مع تصاعد المعركة الانتخابية بين المرشحين المتنافسين لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، ومنافسه الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن، واقتراب المنافسة من ذروتها قبيل موعد الاقتراع في نوفمبر المقبل، تبرز أزمات الإعلام الأمريكي باعتبارها عاملًا مؤثرًا في صحة ما يتم نشره في هذه الفترة.
ومع تضرر سوق الإعلام بالولايات المتحدة من أزمات فقدان الوظائف، وانخفاض التوزيع، وإغلاق أو تعطيل الأسماء المعروفة والموثوقة، وظهور تهديدات جديدة، كمعلومات مزيفة أو تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي. صارت هناك مخاوف متزايدة حول دقة وسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية.
ضربات متلاحقة
في العام الماضي، فقدت وسائل الإعلام الإخبارية في الولايات المتحدة أكثر من 21400 وظيفة إعلامية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2020، عندما تم تسجيل 16060 تخفيضًا عندما كانت الطباعة لا تزال في طور التحول إلى توزيع الأخبار الرقمية.
وقد تلقت المنابر الكبرى، بما في ذلك "واشنطن بوست"، و"لوس أنجلوس تايمز،" ضربات خطيرة، إلى جانب العشرات من الوسائل الصغيرة، والانهيار التام للوافدين الجدد مثل "ماسنجر".
كما انخفض عدد القراء والدخل من الإنتاج الرقمي بشكل عام، ويبدو أن تقليص حجم صناعة الأخبار في عام 2024 يتسارع، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وفي الوقت نفسه، تنفصل وسائل التواصل الاجتماعي عن كونها خدمة إحالة إلى المؤسسات الإخبارية، ما يؤثر على حجم القراء وجلب الإيرادات.
في الوقت نفسه، أسقطت شركة "ميتا" علامة تبويب الأخبار الخاصة في "فيسبوك"، وأصبح "جوجل" غير قابل للتنبؤ به، وقامت منصة "إكس" بإلغاء تحديد أولويات المنشورات التي تحتوي على روابط خارجية.
أيضًا، يهرب القراء إلى الوسائط الإخبارية التي تكمن فيها مخاطر جديدة، حتى عند الأخذ في الاعتبار الطبيعة الحزبية لبعض المواقع الإخبارية الأمريكية.
وحسب "الجارديان"، تضاعفت نسبة البالغين في الولايات المتحدة الذين يقولون إنهم يحصلون بانتظام على الأخبار من "تيك توك" أكثر من أربعة أضعاف، حيث صارت من نسبة 3% في عام 2020 إلى 14% في عام 2023.
ومع ذلك، فإن مثل هذه المواقع معرضة لخطر المعلومات الخاطئة، سواء زُرعت عمدًا أو انتشرت بشكل عفوي.
خارج السيطرة
في الأسبوع الماضي، نشرت شبكة "إن بي سي" الأمريكية تقريرًا عن ندوة في نيويورك تناولت ما يمكن أن يحدث إذا أدت المعلومات الخاطئة التي أنشأها الذكاء الاصطناعي إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن مايلز تايلور، وهو مسؤول سابق في وزارة الأمن الداخلي، إنه "من المثير للدهشة" أن يروا مدى السرعة التي يمكن أن تخرج بها مثل هذه السيناريوهات عن نطاق السيطرة، وتهيمن بالفعل على الدورة الانتخابية.
إلى جانب ذلك، أدى تراجع وسائل الإعلام الإقليمية إلى ما يسمى "صحاري الأخبار"، التي تم تعريفها من قِبل كلية هوسمان للصحافة والإعلام بجامعة كارولاينا الشمالية على أنها "مجتمع -إما ريفي أو حضري- مع وصول محدود إلى نوع من الأخبار الموثوقة والموثوقة".
ففي العام الماضي، تسارع فقدان الصحف المحلية إلى أكثر من اثنتين في الأسبوع، في المتوسط، ما ترك أكثر من 200 فراغ في مصادر المعلومات المحلية، مع وصول محدود لأكثر من نصفها، وفقًا للباحثين في كلية ميديل للصحافة بجامعة نورث وسترن.
وتؤكد الدراسات أنه بدون هذه الموارد تنخفض المشاركة المدنية.
أو كما قال جوناثان ميلر، كبير المسؤولين الرقميين السابق في "نيوز كورب"، الأسبوع الماضي لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "أنت فقط تريد أن تسمع ما تريد سماعه".
بينما تتضح الحالة العامة للأزمة في المعلومات الإخبارية من خلال جزء كبير -ومتزايد- من الأمريكيين الذين يعتقدون أن انتخابات 2020 كانت مزورة، فإن 32% فقط من الأمريكيين يقولون إنهم يثقون في وسائل الإعلام بـ "قدر كبير" أو "قدر لا بأس به" لنقل الأخبار بطريقة كاملة وعادلة ودقيقة.
وحسب بينيلوب أبيرناثي، من جامعة نورثويسترن، ومؤلفة سلسلة من الدراسات حول تأثير صحاري الأخبار، فإن النظام البيئي الإخباري الذي كان يجمع بلداً شاسعاً متماسكاً، مثل الولايات المتحدة، يتعرض للتهديد.
ونقلت "الجارديان" عن أبيرناثي قولها: "لم يبق أمامك سوى هاتفك المحمول، والكمية غير المتناسبة من المعلومات المضللة التي قد تأتي عبره".