يساور إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قلق شديد، من أن يتطور التوتر المحتدم القائم بين إسرائيل وإيران، إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين، بعد الهجوم الصاروخي على قنصلية طهران في دمشق.
ونقلت مجلة" نيوزويك" الأمريكية، عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، أمس الخميس، إن واشنطن "قلقة للغاية" بشأن تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، بعد الغارة الجوية المميتة على قنصلية طهران في سوريا.
ولفتت المجلة إلى تحذير طهران من أنها "تحتفظ بحقها المشروع والأصيل" في الدفاع عن نفسها، بعد الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، الاثنين الماضي، والذي أسفر عن مقتل عدد من المسؤولين العسكريين، من بينهم اثنان من كبار القادة.
وأسفرت الضربة عن مقتل 7 قادة ومستشارين أبرزهم العميد البارز بـ"الحرس الثوري" الإيراني، محمد رضا زاهدي ونظيره بذات الرتبة حسين أمان اللهي. وألقى المسؤولون الإيرانيون باللوم على إسرائيل في الهجوم، وتوعدوا بالانتقام.
وفي حديثه مع "وولف بليتزر" من شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، قال كيربي، إن البيت الأبيض "قلق" بشأن احتمال تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل إلى حرب واسعة النطاق في ضوء الهجوم، مضيفًا: "نحن جميعًا نأخذ هذا على محمل الجد للغاية. لا أحد يريد أن يرى هذا الصراع يتصاعد".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن جيش الاحتلال كان في حالة تأهب قصوى، أمس الخميس، بينما تستعد البلاد لـ"رد إيراني محتمل" بعد الغارة الإسرائيلية في دمشق، التي أسفرت عن مقتل قيادات إيرانية رفيعة المستوى، وأثارت مخاوف من اتساع نطاق الحرب عبر المنطقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تعزيز منظومة دفاعاته الجوية واستدعاء قوات احتياط مع إيقاف منح الإجازات لجميع الوحدات القتالية، بالإضافة إلى حجب إشارات نظام تحديد المواقع "جي بي إس" في بعض المناطق.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، أن التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع، في خطوة دفاعية في مواجهة أسلحة معينة مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة.
وأضاف "قمنا بتعزيز تأهب وحداتنا القتالية حيث تدعو الحاجة.. عززنا الأنظمة الدفاعية ولدينا طائرات جاهزة للدفاع وجاهزة للهجوم في سيناريوهات مختلفة".
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن إسرائيل سحبت بعض سفرائها وأخلت سفاراتها في مواقع متعددة، وطُلب من بعض دبلوماسييها عدم الظهور في المناسبات العامة، بحسب شخص مطلع على الأمر.
ومع تزايد حالة الذعر، أصدرت عدة بلديات إسرائيلية بالقرب من تل أبيب إعلانات لتهدئة السكان وتحديث التوجيهات الخاصة بحالات الطوارئ.
وقالت مدينة حولون، إنها ستفتح ملاجئ عامة، وإذا لزم الأمر، مواقف للسيارات تحت الأرض لمن ليس لديهم مأوى في منازلهم.
وأشار تقرير إخباري لـ"القناة 12"، يعكس تكهنات إسرائيلية بشأن انتقام إيراني، إلى احتمال أن ترد طهران بإطلاق صواريخ مباشرة من أراضيها، وليس عبر أي من وكلائها، وبينهم ميليشيات في لبنان والعراق واليمن.
وفي حين ذكر التقرير أن إسرائيل يمكن أن تكتفي بالسماح لجولة من الأعمال العدائية بالمرور دون تصعيد في حالة ردت إيران عبر أحد وكلائها، فمن المرجح، وفقا المصدر ذاته، أن يدفع أي هجوم ينطلق مباشرة من الأراضي الإيرانية، القوات الإسرائيلية إلى شن عملية كبيرة تفاقم التوترات في المنطقة.
وقال رئيس المخابرات العسكرية السابق، عاموس يادلين، للشبكة: "لن أتفاجأ إذا أطلقت إيران النار مباشرة على إسرائيل"، موضحا أن الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران في شهر يناير على باكستان المجاورة يشكل سابقة.
ويأتي "تأهب الإسرائيليين" بعد تهديدات الانتقام التي صدرت عن قادة طهران. وقال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي في بيان، الثلاثاء الماضي، في اليوم التالي للهجوم: "سنجعلهم يندمون على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المماثلة بعون الله".
وتوعدت إيران مجددًا، اليوم الجمعة، بمعاقبة إسرائيل خلال جنازة الضباط الذين لاقوا حتفهم في الغارة. وقال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، لحشد متجمع في طهران "لن تمر أعمال العدو دون رد".
ويرجح تقرير لواشنطن بوست، أن تعمد إيران، على الرغم من الخطاب القوي الذي تستخدمه، بمعايرة أي رد بعناية، وذلك بحسب محللين ومسؤولين غربيين.
وقالت مصادر للصحيفة الأمريكية، إن البلاد لا تزال تأمل في تجنب الانجرار إلى حرب مكلفة.
وكشف تحليل على مجلة "فورين آفيرز"، أن إسرائيل فتحت "خطًا جديدًا" بالضربة التي وجهتها إلى المجمع الدبلوماسي الإيراني، والذي تعتبره إيران والعديد من الحكومات الأخرى بمثابة ضرب للأراضي الإيرانية نفسها.
وبحسب التحليل، فإن قرار استهداف مسؤولين رفيعي المستوى في ذلك الموقع يعكس اعتقاد الحكومة الإسرائيلية بأن الوقت قد حان للتحرك ضد الأهداف العسكرية الإيرانية أينما كانت.
وأوضح أنه من وجهة نظر إسرائيل، فإن إيران "مقيدة بما فيه الكفاية"، بحيث أن من غير المرجح أن ترد بطرق يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية خارجة عن السيطرة.