فشل مجلس الأمن الدولي مجددًا، أمس الجمعة، في إصدار قرار يلزم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بوقف عدوانه المتواصل على غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، إذ استخدمت روسيا والصين، حق النقض "الفيتو" الذي تتمتع به الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ضد مشروع القرار الأمريكي، الذي ربط وقف إطلاق النار في القطاع المحاصر، بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
نص المشروع الأمريكي
ومشروع القرار الأمريكي كان ينص على "الحاجة الملحة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لحماية المدنيين من قبل جميع الأطراف، ويدعم بشكل قاطع الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار، بالتزامن مع إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين".
كما يرفض مشروع القرار أي إجراءات للاقتطاع من مساحة قطاع غزة، بما في ذلك من خلال إنشاء مناطق عازلة بشكل رسمي أو غير رسمي، ويدين الدعوات لتهجير سكان القطاع و"يرفض أي محاولات لإجراء تغييرات ديموغرافية أو إقليمية" فيه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القرار "يطالب" الفصائل الفلسطينية بتوفير المساعدات الإنسانية وبشكل فوري لجميع المحتجزين الإسرائيليين المتبقين.
ويركز مشروع القرار على إعطاء الأولوية للمفاوضات بشأن صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس، والتي تشهد جولة جديدة في الدوحة، بمشاركة مسؤولين من دول الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وأبطل الفيتو الصيني والروسي أصوات 11 عضوًا جاءت لصالح مشروع القرار الأمريكي، كما صوتت الجزائر ضد مشروع القرار.
الفيتو الأمريكي
وكانت الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة قدمته الجزائر في 20 فبراير الماضي.
وكان استخدام حق النقض ضد المشروع الجزائري، هو المرة الثالثة التي تمنع فيها الولايات المتحدة مشروع قرار منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
في 22 ديسمبر الماضي، استخدمت الولايات حق النقض "الفيتو" للمرة الأولى منذ الحرب على غزة، بعد أن أجهضت تعديلًا لروسيا يدعو لوقف إطلاق النار، وتسليم المساعدات في غزة.
وفي 8 ديسمبر 2023، منعت واشنطن مشروع قرار إماراتي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار الإنساني في قطاع غزة.
وفي 18 أكتوبر 2023، استخدمت واشنطن حق النقض ضد مشروع قرار برازيلي يدعو إسرائيل -من بين أمور أخرى- إلى سحب الأمر الصادر لسكان غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع، ثم عللت الولايات المتحدة قرارها بالقول إن مشروع القرار لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وبعد التصويت على مشروع القرار الأمريكي، أمس، قالت مندوبة واشنطن في مجلس الأمن ليندا توماس جرينفيلد، إن روسيا والصين عارضتا القرار لأنهما لم تتمكنا من دعم البنود الواردة فيه التي تدين حماس.
وأضافت جرينفيلد، أن "السبب الثاني وراء هذا النقض ليس ساخرًا فحسب، بل تافه أيضًا. ببساطة، لم ترغب روسيا والصين في التصويت لصالح قرار صاغته الولايات المتحدة، لأنهما تفضلان رؤيتنا نفشل بدلًا من رؤية هذا المجلس ناجحًا".
ومن جهته، قال فاسيلي نيبينزيا، مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، إن مشروع القرار الأمريكي "مُسيس بشكل مبالغ فيه" ويتضمن فعليًا منح الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في رفح. وأضاف أن الغاية من القرار الأمريكي كسب الوقت وهدفه مسيّس كي تفلت إسرائيل من العقاب.
وأكد المندوب الروسي، أن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو 4 مرات من قبل لإفشال وقف إطلاق النار في غزة، وقال: "الولايات المتحدة اكتشفت أخيرًا ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بعدما سوى الاحتلال الإسرائيلي القطاع بالأرض".
وأضاف المندوب الروسي، أن دعوة الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة تمثل وثيقة مسيسة لإغراء الناخبين في الانتخابات الرئاسية، وتجنب محاسبة إسرائيل على جرائمها، مؤكدًا أن مشروع القرار الأمريكي بوقف إطلاق النار في غزة مجرد مسرحية ولن يؤثر على الوضع في المنطقة.
ووصف نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي نص وثيقة مشروع القرار الأمريكي بأنها "خداع أمريكي مألوف"، وقال إن موسكو لن تكون راضية "عن أي شيء لا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار"، موضحًا أن مشروع القرار كان يجب أن يتضمن "مطلبًا" أو "دعوة"، ولكن ليس فقط "تعريف الضرورة" لوقف إطلاق النار.
وهناك قرار آخر صاغه أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، يتضمن طلبًا مباشرًا لوقف إطلاق النار، لكن المندوبة الأمريكية حذرت من أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض ضد هذا النص عند عرضه للتصويت، بعد غدٍ الاثنين، ليستمر الجمود في المنظمة الدولية، بشأن العدوان المدمر على غزة، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة عشرات الآلاف، ونزوح 85% من سكان القطاع المحاصر، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، ويواجه نحو نصفهم، أي 1.1 مليون مستوى "كارثيًا" من نقص الغذاء، وفق الأمم المتحدة.