خلال مكالمة هاتفية متوترة استمرت 30 دقيقة، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى اتخاذ "إجراءات فورية" لوقف قتل المدنيين في غزة.
وهنا، تساءلت صحيفة "التليجراف" البريطانية، كيف سترد الإدارة الأمريكية، إذا رفض نتنياهو الاستجابة لتحذير بايدن وتغيير تكتيكاته.
ونقلت الصحيفة عن بن رودس، النائب السابق لمستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما: "من الواضح أن "بيبي" لا يهتم بما تقوله الولايات المتحدة، بل يهتم بما تفعله الولايات المتحدة". إذن، ما هي الأدوات التي يمتلكها بايدن لفرملة آلة القتل الإسرائيلية في غزة؟
وقف أو تقييد مبيعات الأسلحة
وتشير "التليجراف" إلى أن واحدة من الأدوات لدى بايدن، هو وقف أو تقييد مبيعات الأسلحة الأمريكية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة، رغم أن البيت الأبيض لم يصل إلى حد القول بشكل مباشر إن بايدن سيوقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، أو يفرض شروطًا على استخدامها، لكن هذا هو السلاح الأكثر وضوحًا، وربما الأكثر فعالية في ترسانة بايدن.
وأضافت أنه "على الرغم من مناشدات بعض أركان حزبه، فقد قاوم الرئيس الديمقراطي منذ فترة طويلة الحد من تدفق المدفعية والأسلحة إلى إسرائيل، التي تعتمد على كل شيء بدءًا من طائرات F-35الأمريكية الصنع إلى القنابل الموجهة بدقة وقذائف المدفعية".
ونقلت الصحيفة عن دان أربيل، الباحث المقيم في مركز الدراسات الإسرائيلية في الجامعة الأمريكية، تعليقه على خيار وقف أو تقييد مبيعات الأسلحة، قائلا: "عندما يقولون إنه ستكون هناك عواقب، أعتقد أن هذا هو الأكثر أهمية، وهذا بالفعل هو الأكثر أهمية".
وقال الباحث: "لم يصلوا إليه بعد، لكنني لا أستبعد ذلك في المستقبل القريب إذا استمر الوضع على ما هو عليه".
ونفس الرأي كان لستيفن كوك، زميل مركز إيني إنريكو ماتي البارز لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، قائلا إنه "لم يكن هناك في الحقيقة أي نقطة ضغط أخرى للولايات المتحدة بخلاف تقييد المساعدات العسكرية".
رسائل خفية ولكنها قوية
وبدلاً من القيام بتحركات علنية وعلنية لقطع صفقات الأسلحة، يمكن لبايدن أيضًا إجراء تغييرات طفيفة لتأجيل العقود وإحباط تل أبيب، وفق التليجراف.
ونقلت الصحيفة عن ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز بواشنطن: "في بعض الأحيان تكون أقوى الإشارات هي في الواقع إشارات هادئة للغاية. وقد يشمل ذلك إبطاء توفير الذخائر أو الموافقة على العقود العادية لقطع الغيار".
وأضاف: "على مستوى العمل، غالبًا ما ترى أقوى الرسائل تلك التي تأخذها الحكومة على محمل الجد من قبل المؤسسة الأمنية".
وتابع: " في حين أن الأمر قد يبدو تدريجيًا، إلا أنه سيكون تصعيدًا من قبل الأمريكيين وهو أمر سيأخذه الإسرائيليون على محمل الجد".
الانتقادات الحادة
ولفتت "التليجراف" إلى أن أداة أخرى استخدمها بايدن وأعضاء إدارته، وهي التصعيد في توجيه الانتقادات الحادة ضد نتنياهو بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة.
ووصف الرئيس الأمريكي مقتل سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي هذا الأسبوع، بأنه "أمر شائن" بينما أدان وزير الخارجية أنتوني بلينكن "الهجوم المروع".
في الوقت نفسه، وصف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الشهر الماضين نتنياهو بأنه عقبة أمام السلام ودعا إلى إجراء انتخابات في إسرائيل.
ويتوقع الباحث دان أربيل، أن يتم استخدام التصريحات الانتقادية والمصطلحات اللاذعة بشكل متكرر أكثر في الأسابيع المقبلة.
ومع ذلك، يرى أربيل فإن هذا التكتيك لا يحقق نجاحًا كبيرًا حيث يعتاد الناس بسرعة على الهجمات اللفظية.
التوقف عن حماية إسرائيل
لقد كانت الولايات المتحدة داعمًا قويًا وحاميًا لإسرائيل، وفي فبراير استخدمت حق النقض "الفيتو" ضد القرار الثالث لمجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
وعندما لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، الشهر الماضي، رد نتنياهو بإلغاء اجتماع في واشنطن بين وفده وإدارة بايدن.
ومن المحتمل أن يكون الاستمرار في الامتناع عن التصويت في المستقبل أداة قيمة لبايدن، وفق التليجراف.
وقالت الصحيفة، أنه إذا أظهر الزعيم الديمقراطي تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل، فقد يؤثر ذلك أيضًا على معاملة الدول الأخرى للدولة اليهودية. فبعض الدول تمتنع عن إدانة إسرائيل خوفاً من إثارة غضب حلفائها الأمريكيين، وفقا لساكس، الذي قال: "إذا كان لدى الدول شعور أقل بأن أمريكا تدعم إسرائيل، يمكن أن يجعل ذلك الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لنتنياهو".
الدولة الفلسطينية
ويعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو أمر حساس للغاية على المستويين الدولي والمحلي، أحد الخيارات الأقل ترجيحًا التي يمكن أن يتخذها بايدن، وفق التليجراف.
وذكرت الصحيفة، أنه بينما قال مسؤولو البيت الأبيض، إنهم يستكشفون الخيارات السياسية فيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن مثل هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة.
ونقلت الصحيفة عن الباحث أربيل، تحذيره من أن مثل هذا الإجراء الجذري قد ينتهي به الأمر لصالح نتنياهو، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في أدنى نقطة من حيث الرأي العام الإسرائيلي، ومثل هذه المواجهة العلنية يمكن أن تساعده. وأضاف أن الزعيم الإسرائيلي سيكون قادرا على القول "نحن ضد العالم".
لكن ساكس رجح أن يتم تنفيذ مثل هذا الإجراء الجذري "بطريقة محسوبة للغاية" وليس مجرد "وسيلة لزيادة الضغط". وقال للتليجراف: "لا أعرف أي طريق سيذهبون، لكنى اعتقد أن الغضب تجاه نتنياهو حقيقي للغاية، لقد أوصل حتى بايدن إلى هذه اللحظة".