل، إلى أن الرئيس الروسي خطط منذ فترة كبيرة لهذه الخطوة، في ظل الأزمات التي لاحقت الرجل المقرب منه سريجي شويجو، من بينها عدم التمكن من تحقيق المكاسب المنتظرة على أرض الميدان، وقبل الاستقرار على أندريه بيلوسوف، حاول الرئيس الروسي إقناع أليكسي ديومين (عضو فرقة فاجنر) لكي يحل محل شويجو، في لقاء جمعهما أخيرًا، وهو ما أكد أن بوتين لديه رغبة منذ فترة كبيرة للإطاحة بوزير الدفاع سريجي شويجو.
وكان أليكسي ديومين، في السابق حارسًا شخصيًا للرئيس ونائب وزير الدفاع المؤقت في الصيف الماضي.
وفي يونيو من العام الماضي، تناولت وسائل إعلام روسية وأوكرانية ما يفيد بأن حاكم منطقة تولا أليكسي دومين، قد يصبح وزير الدفاع الروسي الجديد، ليحل محل سيرجي شويجو، بحسب موقع "بلونيوز" السويسري.
تهم الفساد
يرى معهد دراسات الحرب الأمريكي أن هناك مؤشرات على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما يكون وراء اعتقال نائب شويجو، تيمور إيفانوف، الذي تم سجنه أخيرًا بتهمة الفساد، الأمر الذي ينظر له على استهداف رجال وزير الدفاع الروسي.
ولم يكن اعتقال إيفانوف، هي الحالة الوحيدة، فقد تم استدعاء نائب وزير الدفاع الروسي رستم زاليكوف من قِبل جهاز الأمن الفيدرالي، ويعتبر الرجل الثالث بعد شويجو ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف، بحسب معهد دراسات الحرب والمخابرات البريطانية.
وأكد المعهد الصلة الوثيقة بين "شويجو" ونائبه إيفانوف، وقد يشير اعتقال إيفانوف، وظهور ديومين المفاجئ إلى أن الكرملين غير راضٍ عن أداء شويجو.
"شويجو ".. وحده على الساحة
وقال المعارض الروسي ميخائيل خودوركوفسكي، على منصة "إكس"، إنه مع وفاة رئيس فاجنر يفجيني بريجوجين، سيطر شويجو فعليًا على جميع القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا، ما أعطى الرئيس الروسي انطباعًا بأن الجيش وقائده في قوة تحتاج إلى كبح جماحهم.
خبرة اقتصادية
من جانبه برّر الكرملين، على لسان دميتري بيسكوف، قرار الإطاحة بوزير الدفاع الروسي، بعد أكثر من عامين على الحرب الروسية في أوكرانيا، بأنه يأتي في ضوء الإنفاق العسكري المتزايد، الذي يُلح على روسيا بوجود خبرة اقتصادية على رأس وزارة الدفاع.
وقال بيسكوف: "يجب أن يكون وزير الدفاع منفتحًا على الابتكار، ولطرح أي أفكار تقدمية، وأولئك الذين هم أكثر انفتاحًا على الابتكار سيكونون منتصرين في ساحة المعركة".
ويتبنى "بيلوسوف"، مبدأ الاقتصاد الرقمي، الذي شرحه للرئيس فلاديمير بوتين، ووضع خطة مستقبلية للحرب.
تعزيز صناعة الأسلحة
وأوضح الخبير الروسي ألكسندر باونوف أن "بوتين" يخطط لكسب الحرب ضد أوكرانيا من خلال تعزيز صناعة الأسلحة وبمساعدة الأسواق الدولية، وهو ما يبرر حقيقة أن بوتين اختار ممثلًا للجناح الاقتصادي في القيادة الروسية وليس عضوًا في الأجهزة الأمنية.
إخفاقات عسكرية
ومع تأخر التقدم الروسي على أرض الميدان، طالت "شويجو" شائعات تفيد بأنه على وشك الرحيل عن منصبه، في ظل الهجوم المتكرر عليه من قبل قائد مجموعة "فاجنر " الخاصة، الذي رفض توقيع العقود للانضمام للجيش الرسمي، تحت إدارة وزير الدفاع الحالي.
وتعرّض "شويجو" لانتقادات متكررة في روسيا بسبب إخفاقاته العسكرية في أوكرانيا، وفي عام 2014، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في خطوة لم تحظ باعتراف دولي ودعمت أيضًا الإنفصاليين في شرق أوكرانيا.
نهاية حقبة الـ12 عامًا
ويعد "شويجو" وزير الدفاع الأطول خدمة في حكومة بوتين، بعد أن اعتلى منصب الوزارة، عام 2012، وسبقه بالمنصب السياسي الأشهر في عهد بوريس يلتسين، كوزير الحماية المدنية عام 1990.
وتولى شويجو، وزارة الدفاع الروسية قبل 12 عامًا، وتحديد في عام 2012، ومع الحرب الروسية الأوكرانية الذي كان فيها أحد العقول المدبرة للعملية العسكرية، حاول البعض إفساد علاقته بالرئيس الروسي.
وتدرج وزير الدفاع الروسي في العديد من المناصب خلال الحقبة السوفيتية، كمهندس مدني، ثم وزيرًا للحماية المدنية وأخيرًا وزير دفاع.
وزير الدفاع الروسي، البالغ من العمر 68 عامًا، حظى بتكريم من "بوتين" قبل ثلاث سنوات، حين حصل على واحدة من أرفع الجوائز الروسية، وسام "خدمات الوطن"، بحسب "فرانكفورت راند شو".
كما حصل شويجو أيضًا على جوائز الدولة من بينها ثناء من الرئيس (1993 و1999)، شهادة تقدير من الحكومة (2000)، وثناء من الحكومة (2005).
ويشتهر وزير الدفاع سيرجي شويجو، بأنه متعدد المواهب وقدرته على تحدث أكثر من 8 لغات بطلاقة غير الروسية، بما في ذلك الإنجليزية، اليابانية، الصينية، التوفانية، والتركية، كما أشيع عنه حبه للعزف على الجيتار، إلى جانب موهبة الرسم بحسب صحيفة "ذا سيربين تايمز".