يبدو أن شركات الطاقة العاملة في الدول صاحبة النسبة الأعلى من الانبعاثات الحرارية، ثبتت تقنيات يمكن أن تمنع تحديد انبعاثات الميثان وثاني أكسيد الكربون والملوثات في المنشآت الصناعية التي تتخلص من الغاز الطبيعي غير المربح، والمعروف صناعيًا بـ "الإحراق".
وكشف تحقيق في صور الأقمار الصناعية، أجرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن معدات النفط والغاز التي تهدف إلى خفض انبعاثات غاز الميثان، تمنع العلماء من الكشف بدقة عن الغازات الدفيئة والملوثات.
الشعلات المغلقة
تستخدم شركات الوقود الأحفوري مشاعل الإحراق عندما يكون الحصول على الغاز الطبيعي أكثر تكلفة مما يمكن أن تنتجه عن طريق بيعه. وهنا، تطلق ثاني أكسيد الكربون والملوثات السامة عندما تحترق وكذلك المواد الكيميائية المسببة للسرطان.
وعلى الرغم من المخاطر الصحية، فإن الجهات التنظيمية في بعض الأحيان تفضل إحراق الغاز الطبيعي -الذي يتكون من 90% من غاز الميثان- بدلاً من إطلاقه مباشرة في الغلاف الجوي، وهو ما يُعرف باسم "التنفيس".
ومنذ سنوات، يستخدم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الهيئات التنظيمية، الأقمار الصناعية للعثور على مشاعل الغاز وتوثيقها. مع تنبيه شركات الطاقة لإيجاد طرق للتخلص من الغاز بدلًا من حرقه أو تنفيسه.
وأطلق البنك الدولي مبادرة "صفر حرق روتيني 2030" في مؤتمر باريس للمناخ للقضاء على حرق الغاز غير الضروري؛ وذكر أحدث تقرير له أن حرق الغاز انخفض بنسبة 3% على مستوى العالم، من عام 2021 إلى عام 2022.
لكن منذ إطلاق المبادرة، بدأت "الشعلات المغلقة" في الظهور في نفس البلدان التي وعدت بوقف حرق الغاز؛ وهي وفق خبراء تحدثوا لـ "الجارديان" تؤدي العمل نفسه، باستثناء أن اللهب مخفي.
ورغم أن الحرق المغلق، في الحقيقة، أفضل من التنفيس، لكن الانتقال إلى الشعلة المغلقة لا يمثل تحسنًا في تقليل الانبعاثات.
وحسب الخبراء، فإن الطريقة الوحيدة للكشف عن مشاعل حرق الغاز على مستوى العالم هي استخدام أدوات محمولة على الأقمار الصناعية تسمى "أجهزة الكشف عن الإشعاع بالأشعة تحت الحمراء المرئية" (VIIRS).
ووفق إريك كورت، الأستاذ المشارك في جامعة ميتشيجان، لا تزال قاعدة بيانات الأقمار الصناعية (VIIRS) هي المعيار القياسي الذي يستخدمه العلماء على مستوى العالم.
وقال الباحثون إنه بدون بيانات الأقمار الصناعية، اضطرت الدول إلى الاعتماد -في الغالب- على التقارير التي تكشف عنها شركات النفط والغاز بنفسها.
الحرق الأمريكي
رغم أن كولورادو أصبحت الولاية الأمريكية الأولى والوحيدة التي تحظر الحرق الروتيني في عام 2021. لكن صور القمر الصناعي "ماكسار" أظهرت (مشاعل مغلقة) في الفترة التي سبقت قانون الولاية بحظر إحراق الغاز، والذي نص على استثناء لأجهزة الحرق المغلقة.
وحسب "الجارديان"، تُظهر صور برنامج Google Earth أحد المواقع في مقاطعة "جاكسون" بولاية كولورادو، وهناك شعلة مشتعلة تختفي ويتم استبدالها بجهاز إشعال مغلق.
ونظرًا لأن عملية حرق الغاز داخل الموقع لا يمكن اكتشافها، فمن الصعب على الباحثين تحديد متى يتم حرقها ولأي غرض.
كما قامت منظمة Earthworks، وهي منظمة غير حكومية، باستخدام كاميرا بصرية لتصوير الغاز يستخدمها عادة متخصصون في الصناعة يبحثون عن تسربات الانبعاثات، بتسجيل لقطات تظهر ملوثات غير مرئية قادمة من الجهاز. وذلك رغم نفي الشركة المالكة.
أيضًا، شوهدت أعمدة غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون خارجة من أجهزة حرق مغلقة في منطقة "فور كورنرز" في ولاية نيو مكسيكو، وفقًا لبيانات الأقمار الصناعية من شبكة Carbon Mapper، التي توفر بيانات متاحة للجمهور حول الغازات الدفيئة.
مشاعل أوروبية
في نوفمبر 2023، أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطة للتخلص التدريجي من حرق الغاز الروتيني كجزء من التشريعات المصممة لمعالجة انبعاثات غاز الميثان. لكن، يشير التحقيق إلى أن المشاعل المغلقة تباع في العديد من الدول الأعضاء.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية مشاعل مغلقة في منشآت شركة "إنيوس" في "جرانجماوث" باسكتلندا، ومصفاة "إنيوس رافنيس" في النرويج.
وفي ألمانيا، يمكن رؤية المشاعل المغلقة في المنشآت المملوكة لشركة تصنيع الصلب "أرسيلور ميتال"؛ التي ذكر متحدث باسمها أن التوهج المغلق "يؤدي إلى انبعاث ضوضاء أقل بكثير".