توصل تقييم استخباراتي غربي إلى أن روسيا، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع قادة في نيكاراجوا، من المحتمل أنها دفعت حلفاءها إلى استخدام اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 لملاحقة ألمانيا في محكمة العدل الدولية.
وأشار مسؤولون في مجتمع الاستخبارات ودبلوماسيون غربيون، إلى أن قضية نيكاراجوا ضد ألمانيا في المحكمة الدولية، التي تتهم فيها برلين بتسهيل "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، "جاءت على الأرجح بناءً على طلب من روسيا"، وفق ما نشرته النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو".
ومنذ فترة طويلة كانت نيكاراجوا نصيرًا للقضية الفلسطينية، لكن تحركها ضد ألمانيا، التي تمتعت معها تقليديًا بعلاقات ودية، صدم العديد من المراقبين في برلين وخارجها.
وقبل أسبوع واحد فقط من رفع نيكاراجوا الدعوى ضد ألمانيا في الأول من مارس الماضي، وصفت وزارة الخارجية الألمانية العلاقة بين البلدين بأنها "صداقة وثيقة".
لذا، نقلت الصحيفة عن أحد ضباط المخابرات الغربية إن النيكاراجويين "ليس لديهم أي سبب لإقحام أنفسهم في صراع حول الشرق الأوسط"، فيما أشارت الصحيفة إلى أنه "ربما كان لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبب وجيه لتوظيف حلفائه القدامى في نيكاراجوا لتقويض سلطة محكمة العدل الدولية" باعتبار أن البلدين لديهما علاقة عميقة.
قتل المدنيين
في قضيتها المرفوعة ضد ألمانيا في محكمة العدل الدولية، تقول نيكاراجوا إنه من خلال تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، جعلت برلين من نفسها شريكًا في قتل المدنيين في غزة.
كما أغلقت نيكاراجوا سفارتها في برلين، في وقت سابق من هذا الشهر، نتيجة لهذه القضية، وقبلها، في يناير الماضي، اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قضية منفصلة أمام محكمة العدل الدولية.
ورغم أن المحكمة لم تقبل، في حكم أولي، هذا الادعاء، لكنها حذّرت إسرائيل من ضمان عدم قيام قواتها بارتكاب أعمال إبادة جماعية خلال حملة غزة.
ونظرًا لأن محكمة العدل الدولية لم تثبت وقوع إبادة جماعية على يد الاحتلال، يرى القانونيون أن ألمانيا لا يمكن أن تكون مذنبة بالعمل كشريك.
علاوة على ذلك، لا توجد سابقة لاتهام دولة ثالثة بالمسؤولية عن جرائم حرب ارتكبتها دولة أخرى.
رغم هذا، حتى لو كان معظم الباحثين القانونيين يعتقدون أن قضية نيكاراجوا لا أساس لها من الصحة، فإن تهمة الإبادة الجماعية في أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة تمثل إذلالاً لبرلين؛ وفق "بوليتيكو".
تقويض المحكمة
كانت جرائم ألمانيا النازية ضد الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية هي التي أدت إلى اتفاقية الإبادة الجماعية في البداية، وقد أمضت برلين عقودًا من الزمن محاولة إقناع العالم بأنها تلتزم بأعلى معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي.
لكن "بالنسبة لبوتين، الذي يبدو أنه يستمتع بشكل خاص بمضايقة الألمان، فربما كانت الإذلال جزءًا من الحسابات"، حسب التقرير.
ووفقًا للتقييم الاستخباري المنشور، إذا كانت روسيا وراء هذه الخطوة، فمن المحتمل أن يكون هناك دافع أكثر إلحاحًا لوضع ألمانيا في قفص الاتهام لمحكمة العدل الدولية.
فقد اختصمت أوكرانيا روسيا أمام المحكمة بعد العملية العسكرية الشاملة لموسكو في فبراير 2022. وبينما انحازت المحكمة إلى أوكرانيا، وأمرت موسكو بـ"التعليق الفوري" لعملياتها العسكرية، في انتظار حكمها النهائي، تجاهلت روسيا الأمر، حيث لا تملك المحكمة القدرة على إنفاذ قراراتها.
وفيما لا يزال الحكم يثير غضب موسكو، يرى التقييم أن الدعوى "محاولة تقويض مصداقية المحكمة في الدول الغربية، من خلال جعلها مكانًا لحجج قانونية خادعة".
لذا، ستستخدم موسكو قضية نيكاراجوا ضد ألمانيا وإجراءات الإبادة الجماعية المنفصلة التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لتقويض شرعية المحكمة والقول من خلال قنواتها الدعائية بأن روسيا ضحية للمعايير المزدوجة، كما قال المسؤولون الغربيون.