تستعد واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة إرسال نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" إلى أوكرانيا، وأكدت تقارير إخبارية إرسال المنظومة إلى الجيش الأوكراني في غضون أيام.
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين بالإدارة الأمريكية، قولهم إن إعلان القرار "يأتي في وقت مبكر، ومن المتوقع أن يكون اليوم الخميس، لكنه ينتظر موافقة رسمية من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، والرئيس جو بايدن".
أضاف أحد المسؤولين: "من المرجح تدريب القوات الأوكرانية على نظام الدفاع الصاروخي في ألمانيا قبل إرسال معدات باتريوت إلى أوكرانيا"، بعدما طلبت كييف من شركائها الغربيين توفير دفاعات جوية، لحمايتها من القصف الصاروخي الروسي المكثف.
نقلت شبكة "CNN" الإخبارية أن نظام "باتريوت" الدفاعي بعيد المدى سيسهم في تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني بشكل كبير، وسيكون سلاحًا قويًا لتأمين المجال الجوي لدول الناتو في أوروبا الشرقية بصورة كبيرة.
لم توضح الإدارة الأمريكية حتى الوقت الراهن عدد قاذفات الصواريخ التي سترسلها، لكن بطارية باتريوت النموذجية تتضمن مجموعة رادار تكتشف وتتبع الأهداف، وأجهزة كمبيوتر ومعدات توليد الطاقة ومحطة التحكم في الاشتباك، وما يصل إلى 8 قاذفات، كل منها يحمل 4 صواريخ جاهزة للإطلاق.
تحذير روسي
من جانبها حذَّرت روسيا من "عواقب" تزويد كييف بمنظومات "باتريوت". وقالت السفارة الروسية في واشنطن إن نقل أنظمة صواريخ "باتريوت" من الولايات المتحدة إلى كييف، إذا حدث ذلك، فسيكون خطوة استفزازية، ربما تؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إنه إذا أرسلت صواريخ "باتريوت" الأمريكية إلى أوكرانيا، فإنها ستكون "أهدافًا مشروعة" للقوات الروسية.
من جانبه، أشار فلاديمير دجباروف، النائب الأول لرئيس اللجنة الدولية لمجلس الاتحاد الروسي، إلى أن إمدادات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا، خاصة أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات (SAMs)، تثير صراعًا مباشرًا بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، وواشنطن تضع العالم على شفا حرب عالمية ثالثة.
هل تنجح "باتريوت" في تغيير مسار الحرب؟
منذ أشهر تطالب أوكرانيا حلفاءها في الغرب بإرسال منظومات دفاع جوي متطورة، لصدّ الضربات الروسية، وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء دينس شيميهال، إن بلاده تحتاج إلى منظومة "باتريوت" لوقف مساعي روسيا لإغراق أوروبا باللاجئين الأوكرانيين، وفق ما نقله تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
تُعدُّ باتريوت بنسختها الأحدث "بي إيه إس-3" (BAS-3) منظومة دفاع جوي أرض جو، تحمل القاذفة حتى 16 صاروخًا تضاف إليها مركبة الرادار وغرفة التحكم، ويصل مدى الصاروخ إلى 70 كيلومترًا بارتفاع أقصاه 24 كيلومترًا.
يكشف نظام الرادار الأرضي الخاص بالمنظومة الهدف وتتبعه في دائرة قطرها 80 كيلومترًا، ويطلق صاروخ باتريوت نحو الهدف لتفجيره قبل وصوله إلى وجهته، فالصاروخ مجهز بنظام توجيه للمسار وتصحيحه، وهو قادر على اعتراض وتفجير الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وبعض أنواع الطائرات.
توجد منظومة باتريوت -التي تعمل وفق المسؤولين الأمريكيين على تأمين المجال الجوي لدول الناتو- في أوروبا الشرقية، ومنها رومانيا وبولندا، كما توجد المنظومة في دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وهولندا وإسبانيا.
خطوات التنفيذ
وفق صحيفة "واشنطن بوست"، فإن إرسال منظومة باتريوت متوقفة على توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن، إذ أوضحت الصحيفة أن البنتاجون لا بد أن يحصل على هذه الموافقات، بالإضافة إلى إجابة الجانب الأوكراني عن بعض الأسئلة المتعلقة باستخدام هذا النوع من الأسلحة، والحصول على توضيح من الرئيس عن عواقب هذه الخطوة على الولايات المتحدة نفسها.
تشير الصحيفة إلى أن إدارة بايدن قاومت منذ فترة طويلة بعناد إرسال بعض الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المقاتلة ودبابات القتال، على أساس أن صيانة وتشغيل مثل هذه الأنظمة أمر صعب، وأن الولايات المتحدة ستشارك بشكل أكبر في الصراع. وفي الأسابيع الأخيرة، أوصى مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بتغيير المسار في أعقاب الضربات الصاروخية الروسية، وزيادة علاقات موسكو مع إيران.
نقلت الصحيفة عن مارك كانشيان، كولونيل أمريكي متقاعد من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، إذ أوضح أنه حال نشر نظام باتريوت في أوكرانيا، فإن البنتاغون في خطر كبير، وإذا كان لدى الأوكرانيين عام أو عامين لإتقان باتريوت، فلن تكون هذه مشكلة.
التكلفة المتوقعة
وفق "واشنطن بوست"، فإن تكلفة الصاروخ الواحد لمنظومة "باتريوت" تصل إلى 4 ملايين دولار، وتكلفة القاذفات نحو 10 ملايين دولار لكل صاروخ، حسبما أفادت CSIS في تقرير الدفاع الصاروخي الصادر في يوليو الماضي.
وفق "واشنطن بوست"، فإن كلفة صواريخ باتريوت لن تكون في صالح الغرب، خاصة إذا جاء استخدام المنظومة لإسقاط الطائرات الإيرانية دون طيار التي كانت روسيا تشتريها وتستخدمها في أوكرانيا.
أكد الكولونيل الأمريكي: "إطلاق صاروخ بقيمة مليون دولار على طائرة مسيرة 50.000 دولار هو اقتراح خاسر".