الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الكاتبة السورية ألمى كفارنة: "بدون سابق إنذار" جزء من تجربتي الشخصية

  • مشاركة :
post-title
بدون سابق إنذار

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

  • الأسئلة التي مرت بها "ليلى" كانت ولا تزال تشغلني.. وصراع العاطفة والمنطق حاضر في حياتنا اليومية
  • المتغيرات بالعالم في السنوات الأخيرة كلها "بدون سابق إنذار" والصدمات التي عاشها الكوكب غيرت سيكولوجية البشر
  • أغلب مجتمعاتنا تُبيح إلى اليوم قمع المرأة بأشكال كثيرة بعضها متنكر
  • الحياة تدرجات لونية غير منتهية والنفس البشرية عميقة ولا يمكن حصر اكتشافها تحت مسميات وتعريفات ثابتة

"تركيبة مكتملة الأركان".. هكذا وصف نقاد الفن مسلسل بدون سابق إنذار، فمنذ انطلاق عرضه في النصف الثاني من الموسم الدرامي الرمضاني لفت الأنظار إليه لجودة قصته التي تتناول رحلة "ماجد" الذي يجسد شخصيته آسر ياسين، و"ليلى"، التي تجسدها عائشة بن أحمد، وهما زوجان يكتشفان إصابة ابنهما بسرطان الدم، ويحاولان بكل ما أوتيا من قوة إنقاذ حياة ابنهما الذي يحتاج إلى متبرع لكي يجري عملية عاجلة لنقل النخاع العظمي، لكن القصة لا تتوقف عند هذا المسار.

وقدمت الكاتبة السورية ألمى كفارنة معالجة وأبعادًا للقصة، أبعد من هذا الخط وجعلت الجمهور يتعاطف مع الطفل ويتألم للمشاعر المتضاربة وحرب الأفكار التي يعيشها الزوجان مع مفاجآت صادمة في كل حلقة، فيما صاغ السيناريو الخاص بها كل من عمار صبري وسمر طاهر وكريم الدليل.

حول هذا العمل الذي أخرجه هاني خليفة بدقة متناهية، والمصاعب التي واجهت مؤلفته وكيف رسمت تلك الخيوط المتشابكة بهذه الدقة وجسدت الصراع بين المشاعر والعقل، تحدثت الكاتبة السورية لموقع "القاهرة الإخبارية" عن هذه التجربة الثرية التي جذبت انتباه الجمهور في النصف الثاني من رمضان.

من أين استلهمتِ قصة بدون سابق إنذار؟

العمل في الأصل مبنى على فكرة كانت تدور في ذهن المنتج محمد مشيش وتواصل معي بخصوصها، فقدمت مقترحًا حكائيًا ثم معالجة درامية ومقترحًا لطبيعة الشخصيات وسلوكها وسماتها، ونضج العمل بالتعاون مع فريق التطوير في الشركة المنتجة بإدارة المخرج هاني خليفة، وخرجت معنا فكرة قائمة على سلسلة من الأسئلة التي تطرحها علينا الحياة في لحظة تكون فيها مفارقة بدون سابق إنذار.

المتغيرات التي عاشها العالم في السنوات الأخيرة من حروب ووباء كورونا وكوارث طبيعية مثل الزلزال الأخير الذي ضرب عدة مناطق، كانت فرضيات بدون سابق إنذار، لذلك فإن الصدمات التي عاشها الكوكب جعلت سيكولوجية البشر في تغير، وأعتقد أن هناك سلوكيات جديدة أنتجتها هذه الأحداث في المجتمعات وهي سلوكيات ما بعد الصدمة، وعلى هذا المقياس فإن الحياة أيضًا تحمل لنا دائمًا أسئلة واختبارات ومفاجآت.

كيف رأيتِ رد الفعل الكبير على العمل في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي؟

سعيدة جدًا أو بمعنى أدق "مخضوضة" ولا زلت في حالة تأهب وترقب وأتابع كل رأي وما يكتب باهتمام، وممتنة لكل من شارك رأيه الإيجابي سواء من الجمهور أو النقاد.

كيف استطعتِ توظيف الصراع بين القلب والعقل والتخبط في المشاعر الكبيرة التي ظهرت منذ الحلقات الأولى؟

العاطفة والمنطق صراع حاضر في حياتنا اليومية من أصغر الاختبارات والمحكات حتى أكثرها تعقيدًا، ولا بد أن يُعاد طرح هذا السؤال ففي كل مرة يطرح فيها سنحصل على آلاف الإجابات المتباينة المرتبطة بخصوصية التجربة الذاتية لكل شخص، أما عن شخصيات العمل ففي كل منعطف في الأحداث سيجدون أنفسهم أمام مواجهة واحد من هذه الصراعات الذي يخلص إلى نتيجة أن الحياة تدرجات لونية غير منتهية ما بين الأبيض والأسود وأن النفس البشرية عميقة لا يمكن أن يتم حصر اكتشافها تحت مسميات وتعريفات ثابتة.

