سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على مشاعر القلق التي تسيطر على موظفي مؤسسات الإغاثة العاملة في غزة، بعد قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف عمال منظمة "وورلد سنترال كيتشن" المطبخ المركزي العالمي، في دير البلح بوسط قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص من المؤسسة الخيرية.
وقالت "وورلد سنترال كيتشن"، أمس الثلاثاء، إن غارة جوية إسرائيلية قتلت 7 من موظفيها في قطاع غزة، بالرغم من تنسيق التحركات مع جيش الاحتلال، وأعلنت وقف عملها في المنطقة، على أن يتم اتخاذ قرارات بشأن العمليات المستقبلية.
وذكرت المنظمة أن الضحايا يحملون جنسيات أستراليا وبولندا وبريطانيا، إضافة إلى شخص يحمل الجنسيتين الأمريكية والكندية، وفلسطيني.
وذكرت الصحيفة نقلا عن المؤسسات، أن الحادث يسلط الضوء على التحديات المتزايدة لتلبية الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين، خصوصًا في ظل مقتل عدد من العاملين في المجال الإنساني على مدار الحرب على غزة.
وقالت مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، جولييت توما، إنه منذ بدء الحرب، لقى 176 عاملًا في أونروا حتفهم. فيما تقول عدة منظمات إغاثية أخرى، إن موظفين تابعين لها قتلوا في غارات جوية.
وأثناء تقييم خططها المستقبلية، حثت منظمات الإغاثة، السلطات الإسرائيلية على "الالتزام بالقوانين الدولية" التي تحمي العاملين في المجال الإنساني، حسب "نيويورك تايمز".
وقال مايكل كابوني، مؤسس منظمة " جلوبال إمباورمينت ميشن" Global Empowerment Mission، وهي مجموعة مساعدات غير ربحية تقوم بتوزيع الخيام وأكياس النوم والمعدات الطبية والمواد الغذائية على الفلسطينيين في غزة: "يشعر الجميع بالخطر الآن".
وكشف كابوني أنه يُعيد النظر في خطط السفر إلى غزة الأسبوع المقبل، وأضاف أن بعض الموظفين، الذين كانوا يتواصلون يوميًا مع عمال "المطبخ المركزي العالمي" الذين لقوا حتفهم، يريدون الآن حزم أمتعتهم والعودة إلى منازلهم، على الرغم من عدم وجود خطط واضحة للمغادرة.
وتابع: "يجب أن تكون هناك ضمانات لمجتمع المنظمات غير الحكومية الدولية، بأننا آمنون عند القيام بهذا العمل الذي نقوم به، وهو أمر بالغ الأهمية".
وشدد كابوني على أنه "من غير المقبول أن يُقتل عمال الإغاثة، حتى بعد خضوعهم لقواعد تجنب الاشتباك التي تجريها الأمم المتحدة، والتي من المفترض أن تحمي العاملين في المجال الإنساني، من خلال إبلاغ الجيش الإسرائيلي بأنشطتهم".
بدورها، قالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" تيس إنجرام، المقيمة بشكل مؤقت في غزة، إن نظام الإخطار الذي كان يهدف إلى الحفاظ على سلامة العمال "لا يعمل"، مما يجعلهم "عرضة للخطر".
وتابعت: "هذا يسلط الضوء على طبيعة الحياة هنا في غزة.. ليس فقط لعمال الإغاثة ولكن للجميع. لا يوجد مكان آمن، حتى عندما تفعل كل شيء بشكل صحيح".
وأشارت إنجرام أن الضربة الإسرائيلية "كانت لها آثار أوسع على قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات الغذائية".
وأضافت أن منظمة "المطبخ المركزي العالمي" لا تقوم بإطعام سكان غزة بشكل مباشر فحسب، بل أيضا تقوم بتزويد المستشفيات بالوجبات الغذائية.
وتأمل إنجرام، حسب "نيويورك تايمز"، في أن يدفع الحادث العالم إلى "الاعتراف بأن ما يحدث هنا في غزة ليس على ما يرام".
من جانبها، قالت أسيل بيضون، المتحدثة باسم منظمة "العون الطبي للفلسطينيين"، وهي مجموعة بريطانية، إن منظمتها "تشعر بالقلق إزاء سلامة مهمتها الطبية إلى غزة"، والتي من المقرر أن تصل في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وكان قد أصيب عدد من أعضاء فريق منظمة "العون الطبي للفلسطينيين" في غارة إسرائيلية في يناير الماضي، وفق بيان سابق صادر عن المنظمة.
وذكرت بيضون، المقيمة في الضفة الغربية المحتلة: "كنا نظن أن السيارات المدرعة وقواعد تجنب الاشتباك من شأنها أن تحمي الأطباء بالفعل. لكننا الآن لا نعرف كيف نحمي بعثاتنا وزملائنا".
وحثت منظمة "إنقاذ الطفولة"، التي تقوم بتوزيع الغذاء والمياه والإمدادات الطبية ولوازم الاستحمام في غزة، جيش الاحتلال على الالتزام بالقوانين الدولية التي تحمي العاملين في المجال الإنساني.
وقالت المجموعة إن أحد موظفيها المحليين قُتل في غارة جوية إسرائيلية، في ديسمبر الماضي. وذكرت المتحدثة باسم المجموعة، ثريا علي: "أخبار الهجوم مروعة، إنها كابوس أصبح حقيقة بالنسبة لنا. نعلم أن غزة الآن هي واحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني".
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، جلبت "وورلد سنترال كيتشن" حوالي 600 طن من المواد الغذائية والمساعدات إلى شمال غزة، باستخدام ممر المساعدات البحرية الذي تم افتتاحه الشهر الماضي.
وتقول المؤسسة الخيرية إنها قدمت حتى الآن للفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة أكثر من 43 مليون وجبة، تم تسليمها عن طريق البر والجو والبحر. كما قامت بتعبئة وإنشاء مطابخ ميدانية جاهزة وشاحنات طعام وأنظمة توزيع، للحصول على وجبات مغذية في أسرع وقت ممكن.
وفي نهاية فبراير، قالت الأمم المتحدة، إن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة -أي ربع سكانها- "على بعد خطوة واحدة من المجاعة". وفي منتصف مارس، قال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن 1.1 مليون شخص، أي نصف سكان غزة، يواجهون المجاعة، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وقالت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إن سقوط 7 موظفين يعملون في مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في غزة، هو "نتيجة حتمية للطريقة التي تدار بها هذه الحرب حاليًا"، لافتة إلى أن "ما لا يقل عن 196 من العاملين في المجال الإنساني سقطوا في غزة" منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.