في خطوة تهدف لكسب تأييد الهند لصيغة السلام الأوكرانية في الصراع مع روسيا، زار وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا نيودلهي، واجتمع مع نظيره الهندي سوبرامانيام جايشانكار، وفي وسط هذه المحادثات المصيرية، ألقى كوليبا بتصريحات جريئة أثارت جدلًا واسعًا بشأن مستقبل العلاقات الهندية الروسية.
وفي تحدٍ صارخ للموقف الهندي التقليدي، زعم الوزير الأوكراني أن علاقات نيودلهي مع موسكو "ليس لها مستقبل"، على عكس تلك مع كييف، مشيرًا إلى إمكانية تأثير الهند في سلوك روسيا، نظرًا لعلاقاتها الوثيقة معها.
وقال وزير الخارجية الأوكراني إن علاقات الهند مع روسيا "ليس لها مستقبل"، على عكس العلاقات بين نيودلهي وكييف، قبل أن يلتقي بنظيره الهندي سوبرامانيام جايشانكار في نيودلهي، اليوم الجمعة، للحصول على دعم لـ"صيغة السلام" التي طرحتها كييف في الصراع مع روسيا، على الرغم من أن موسكو رفضت الخطة منذ فترة طويلة.
وفي حديثه قبل المحادثات المغلقة، قال وزير الخارجية الهندي، إن زيارة نظيره الأوكراني "تمنحنا فرصة لفهم الوضع في منطقتكم... وقد أعدت فرقنا جدول أعمال جوهريًا للغاية للمناقشات"، مضيفًا أن هناك أيضًا "زخمًا معينًا" في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وكتب "كوليبا"، في منشور على موقع "إكس" تعليقًا على المناقشات: "لقد أولينا اهتمامًا خاصًا بصيغة السلام والخطوات التالية على طريق تنفيذها".
وتدعو صيغة السلام التي اقترحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2022 إلى العودة غير القابلة للتفاوض لجميع أراضي كييف السابقة، وانسحاب جميع القوات الروسية دون شروط مسبقة، وإقامة محكمة دولية للقادة الروس.
وزعم كوليبا، في مقابلة مع قناة "إن دي تي في" التلفزيونية الهندية، أن علاقة نيودلهي مع موسكو مبنية على الإرث السوفييتي، "الذي انقرض وليس له مستقبل".
وفي المقابل، أصرّ على أن العلاقات الأوكرانية الهندية لها "مستقبل أكثر"، في حين أشار إلى أن الهند يمكن أن "تؤثر في الطريقة التي تتصرف بها روسيا"، بسبب علاقاتها الوثيقة مع موسكو.
وتأتي تصريحات كوليبا في تناقض حاد مع تأكيدات نيودلهي بشأن علاقتها "التي تم اختبارها عبر الزمن" مع روسيا ونظرتها للصراع، إذ أكد جايشانكار خلال زيارته الأخيرة سنغافورة، أن نيودلهي وموسكو "كانت لهما علاقة إيجابية دائمًا" ويوليان "اهتمامًا إضافيًا" لرعاية مصالح بعضهما البعض.
وارتفعت التجارة الثنائية بين الهند وروسيا إلى 65 مليار دولار العام الماضي، مدعومة إلى حد كبير بواردات الهند من النفط الروسي.
وحلال حديثه في ماليزيا، أكد "جايشانكار"، أيضًا، موقف الهند المتمثل في أن الصراع الأوكراني لا يمكن حله إلا بالوسائل الدبلوماسية، مضيفًا: "لقد اتخذنا موقفنا منذ البداية، وهو أننا لن نتوصل إلى حل لهذا الصراع في ساحة المعركة".
وفي الأسبوع الماضي، دعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالمثل إلى "الدعم المستمر" لجهود السلام و"وضع نهاية مبكرة للصراع المستمر"، خلال مكالمة هاتفية مع زيلينسكي.
وفي تفاعلاته مع وسائل الإعلام، أكد "كوليبا" على أهمية صوت الهند كزعيم للجنوب العالمي، إذ تسعى أوكرانيا إلى إقناع نيودلهي بالمشاركة في قمة السلام التي تستضيفها سويسرا في وقت لاحق من هذا العام، ولم يتم الإعلان بعد عن موعدها أو قائمة المشاركين.
وقال "كوليبا": "يمكن للهند أن تلعب دورًا مهمًا للغاية في جمع المزيد من دول الجنوب العالمي... إذا جلست الهند على طاولة صيغة السلام، وتبنت المبادرة التي طرحتها أوكرانيا لإيجاد حل دبلوماسي للحرب، فإن العديد من الدول الأخرى ستجلس على طاولة المفاوضات، سيشعرون بمزيد من الأمان والراحة عند الجلوس بجوار الهند وسيأتون وينضمون إلى هذا الجهد".
ومع ذلك، فإن الهند متشككة بشأن محادثات السلام التي لا تشمل روسيا، حسبما ذكرت بلومبرج مؤخرًا نقلًا عن مسؤولين، في الوقت الذي تواصل فيه نيودلهي الحفاظ على علاقات سياسية واقتصادية قوية مع موسكو على الرغم من الضغوط الغربية.
ووفقا لموسكو، فإن خطة زيلينسكي تتضمن عددًا من المصطلحات غير الواقعية، في حين يتم تجاهل المصالح الروسية المشروعة، إذ قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في وقت سابق من هذا الشهر، إن موسكو ليس لديها نية للمشاركة في مؤتمر السلام المقترح، حتى لو تمت دعوتها رسميًا.
وأضافت زاخاروفا: "سيُخصص هذا المنتدى للترويج لصيغة زيلينسكي للسلام، على الرغم من أن منظميه السويسريين يتظاهرون بأنهم يبحثون عن قاسم مشترك في مبادرات السلام بين مختلف البلدان".