انطلقت فعاليات النسخة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في 25 إبريل وتستمر حتى 30 من الشهر نفسه، وكان اللافت للنظر الإقبال الكبير على عروض الأفلام من قِبل جمهور الإسكندرية المحب للفن، ولم يقتصر الأمر على النقاد والصحفيين والمتخصصين في هذا المجال، بل سارع الجمهور السكندري لإيجاد مكان له في قاعة العروض حتى مع الأفلام المعروضة في الساعات الأولى من الصباح، والحقيقة أن هذه الظاهرة ليست غريبة على جمهور هذا المهرجان الذي حلم القائمون عليه بنشر ثقافة الفيلم القصير بين العامة، وعملوا على تحقيقه.
"الجمهور هو العمود الفقري لهذا المحفل المهم".. هكذا علّق محمد سعدون، مدير مهرجان الإسكندرية، لموقع "القاهرة الإخبارية" على الإقبال الكبير لعروض المهرجان وقال: "حاولنا أن نعرّف الجمهور بالفيلم القصير وأهميته، خصوصًا أنه لم يكن هناك مهرجان متخصص في هذا المجال سوى مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وبدأنا بنشر تلك الثقافة على مدار سنين المهرجان حتى أصبح لدينا جمهور متعلق ويحب الأفلام القصيرة".
هذه الظاهرة الناجحة فرصة لأن نتوغل قليلًا مع صناعة الأفلام القصيرة التي لا نجد لها بابًا سوى في المهرجانات، التي تواجه العديد من المشكلات وينفر منها العديد من صنّاع الفن، خاصة أنها ليست جماهيرية كما يقول البعض، والحصول على إنتاج لمثل هذه النوعية أمر ليس سهلًا، فالجميع يبحث عن المكسب والأعمال التجارية لكن لا يزال هناك فنانون يعشقون ويسخرون موهبتهم لصناع الأفلام القصيرة ومساعدتهم لتقديم أفكارهم، فهم يرون أنها فرصة جيدة ليقدموا أفلامًا مستقلة يتنفسون فيها عشق السينما.
محافظات مصر
"الفن السينمائي حرفة وليس نظريات".. هكذا بدأ الناقد المصري عصام زكريا حديثه عن صناعة الأفلام القصيرة ويقول في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية": "تلك النوعية من الأفلام فرصة رائعة لأن يقدم فيها الموهوب أفكاره بحرية، وهي فرصة أيضا لإصقال مواهب الشباب، ويمكن أن نقول إنها بروفة لصناعة الأفلام الطويلة وخبرة للتعامل مع الممثلين والمصورين والإضاءة، والحقيقة أن لدينا العديد من المواهب في مصر التي تحتاج إلى فرصة، وكان يتقدم إلينا العديد من الأفلام في مهرجان الإسماعيلية التي تشي بأن هناك جيلًا محبًا للفن ويسعى لتقديم أفكاره.
وتابع: "أعتقد أن الوضع حاليًا تغير قليلًا وأصبح جيل الشباب مهتم بتلك النوعية من الأعمال، وهذا يظهر في إقبال الجمهور على الأفلام القصيرة في المهرجانات الفنية، كما أن هناك العديد من المشاهدين المحبين للأفلام الوثائقية سواء التاريخية أو التعليمية أو غيرها وهذا باب مهم، دفع العديد لتقديم قنوات متخصصة والاهتمام بتلك الصناعة، وأعتقد أن ما يحدث أخيرًا يغير مقولة إن المهرجانات تعرض أفلامًا لا تحظى بإعجاب الجمهور العادى، وأتمنى أن أرى الأفلام القصيرة موجودة في كل محافظات مصر ويكون هناك دعم حقيقي لهذه الأعمال".
وأكد: "يجب أن نبدأ بالتوعية بأهمية هذه الأعمال، إضافة إلى ضرورة وجود دعاية قوية في المهرجانات وغيرها لهذه النوعية من الأفلام، ونحاول دائمًا أن نخبر الناس بما نملكه".
الجماهيرية
ناهد السباعي واحدة من الفنانات التي تحب أن تخوض من وقت لآخر تجربة الأفلام القصيرة، وقدمت من قبل "هذه ليلتى" الذي عُرض في مهرجان الجونة، يتناول قضية التعامل مع أطفال التوحد من قِبل الأهل والمجتمع، وأيضًا "حار جاف صيفًا" للمخرج شريف البنداري الذي شارك في عدد من المهرجانات المهمة حول العالم، وتؤكد أن هناك العديد من الأفلام الروائية الطويلة التي تمنت لو كان تم تقديمها في عمل قصير وتقول: "الأفلام القصيرة ليست سُبة، وأنا أحبها وهى تجربة تشبع موهبتي ورغبتي السينمائية".
وعن سبب ابتعاد بعض النجوم عن المشاركة في صناعة الأفلام القصيرة قالت: "يخشى البعض الوجود فى الأفلام القصيرة لأنها ليست جماهيرية لكني أحبها وهناك البعض من الفنانين أيضًا يحبونها منهم هند صبري ومنة شلبي وغيرهما".
عوالم جديدة
"السينما التسجيلية والقصيرة مثيرة بالنسبة لي".. هكذا وضّح المخرج المصري يسري نصر الله سبب انجذابه لهذا النوعية من الأعمال وقال: "هذه الأفلام تعرض عليك عوالم لم ترها من قبل، ومن شدة تعلقي بهذه الأفلام خضت تجربة عضو لجنة تحكيم في أكثر من مهرجان للأفلام القصيرة والتسجيلية، كما أنني قدمت فيلمًا تسجيليًا أحبه وهو "صبيان وبنات".
"صبيان وبنات" حالة خاصة بالنسبة ليسري نصر الله إذ يقول: "قرأت فى أحد الكتب ووجدت معلومة جذبتني للغاية فبدأت بالبحث ورائها، وفتحت لي أبوابًا أخرى، حتى خرجت بفيلم "صبيان وبنات"، ولم أجد ما يجذبني لأقدم عملًا تسجيليًا مرة أخرى، لأن السينما لم تكن أبداً "يلا أنا هعمل فيلم دلوقت".
بدون حسابات
يتفق الفنان الشاب صدقي صخر الذي خاض من قبل التجربة من خلال فيلم "الحفرة" مع الآراء السابقة ويرى أن الفيلم القصير هو بوابة دخول الفن السابع، ويقول: "هذه النوعية من الأفلام أصبحت تأخذ حقها، ومسابقات الفيلم القصير جزء مهم في المهرجانات الفنية، والجمهور أصبح يحب أن يشاهد تجارب جديدة ومختلفة، والفيلم القصير يمنح فرصة لصناعه للعمل على الجوانب الفنية بدون حسابات، ووقت عرض "الحفرة" في المهرجانات المختلفة حصدنا ردود فعل قوية وأنا أحب مثل هذه النوعية من الأعمال وأميل إليها ولا أتأخر حينما أجد عملًا يجذبني".