ثمة قلق دولى متزايد بشأن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي "الذكاء الاصطناعي" في العدوان المتواصل على غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن القلق البالغ حيال استخدام جيش الاحتلال للذكاء الاصطناعي في حرب غزة. وقال إن هذه "التكنولوجيا ينبغي توظيفها للخير وليس للقتل".
وأوضح "جوتيريش"، للصحفيين، أمس الجمعة: "يساورني قلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن حملة القصف التي يشنها الجيش الإسرائيلي تشمل الذكاء الاصطناعي كأداة لتحديد الأهداف، ولا سيما في المناطق السكنية المكتظة بالسكان، مما أدى إلى ارتفاع مستوى الخسائر في صفوف المدنيين"، متابعًا: "يجب ألا يُسند أي جزء من قرارات الحياة والموت التي تؤثر في أسر بأكملها إلى حسابات اللوغاريتمات بدم بارد".
وكان المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، قال في مقابلة مع شبكة "سي. إن. إن"، أمس الأول الخميس، إن الولايات المتحدة تراجع تقريرًا إعلاميًا يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة.
وأدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "استخدام إسرائيل أسلحة متفجرة ذات أثر واسع النطاق في مناطق غزة المأهولة، واستخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في عملية اتخاذ القرار العسكرية، باعتبار أن ذلك قد يساهم في جرائم دولية".
برنامج لافندر
وأفاد تقرير نشره موقعا "+972 ماجازين" و"لوكال كول"، الأربعاء الماضى، بأن مسؤولي مخابرات إسرائيليين يستخدمون برنامجًا يعرف باسم "لافندر" للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة.
وجاء في التقرير، أن جيش الاحتلال صنف عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي ودون مراجعة بشرية تذكر.
ولفت التقرير إلى أن البرنامج حدد أكثر من 37 ألف فلسطيني ومنازلهم ووضعهم على قائمة الأهداف، إذا أعطى جيش الاحتلال موافقة شاملة للضباط الإسرائيليين لاعتماد "قوائم القتل الخاصة بلافندر، من دون الحاجة للتحقق بدقة من أسباب اختيارهم أو حتى فحص البيانات الأولية التي استند إليها".
واستخدمت القوات الإسرائيلية "القنابل الغبية" التي لا تكون موجهة بدقة على العديد من أهداف "قائمة لافندر".
جوسبل
وفي ديسمبر الماضي، أكدت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أن جيش الاحتلال يستخدم برنامج ذكاء اصطناعي يدعى "جوسبل"، لافتة إلى أنه تتم تغذيته بالبيانات، ليختار "الأهداف" التي يراد قصفها في قطاع غزة، "والتي تشمل الجماعات المسلحة وقادتها".
وذكرت الصحيفة أن وحدة استخبارات عسكرية سرية، يديرها الذكاء الاصطناعي، تلعب دورًا مهمًا في الحرب على غزة.
وكان قائد سلاح الجو الإسرائيلي، أومر تيشلر، ذكر في حديث إلى صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، في أكتوبر الماضي، أن قدرات الاستهداف بالذكاء الاصطناعي "مكنت الجيش من تحديد بنوك أهداف جديدة بشكل أسرع".
وفي منتصف يونيو الماضي.. كشف مسؤول إسرائيلي لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، أنه يجرى استخدام نموذجين لبناء مجموعة بيانات تعتمد على خوارزميات بشأن الأهداف المحددة، وذلك لحساب الذخيرة المحتملة، وتحديد أولويات، وتعيين آلاف الأهداف للطائرات والطائرات من دون طيار، واقتراح جدول زمني للغارات.
وأوضح ذلك المسؤول أن النظامين يخضعان لمشغلين بشريين يفحصون الأهداف وخطط الغارات الجوية والموافقة عليها.
التعرف على الوجه
وفي أواخر مارس الماضي، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن ضباط مخابرات وعسكريين إسرائيليين، أن القوات الإسرائيلية تستخدم برنامجًا لـ"التعرف على الوجه" والذي يمكنها "جمع صور الوجوه للفلسطينيين وفهرستها" ويمكنه تحديد أسماء الأشخاص في ثوانٍ معدودة.
وتدير برنامج التعرف على الوجه "وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ووحدة الاستخبارات الإلكترونية 8200". ويستخدمون تقنية طورتها شركة "كورسايت" الإسرائيلية، والتي تعتمد على أرشيف هائل من الصور التي تلتقطها طائرات مسيرة وصور أخرى يتم إيجادها عبر جوجل بحسب ما أكدت المصادر لنيويورك تايمز.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقنيات التعرف على الوجه حول العالم المدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت تنتشر بشكل أكبر، وتستخدمها بعض الدول لتسهيل السفر والتنقل، ويبرز مؤخرًا استخدامها من قبل إسرائيل في الحرب على غزة.
إسقاط المسيرات
ووفق تقرير لوكالة "فرانس برس" لجأ جيش الاحتلال في قطاع غزة للمرة الأولى إلى تقنيات للذكاء الاصطناعي بهدف إسقاط المسيرات ورصد أنفاق حركة "حماس".
وأكد مسؤول عسكري للوكالة أن هذه التقنيات تستخدم بالدرجة الأولى لإسقاط مسيرات تستخدمها الفصائل الفلسطينية، ورسم خرائط لشبكة الأنفاق في القطاع المحاصر.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في يناير، بأن الولايات المتحدة، بدأت تدريب جنودها على استخدام تقنية "سمارت شوتر" لإسقاط المسيرات، علمًا بأن هذه الأخيرة تستخدم بشكل متزايد منذ اندلاع حرب غزة من قبل فصائل مسلحة مناهضة لواشنطن، لاستهداف قواعد تضم جنودًا أمريكيين في الشرق الأوسط.
تكنولوجيا تثير القلق
لكن هذه التقنيات تثير قلقا دوليا، خصوصا في ظل الحصيلة المرتفعة للشهداء في صفوف المدنيين الذين يشكلون غالبية ضحايا الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأيدت أكثر من 150 دولة في ديسمبر الماضي، قرارًا للأمم المتحدة يتحدث عن "تحديات ومخاوف جدية" في مجال التقنيات العسكرية الجديدة، بما يشمل الذكاء الاصطناعي وأنظمة السلاح الذاتية التشغيل.