في خضم العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، تواجه ألمانيا ضغوطًا مُتزايدة للتراجع عن بيع الأسلحة لتل أبيب، حيث ستنظر المحاكم الألمانية في دعوى قضائية، تدعو إلى وقف جميع مبيعات الأسلحة فوريًا لإسرائيل، إذ تأتي هذه الخطوة القانونية في ظل موجة غضب عالمية متنامية، إزاء حجم الخسائر البشرية والدمار الهائل الذي خلفته الحرب على غزة.
دعوى قضائية لإلغاء تراخيص الأسلحة
وفقًا لما أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية، ستطالب دعوى قضائية أمام المحاكم الألمانية المحلية، يوم الخميس المقبل، الحكومة بإلغاء كامل تراخيص بيع الأسلحة لإسرائيل الصادرة منذ 7 أكتوبر.
ووفقًا لما أشارت الصحيفة البريطانية، فقد رفعت هذه الدعوى القضائية العاجلة أربع منظمات حقوقية بالنيابة عن خمسة فلسطينيين، يقولون إنهم يخشون على حياتهم في غزة ويتعرضون لعقاب جماعي من قبل إسرائيل، إذ تستهدف الدعوى وزارة الشؤون الاقتصادية والمناخية التي يقودها حزب الخضر، وهي الجهة المسؤولة عن تراخيص التصدير بموجب قانون رقابة أسلحة الحرب.
ألمانيا مورد رئيسي للأسلحة لإسرائيل
وفقًا للجارديان، تُعتبر ألمانيا على نطاق واسع ثاني أكبر مصدِّر للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بالتأكيد مصدر أكثر أهمية للأسلحة من المملكة المتحدة.
وتكتسب الدعوى القضائية أهمية خاصة في ضوء المبيعات الألمانية الضخمة من الأسلحة لإسرائيل، والتي وصلت إلى 203 ملايين يورو في أكتوبر 2023 وحده.
ومع ذلك، انخفضت قيمة هذه المبيعات إلى مليون يورو فقط في مارس الماضي، وفقًا لما ذكره محامي الحكومة الألمانية أمام محكمة العدل الدولية.
انتهاكات محتملة للقانون الدولي
تقول إحدى المنظمات المدعية الرئيسية، إنه "من المعقول الاعتقاد بأن الحكومة الألمانية تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة واتفاقيات جنيف، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي اتفاقيات صادقت عليها ألمانيا".
وسيكون للدعوى القضائية تأثير عملي فوري على بيع ألمانيا لحوالي 3000 سلاح مضاد للدبابات لإسرائيل.
شهادات مروعة من ضحايا الحرب
يتضمن الملف القضائي شهادات مروعة من الفلسطينيين الخمسة الذين تمثلهم المنظمات الحقوقية، بمن فيهم من فقد أفراد أسرته وبيته ووظيفته في الحرب الأخيرة على غزة، وأصبح من النازحين داخليًا.
قالت إحدى المدعيات البالغات: "لقد قُتل جميع أطفالي الخمسة، عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية النار على مخيم اللاجئين الذي كنا نأوي إليه بعد فرارنا من الشمال، يجب على ألمانيا أن توقف فورًا عن إرسال الأسلحة التي تغذي هذه الحرب الوحشية، لا ينبغي أن تعاني أم أخرى مثل هذه الخسارة المروعة لأطفالها".
موقف برلين الرسمي
على الرغم من هذه الانتقادات الشديدة، لا تزال الحكومة الألمانية متمسكة بموقفها الرسمي القائم على أن الحفاظ على أمن إسرائيل، هو في صلب سياستها الخارجية لأسباب تاريخية.
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك، من الحزب الخضر، انتقادها المتزايد لإسرائيل، واصفةً غزة بأنها "جحيم"، لكن برلين أبلغت محكمة العدل الدولية بأنها تلقت تأكيدات من إسرائيل، بأنها اتخذت احتياطات لتجنب إصابة المدنيين، وأنه ليس لديها حاليًا ما يدعو للشك في ذلك.