في خطوة تصعيدية جديدة في سباق التسلح الهائل بين الولايات المتحدة والصين، أجرت واشنطن أول اختبار لصاروخ فرط صوتي في منطقة المحيط الهادئ، في رسالة واضحة إلى بكين بشأن قدرتها على الرد السريع على أي تحركات عدوانية محتملة.
السلاح السريع للاستجابة الجوية
أقلعت قاذفة أمريكية من "طراز بي-52 " من قاعدة أندرسن الجوية في جزيرة جوام، صباح يوم الأحد الماضي، قبل إطلاق الصاروخ المسمى "AGM-183A" أو "السلاح السريع للاستجابة الجوية"، وتعتبر واشنطن الجزيرة الواقعة غرب المحيط الهادئ موقعًا حيويًا للاستجابة السريعة لأي هجمات صينية محتملة، مثل غزو تايوان.
وأشارت صحيفة نيوزويك الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تحاول لحاق ركب سباق التسلح فرط الصوتي مع الصين، التي استثمرت بكثافة على مدار العقد الماضي في البحث والتطوير، لبناء قدراتها في مجال الأسلحة الفرط صوتية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن القوات المشاركة في هذا التدريب اشتملت على أفراد طواقم القاذفات البعيدة المدى من طراز "بي-52" التابعين للسرب 23 للقصف الاستكشافي والسرب 49 للاختبار والتقييم، في إطار الجهود الرامية إلى تعميم الإلمام بهذه التقنية الحديثة والمتطورة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة من إطلاق الصاروخ فرط الصوتي نفسه في اختبار حقيقي، في محاولة من القوات الجوية الأمريكية لاستعراض قدراتها وإمكاناتها في هذا المجال الحساس.
وعلى الرغم من هذه التحركات، أعلنت القوات الجوية الأمريكية، العام الماضي، عن نيتها التخلي عن برنامج "إيه جي إم-183" بعد تحقيقه نجاحات متباينة في جولات الاختبار السابقة، في إشارة إلى احتمالية تركيز الجهود على تطوير أنظمة أسلحة فرط صوتية أكثر تقدمًا.
تحديات الأسلحة فرط الصوتية
تشكل الصواريخ فرط الصوتية تحديًا قاتلًا لأنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية، إذ تشير الصحيفة الأمريكية أنها ليست فقط سريعة جدًا –تبلغ سرعتها نحو 5 أضعاف سرعة الصوت- بل إنها مزودة برؤوس حربية قادرة على التحليق تحت أفق الرادارات الأرضية وتفادي النيران المضادة في طريقها لتسليم حمولتها.
وأوضحت "نيوزويك" أنه لعدة سنوات، كانت بكين توسع وتُحسّن ترسانتها من الصواريخ متوسطة المدى مثل "دونجفنج-17"، التي تضع القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في مرمى نيرانها.
وحذر جيفري مكورميك، محلل كبير في المركز الوطني لاستخبارات الفضاء والجو، الأسبوع الماضي، من أن الصين تحرز تقدمًا نحو نشر صواريخ عابرة للقارات، كما اتضح من الصاروخين اللذين أطلقتهما في رحلات اختبار عام 2021 على الأقل جزئيًا حول الأرض.
وستمنح صواريخ بكين فرط الصوتية، جنبًا إلى جنب مع ترسانتها الصاروخية الباليستية القوية بالفعل، ميزة استراتيجية ضد القوات الأمريكية التي تستجيب لحالة طوارئ في غرب المحيط الهادئ، مثل غزو صيني لتايوان.
تصعيد متبادل للتوتر
يأتي هذا الاختبار الصاروخي الأمريكي في وقت تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين على خلفية عدة قضايا إقليمية ودولية، بما في ذلك مسألة تايوان والمنافسة الاستراتيجية في المحيط الهادئ.
وردًا على الاختبار الأمريكي، أدانت الصين بشدة هذه الخطوة، واصفة إياها بأنها "استفزازية" وتهدد الاستقرار الإقليمي، وحذرت من أن مثل هذه التصرفات "قد تؤجج سباق تسلح جديد ومكلف في المنطقة".
وفي الوقت نفسه، دعت أصوات عديدة إلى ضبط النفس وإعادة فتح قنوات الحوار بين الجانبين لتجنب أي تصعيد عسكري غير مرغوب فيه، كما حثت المنظمات الدولية الدول المعنية على العمل على نزع فتيل التوترات وإيجاد حلول دبلوماسية للخلافات القائمة.