في خضم التوترات المُتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن الدولتين عقدتا في يناير الماضي محادثات سرية غير مباشرة في مسقط، عاصمة سلطنة عُمان، في محاولة للتهدئة والحد من المواجهة العسكرية المباشرة، تناولت قضايا رئيسية مثل التهديدات المُتزايدة للملاحة البحرية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين في اليمن، وكذلك الهجمات على القواعد الأمريكية من قبل الجماعات الموالية لإيران في العراق.
طرفا النزاع يحاولان تجنب المواجهة المباشرة
وبحسب ما أفادت الصحيفة الأمريكية، فقد أكدت مصادر إيرانية وأمريكية مطلعة على المحادثات أن كلا الجانبين أبلغ الآخر، منذ بداية الحرب في غزة، بأنهما لا يسعيان إلى مواجهة مباشرة، وهو موقف تم نقله عبر وسطاء.
في اجتماع مسقط، كان لكل طرف طلب واضح من الآخر، إذ طالبت واشنطن إيران بكبح جماح الجماعات الموالية لها؛ لوقف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر واستهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، في المقابل، طلبت طهران من إدارة بايدن التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
على الرغم من استمرار التوترات، اتخذت إيران والولايات المتحدة قرارات لتجنب نشوب حرب مباشرة في فبراير. فقد تجنبت القوات الأمريكية توجيه ضربات مباشرة لإيران في ردها العسكري، بينما أقنعت إيران الميليشيات في العراق بوقف الهجمات على القواعد الأمريكية، وخفضت الميليشيات في سوريا من حدة هجماتها لتجنب وقوع قتلى أمريكيين.
لكن الحوثيين واصلوا شن 102 هجوم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر، وفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية. واعتبارًا من 14 مارس، شنت الولايات المتحدة 44 ضربة على أهداف حوثية، لكن هذه الهجمات لم تردع الحوثيين الذين هددوا باستخدام أسلحة أكثر تقدمًا.
فشل المحادثات وتصعيد العمليات العسكرية
لم يتم التوصل إلى اتفاق، ومع ذلك، قادت الولايات المتحدة غارات عسكرية على أهداف حوثية مُتعددة في اليمن، بعد ساعات قليلة من مغادرة الوفد الأمريكي برئاسة بريت مكجورك، منسق الرئيس بايدن للشرق الأوسط الاجتماع مع الإيرانيين.
وفي أوائل فبراير، شنت الولايات المتحدة ضربات على قواعد عسكرية مرتبطة بإيران في العراق وسوريا؛ ردًا على مقتل ثلاثة من أفراد خدماتها العسكرية في هجوم شنته ميليشيا عراقية قريبة من إيران.
الحفاظ على قنوات الاتصال رغم التوترات
على الرغم من استمرار التوترات، أكد مسؤول أمريكي كبير أن الولايات المتحدة شاركت في المحادثات لإظهار أنها لا تزال منفتحة على مواصلة الدبلوماسية مع إيران، حتى عندما تصاعدت حدة التوترات، مضيفًا أنه في حال لم تؤت هذه المحادثات ثمارها، فإن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة.
الحوثيون ورقة رابحة لإيران
يرى محللون بحسب ما أشارت "نيويورك تايمز" أن الحوثيين أصبحوا بمثابة ورقة رابحة لإيران في الصراع الحالي، حيث تسببوا في إلحاق أضرار بالشحن الدولي ورفعوا رهانات الحرب في غزة إلى ما هو أبعد من المنطقة، وهو ما يعتبره المحللون رافعة لن تتخلى عنها إيران بسهولة.
محاولات لاحتواء التصعيد
يقول ساسان كريمي، محلل سياسي في طهران: "كان هدف المفاوضات الأخيرة في عُمان هو محاولة جعل كلا الجانبين يعودان إلى ذلك الاتفاق غير الرسمي والحفاظ على مستوى منخفض من التوترات، لا ينبغي أن نتوقع أي اختراقات بين إيران والولايات المتحدة، فكل شيء يركز بشكل ضيق على المنطقة في الوقت الراهن. إنهم يريدون من إيران استخدام نفوذها المقنع مع الميليشيات، وإيران تقول، ليس بهذه السرعة، ليس قبل أن تمنحونا وقف إطلاق النار".