تتحرك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بخطى متسارعة، لمنع جيش الاحتلال الإسرائيلي، من اجتياح رفح الفلسطينية، المكدسة بالنازحين، وذلك من خلال طرح مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار في غزة فورا، والمشاركة في جولة جديدة من مفاوضات الهدنة والتبادل بالعاصمة القطرية الدوحة.
ومن المقرر أن تطرح الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، مشروع قرار للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل بين إسرائيل وحماس للتصويت في مجلس الأمن، للمرة الأولى منذ ما يقرب من ستة أشهر منذ الحرب على القطاع المحاصر، وفق ما ذكرت مجلة" بوليتيكو" الأمريكية.
وكانت الولايات المتحدة استخدمت مرارًا وتكرارًا حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنهاء الحرب على غزة.
وذكرت وكالة "رويترز" أن أحدث نسخة من مشروع قرار الأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع تقريبًا، قائلة إن ذلك سيحمي المدنيين ويسمح بإيصال المساعدات الإنسانية.
ويعكس مشروع القرار الأمريكي الذي سيتم طرحه للتصويت في مجلس الأمن، اليوم الجمعة، مدى إلحاح أكبر في موقف واشنطن، وفق صحيفة " الجارديان" البريطانية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها إدارة بايدن لغة تدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار"، على الرغم من أنها تواصل ربط الهدنة بصفقة تبادل المحتجزين لدى حماس، والأسرى في سجون الاحتلال.
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إنه لا يزال يتعين القيام بعمل صعب، لكن ما زلت أعتقد أن ذلك ممكن". ووصف بلينكن مشروع القرار الأمريكي بأنه يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن المحتجزين".
وقالت المتحدثة باسم البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز: "بعد عدة جولات من المشاورات مع مجلس الأمن، سنطرح هذا القرار للتصويت عليه الجمعة"، مشيرًا إلى أنه كان قيد المناقشة من قبل أعضاء المجلس لعدة أسابيع.
وأضافت المتحدثة: "هذا القرار هو فرصة للمجلس للتحدث بصوت واحد لدعم الدبلوماسية التي تحدث على الأرض والضغط على حماس لقبول الصفقة المطروحة على الطاولة".
لغة أقوى
وترى "الجارديان" أن صياغة مشروع القرار الأمريكي الجديد، تعطي بعض الأساس لمطالب شركاء واشنطن الأوروبيين والعرب، مع لغة أقوى تطالب بوصول المساعدات الإنسانية وصياغة أكثر غموضا بشأن الربط بين الهدنة وصفقة التبادل.
وينص مشروع القرار الأمريكي، على أن "وقف إطلاق النار الفوري والمستدام" أمر "حتمي"، مضيفًا أنه "ولتحقيق هذه الغاية" ينبغي تقديم دعم لا لبس فيه للمفاوضات بشأن المحتجزين.
ويحتوي مشروع القرار الأمريكي على 26 فقرة، تؤكد على المطالبة "بالتوصيل الفوري والآمن والمستدام ودون عوائق للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع ومباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة".
وتم الكشف عن تفاصيل مشروع القرار الأمريكي، في الوقت الذي أصدرت فيه الأمم المتحدة تحليلاً لصور الأقمار الصناعية، يظهر أن 35% من المباني في غزة قد تضررت أو دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي، الذي أودى بحياة ما يقرب من 32,000 فلسطيني.
ويرسل النص الجديد لإسرائيل أوضح رسالة حتى الآن، حول الإحباط المتزايد لإدارة بايدن من ملاحقتها للحرب، ويأتي بعد تحذير من مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن إسرائيل ربما ترتكب جريمة حرب باستخدام "التجويع وسيلة للحرب".
ونقلت "الجارديان" عن دبلوماسي أوروبي في الأمم المتحدة، أن التركيز على وقف إطلاق النار "الفوري" وعبارة "نحو تلك الغاية" يظهران تحركًا كبيرًا في الموقف الأمريكي. وقال الدبلوماسي: "أعتقد أن هذا تحول في القول بأن وقف إطلاق النار لا يتوقف على اتفاق محدد".
كما لفتت الصحيفة إلى أن التغيير في اللغة الأمريكية يزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، التي تصر على اجتياح مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، في مواجهة الاعتراضات الأمريكية القوية.
جولة مفاوضات جديدة
ويتزامن طرح مشروع القرار الأمريكي للتصويت في مجلس الأمن، اليوم الجمعة، مع انطلاق جولة جديدة من مفاوضات الهدنة والتبادل بين إسرائيل وحماس، بالدوحة، بمشاركة مسؤولين من أطراف الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وذكرت " الجارديان" أن محادثات المحتجزين في الدوحة، ستركز على سد الفجوة العنيدة بين المواقف التفاوضية للطرفين، إذ رفضت إسرائيل اقتراح حماس بإطلاق سراح المحتجزين مقابل اتفاق ينهي الحرب على غزة.
وتركز إسرائيل بدلاً من ذلك على وقف مؤقت، يتم من خلاله إطلاق سراح 40 محتجزًا معرضين للخطر بشكل خاص، من كبار السن والمرضى وبعض النساء، خلال هدنة لمدة ستة أسابيع.
وقال بلينكن في تصريحات إعلامية: "أعتقد أن الفجوات تضيق، وأعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن للغاية". وأضاف أن "الفريق الإسرائيلي حاضر ولديه صلاحية التوصل إلى اتفاق".
وتستهدف التحركات الدبلوماسية الأمريكية، تكثيف الضغط على مسؤولي الاحتلال، للتخلي عن خطط اجتياح رفح الفلسطينية، والذي يهدد بحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وأكد بلينكن مجددًا معارضة الولايات المتحدة للهجوم البري الإسرائيلي المزمع على رفح الفلسطينية، حيث يحتمي أكثر من مليون فلسطيني من القصف الإسرائيلي. وقال بلينكن: "إن عملية عسكرية كبيرة في رفح ستكون خطأ، وهو أمر لا نؤيده".
ودعت إدارة بايدن مسؤولين إسرائيليين إلى واشنطن لمناقشة البدائل، وهو اجتماع متوقع الأسبوع المقبل.
وفي الوقت نفسه، يهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستخدام نفوذه السياسي في الولايات المتحدة وعلاقته الوثيقة مع الحزب الجمهوري لمقاومة الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن.
وأجرى نتنياهو مكالمة هاتفية مدتها 45 دقيقة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، أمس الأول الأربعاء، تعهد فيها بالمضي قدمًا في عملية رفح.