سلّط "بدون سابق إنذار" الضوء على عمل الرجل والمرأة.. هل ترين أن النساء لم يأخذن حقهن حتى الآن؟

بالطبع، إلى اليوم لا تزال أغلب مجتمعاتنا تبيح تعنيف وقمع المرأة بأشكال كثيرة ومتنوعة بعضها متنكر، والبعض الآخر فج يكشف عن وجهه بوضوح، لذا لا بد أن يبقى طرح هذه القضايا حاضرًا وجزءًا من مسؤوليتنا المجتمعية نحو تغيير فكري والنهوض بالمجتمعات نحو المساواة.

هل عايشتِ تفاصيل من شخصيات "بدون سابق إنذار" قريبة منك؟

بالتأكيد أعتقد أن الكثير من المنعطفات التي تمر بها ليلى "عائشة بن أحمد" هي جزء من تجربتي الذاتية والشخصية، فالكثير من الأسئلة التي مرت بها كانت ولا تزال تشغلني.

البعض رأى أن العمل رسالة مهمة للتعامل مع المرض اللعين كيف رأيتِ ذلك؟

بكل تأكيد وتم التعامل مع هذه الفكرة بحذر شديد من قبل الجميع، إذ اعتمدنا على استشاريين طبيين تابعوا كل التفاصيل، وكانت هناك محاولة جادة من قِبل كل صنّاع العمل على رأسهم المخرج هاني خليفة، لتقديم هذا الخط باحترام وحذر، طامحين أن نشارك في جزء من رسالة توعوية بهذا المرض وبالصحة الجسدية والنفسية قبل كل شيء، وهذه مسؤولية إنسانية ومجتمعية عسى أن نكون أصبنا في المساهمة بها.

في رأيك.. ما أصعب مشاهد المسلسل؟

من حيث الحكاية شغلني كثيرًا حجم الألم الذي ستصاب به الشخصيات، وأعتقد أنه انعكاس لكثير من الهواجس والآلام عند من مروا بتجارب مشابهة، وبالذات كنت أفكر بالطفل "عمر" وكنت أتألم لتخيلي بماذا ممكن أن يشعر به بالفعل.

كم نسخة خرجت من العمل قبل الوصول إلى النص النهائي؟

نص "بدون سابق إنذار" نتيجة عمل مشترك وتعاون مع عدد من الكتاب، ثم تطوير الحكاية مع فريق العمل وهناك العديد من النسخ والتعديلات والمقترحات التي خرجت وكانت قابلة للتعديل في كل لحظة.

كيف وجدتِ أداء عائشة وآسر ياسين لـشخصياتهما بالمسلسل؟

استطاع آسر ياسين وعائشة بن أحمد تقديم مقترح لأداء استثنائي، فقد قدموا المشاعر بصدق عميق دون انفعال غير محسوب فهم شخصيات متوترة، قلقة، باحثة، لكنها غير مستسلمة تحاول النجاة، والتمسك بحبل الحياة، شخصيات تغيرها الرحلة مع كل اكتشاف ومع إجابة كل سؤال، وبالتأكيد استطاع كل منهما تقديم الشخصيات بأفضل صورة، ولا أعتقد أن هناك ما هو أفضل أن يقدم على صعيد الأداء، والحقيقة أن كل فريق العمل أمتعونا بأدائهم الراقي والصادق وبالتحديد الطفل سليم يوسف "عمر" موهوب ويستحق الثناء.

وماذا عن التعاون مع المخرج هاني خليفة؟

شرف كبير أتيح لي على الصعيد الشخصي والمهني، وتابعت كل الأعمال التي كانت تحمل توقيعه وتأثرت بها، وكنت من أشد المعجبين بنتاجه الفني، ولم يخطر في بالي أن تكون لي هذه الفرصة بالتعاون مع هاني خليفة، الذي عمل على كل تفصيلة دقيقة في هذا المشروع، واستطاع أن يقدمه بحساسية عالية.

ما رأيك في تجربة المسلسلات الـ15 حلقة؟

أنا مع هذا الخيار، وأعتقد أنها تناسب سيكولوجية المتلقي في هذا العصر، وهذا لا يتعارض مع فكرة أن هناك الكثير من الأعمال الناجحة التي امتدت على مدار 30 حلقة لكن حكايتنا كانت جرعة مكثفة حاولنا فيها الابتعاد عن الإطالة.

هل ترين تجربة "بدون سابق إنذار" منعطف مهم في مشوارك؟

أنا لا زلت تحت تأثير القلق المرتبط بانتظار ردود الفعل، لذا أعتقد أنه من المبكر أن أتحدث عن التأثير والتغير، لكن الأكيد أنها تجربة تشكل مُنعطفًا حقيقيًا على الصعيد الشخصي والمهني بالنسبة لي.

ماذا عن أعمالك القادمة؟

تعاقدت على نص درامي جديد ونحن في صدد العمل على المشروع.