رغم الشراكة القوية بين بكين وموسكو، غير أن الشرق الأقصى من روسيا لفت انتباه الصين، وفق ما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
ولفتت المجلة إلى أن منطقة "بريمورسكي كراي" الحدودية في أقصى شرق روسيا، شهدت طفرة في عدد المزارعين الصينيين، وأن نفوذهم الاقتصادي المتنامي يتفوق على السكان المحليين.
وأصبحت المنطقة، التي تنازلت عنها أسرة تشينج لروسيا في عام 1860، موضع اهتمام صنّاع القرار في بكين والقوميين الصينيين.
وفي العام الماضي، أصدرت الحكومة الصينية قرارًا بأن خرائط البلاد يجب أن تتضمن هايشينواي، الاسم الصيني لفلاديفوستوك، المركز الإداري لإقليم بريمورسكي، والأسماء الصينية لسبعة مواقع أخرى في أقصى شرق روسيا.
وعلى غرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبر أوكرانيا جزءًا من الأمة الروسية، وضع الزعيم الصيني شي جين بينج، مسألة استعادة الأراضي المفقودة على رأس جدول أعماله من أجل "التجديد العظيم للأمة الصينية"، وفق "نيوزويك".
وتعهدت الصين بضم تايوان في يوم من الأيام، كما أنها تطالب بمعظم بحر الصين الجنوبي، إذ تضعها "الحقوق التاريخية" لبكين في مواجهة الفلبين وجيران آخرين.
ووسط التوقعات الاقتصادية القاتمة لمنطقة هيجانج - مدينة مزدهرة سابقة للفحم في شمال شرق الصين - يشق المزيد من المزارعين الصينيين طريقهم قريبًا إلى روسيا، وفق "نيوزويك".
ونقلت المجلة عن يون صن، مدير برنامج الصين التابع لمركز ستيمسون، إن القلق بشأن "الخطر الأصفر" في الشرق الأقصى الروسي ليس جديدًا.
وأضافت: "هذا القلق موجود منذ عقود، إن لم يكن قرونًا، بسبب الاختلال الكبير في التوازن السكاني على جانبي الحدود".
وأوضحت أن "القلق هو أن تدفق الشعب الصيني سيشكل تحديًا للسيطرة الروسية. لا أعتقد أن قضية السيادة ما زالت مطروحة للتفاوض، لكن كيفية إدارة المزارعين الصينيين على الأرض ستكون قضية شائكة".
ووجدت دراسة نشرت عام 2021 في المجلة الأمريكية للاقتصاد وعلم الاجتماع، أنه في بعض الحالات أدى وجود المزارع الصينية والمبيعات للشركات المملوكة للصين إلى تعزيز دخل المزارعين المحليين.
وقالت الدراسة أيضًا إن "العوامل نفسها رفعت أسعار الأراضي من خلال زيادة المنافسة، وقللت أجور العمال الروس وعدد أفراد الأسرة العاملين في المزارع الروسية، وتزايد عدد الوظائف بدوام كامل لعمال المزارع، وانخفضت إنتاجية الذرة والقمح، وزيادة إنتاجية البطاطس والأرز".
وساعدت التجارة مع الصين، إلى جانب إنفاق الكرملين في زمن الحرب بدعم الاقتصاد الروسي وسط العقوبات الدولية الغربية والاستبعاد المالي.
وفي حين سمح هذا لروسيا بمخالفة التوقعات الأكثر تشاؤمًا لاقتصادها، فقد جعل البلاد أيضًا أكثر اعتمادًا على اليوان، العملة الصينية، وفق "نيوزويك".
وقالت وزارة الاقتصاد الروسية، إنه في النصف الأول من 2023، استخدمت روسيا "اليوان" لتسوية ثلاثة أرباع حجم تجارتها مع الصين وربع معاملاتها مع الدول الأخرى.
وفي تقريره السنوي، المنشور 29 مارس، قال البنك المركزي الروسي، إنه ليس لديه بدائل جيدة لليوان عندما يتعلق الأمر بالاحتياطيات الدولية، وفقًا لتقرير وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
وقالت "صن" إن استخدام اليوان في المعاملات ساعد روسيا والصين على التخفيف من تأثير العقوبات وسمح للدول باختبار نظام دفع مالي بديل لسويفت.
وحسب نيوزويك، فإن اعتماد روسيا على اليوان يترك "الشريك الأصغر" بوتين في مأزق في حال ظهور أي توترات دبلوماسية أو نزاعات تجارية بين البلدين، ويجعله أكثر عُرضة للتحديات الاقتصادية التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
كما أن موسكو عُرضة لضغوط الطرف الثالث من خلال اعتمادها على بكين. على سبيل المثال، أبلغت الشركات الروسية التي لها مصالح تجارية في الصين عن اختناقات بالدفع، بعد أن فرضت واشنطن عقوبات ثانوية تستهدف البنوك التي تسهل نقل البضائع المحظورة إلى روسيا.