في بداية عام 2024، بدا أن الاقتصاد يقدم كل ما يريده الرئيس جو بايدن تقريبًا، من انخفاض التضخم، والنمو القوي، وتوقعات بتخفيضات أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الناتج الاقتصادي.
ولكن منذ ذلك الحين، أصبحت التوقعات المشرقة أكثر قتامة، إذ أثبت التضخم أنه عنيد، وتباطأ الإنتاج، ولعل أبرز ما في الأمر هو أن الاحتياطي الفيدرالي ألقى بظلال من الشك على ما إذا كان تخفيض أسعار الفائدة سيتحقق.
ونقلت شبكة" أيه. بي. سي. نيوز" عن الخبراء، أن تأخير تخفيضات أسعار الفائدة يمثل تحديًا لبايدن، وقد يجعل إعادة انتخابه أكثر صعوبة. وأشاروا إلى أن عدم وجود تخفيضات قد يؤثر على الناتج الاقتصادي، ويؤدي إلى تفاقم الألم المالي للتضخم.
علاوة على ذلك، إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فمن المرجح أن تظهر أي فوائد إلى ما بعد يوم الانتخابات. ويقول الخبراء إن هذه الفوائد ستكون ضعيفة أيضًا؛ نظرًا لأن المقاييس الرئيسية لتعافى الاقتصاد لا تزال قوية إلى حد ما، مثل وتيرة التوسع الاقتصادي ومستوى البطالة.
وقال مات جروسمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية ميتشيجان، الذي يدرس دور الأداء الاقتصادي في السياسة الانتخابية، لـ"أيه بي سي نيوز" إن "أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي وهذا يضر بإعادة انتخاب الرئيس".
أضاف جروسمان: "الأمر الوحيد المجهول هو الجدول الزمني"، في إشارة إلى أنه تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة، قد يكون الوقت قد فات الآن لإحداث تأثير كبير على الأداء الاقتصادي".
وفي اجتماع الأسبوع الماضي، قرر الاحتياطي الفيدرالي إبقاء سعر الفائدة القياسي ثابتًا للمرة السادسة على التوالي، وقال البنك المركزي الأمريكي، إنه لا يتوقع خفض أسعار الفائدة حتى يتأكد من أن التضخم يتحرك نحو الانخفاض بشكل مستدام.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، في مؤتمر صحفي بواشنطن العاصمة يوم الأربعاء الماضي: "حتى الآن لم تمنحنا البيانات ثقة أكبر. من المرجح أن يستغرق اكتساب مثل هذه الثقة الأكبر وقتًا أطول مما كان متوقعًا في السابق."
وانخفض التضخم بشكل ملحوظ من ذروته البالغة 9.1%، لكنه لا يزال أعلى بأكثر من نقطة مئوية من المعدل المستهدف من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
ومنذ شهر يوليو الماضي، تراوح سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بين 5.25% و5.5%، وهو ما يعادل أعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وتمثل التخفيضات المتأخرة في أسعار الفائدة ضربة لحملة بايدن، لأن موقف الاحتياطي الفيدرالي يوضح الحاجة إلى مكافحة مستمرة ضد التضخم، كما قال ستيف بومز، رئيس إحدى الشركات الاستشارية في واشنطن دي سي.
وقال بومز: "إذا كنت في حملة بايدن، فإنك تأمل أن تأتي تخفيضات أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن؛ لأن الناخبين يميلون إلى التصويت على أساس جيوبهم".
ومن شأن تخفيضات أسعار الفائدة أن تقلل من تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات، مما قد يؤدي إلى موجة من النشاط الاقتصادي من خلال زيادة إنفاق الأسر واستثمارات الشركات.
ويمكن لحاملي بطاقات الائتمان الحصول على بعض الراحة الفورية من أسعار الفائدة المرتفعة للغاية، بينما سيشهد مشترو المنازل المحتملين انخفاض معدلات الرهن العقاري.
وقال بومز، إنه حتى سلسلة من التخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية في الاحتياطي الفيدرالي لن تقلل بشكل كبير تكاليف الاقتراض هذه. وأضاف أن تخفيضات أسعار الفائدة سترسل إشارة مهمة على أن الإدارة تمكنت من السيطرة على التضخم.
ويشكل الاقتصاد مسؤولية سياسية على بايدن. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "جالوب" في مارس أن 37% من البالغين في الولايات المتحدة يوافقون على تعامل بايدن مع الاقتصاد، وهو أقل قليلًا من معدل موافقته الإجمالي البالغ 40%.
وتحسنت المشاعر العامة بشأن الاقتصاد في الأشهر الأخيرة، لكنها لا تزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الوباء، وفقًا لمسح أجرته جامعة ميتشيجان.
ومع ذلك، كان أداء الاقتصاد جيدًا على العديد من المقاييس الرئيسية. وتباطأ النمو الاقتصادي في الأشهر الأخيرة، ولكنه مستمر على قدمٍ وساقٍ وبقوة. وتقف البطالة قرب أدنى مستوى لها منذ 50 عامًا.
ونقلت" أيه بي سي نيوز" عن جو ستون، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوريجون، إنه من غير المرجح أن تغير حركة أسعار الفائدة قبل يوم الانتخابات العوامل الاقتصادية التي تؤثر على مواقف الناخبين، مثل البطالة أو معدل النمو.
وقال ستون: "معظم العوامل الاقتصادية التي من شأنها أن تؤثر على الانتخابات قد تم تحديدها بالفعل في هذا الوقت القريب من الانتخابات".