تواجه خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإنشاء مرفأ بحري مؤقت في غزة لإيصال المساعدات الإغاثية إلى القطاع، تحديات أمنية ولوجيستية، في حين تواصل واشنطن مدّ جيش الاحتلال بالأسلحة، وترفض استخدام ورقة الضغط لإجباره على تمرير المساعدات، أو حتى وقف الحرب.
وكان بايدن أعلن في خطاب "حالة الاتحاد" أمام الكونجرس، أمس الأول الجمعة، أنه أوعز إلى الجيش الأمريكي بإنشاء مرفأ بحري مؤقت في غزة لإيصال المساعدات الإغاثية إلى القطاع.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، أمس السبت، أن الجيش الأمريكي أرسل السفينة "فرانك إس بيسون" التابعة للفيلق الـ18، وغادرت قاعدة لانجلي- يوستيس المشتركة، في طريقها إلى شرق البحر المتوسط.
وأضافت "سنتكوم"، في بيان عبر حسابها على منصة "إكس"، أن "السفينة تحركت بعد أقل من 36 ساعة" من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إنسانية لغزة عن طريق البحر.
وأشارت إلى أن سفينة الدعم اللوجستي "بيسون" تحمل "المعدات الأولى لإنشاء رصيف مؤقت لتوصيل الإمدادات الإنسانية" الحيوية.
من جانبها، أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن هناك تشكيكًا في نجاح خطة الرئيس الأمريكي لإنشاء ممر مساعدات بحري إلى غزة المنكوبة، بما في ذلك إنشاء ميناء مؤقت.
وأضافت الصحيفة أن الخطة، بحسب كثيرين، هي دليل إضافي على إحجام إدارة بايدن عن مواجهة إسرائيل، واستخدام النفوذ الاستثنائي للولايات المتحدة باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل، للتخفيف من عواقب الحرب الكارثية.
وذكرت "واشنطن بوست" أن الخطة تبعث بإشارة سيئة عن القيادة الأمريكية، وأن التعاطف الذي أظهره بايدن تجاه الفلسطينيين تكتيكي، ويهدف إلى استرضاء القاعدة الانتخابية المحلية.
ونقلت الصحيفة عن منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، جيمى جولد ريك، أن خطة الرئيس الأمريكي تواجه العديد من التحديات الأمنية واللوجيستية، في ما يتعلق بتفريغ الشاحنات وتوزيعها.
كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن دبلوماسيين ومسؤولي إغاثة، أن الجهود الإنسانية لدرء المجاعة التي تلوح في الأفق، تواجه تحديات لوجستية وأخرى متعلقة بالتكلفة والأمن.
ولفتت الصحيفة إلى أن صور أطفال غزة الذين يتضورون جوعًا تجعل الخطة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضرورية، بحسب الدبلوماسيين والمسؤولين الإغاثيين، وذلك في ظل الإجراءات المشددة التي يفرضها جيش الاحتلال، التي تتسبب في إبطاء شحنات المساعدات البرية من الماء والغذاء والدواء.
كما أن الممر البحري لإرسال المساعدات من قبرص إلى غزة، من المرجح أن يستغرق إتمامه عدة أسابيع أو أشهر، وذلك في ظل الحاجة لإنشاء ميناء مؤقت، قبل الوصول إلى الهدف المتمثل في توفير مليوني وجبة يوميًا لسكان غزة.
وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى أن مسؤولي الإغاثة "اعتبروا أن السماح بإيصال المساعدات بالشاحنات هو الطريقة الأكثر فعالية لمساعدة سكان غزة"، وكرروا دعوة الاحتلال إلى فتح نقاط عبور جديدة شمالي غزة، وتخفيف القيود المفروضة على الدخول.
ومن بين التحديات التي تواجه الخطة أيضًا بجانب الوقت، هو أن غزة رغم أنها تمتلك ميناء بالفعل، فإن مياهها الساحلية الضحلة جدًا ستسبب صعوبة بالنسبة لمعظم السفن في الرسو، خاصة المراكب الكبيرة الضرورية لنقل كميات هائلة من المساعدات اللازمة للفلسطينيين.
كما تشير تقديرات إلى أن تلك الجهود مكلفة، وربما تصل تكلفة إنشاء الرصيف العائم ونفقات الشحن إلى عشرات الملايين من الدولارات على مدى عدة أشهر.
وتبقى أيضًا مشكلة التوزيع والتأمين عائقًا كبيرًا، إذ أوضح تقرير "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة أكدت أنه لن يكون لها قوات على الأرض، وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن "الموظفين المتبقين في الشرطة المدنية التابعة لحماس يمكنهم توفير الأمن خلال عملية وصول المساعدات"، لكن هذه خطوة من المرجح أن تكون مرفوضة بالنسبة للاحتلال والولايات المتحدة.
كما أشار التقرير إلى أنه "من الممكن أن يرسل جيش الاحتلال دوريات مع قوافل المساعدات خلال دخولها القطاع، لكن وجودها سيشكل تحديًا للأمم المتحدة.
واعتبرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، أن عدم قدرة بايدن على التأثير في سلوك إسرائيل بالحرب على غزة، واستمراره في تقديم المساعدات العسكرية لها، يظهرانه ضعيفًا.
وتطرقت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إلى عدم جدوى خطة بايدن في غزة، واعتبرت أنه مع عدم وجود قوات أمريكية على الأرض، سيكون تأمين الميناء الذي تنوي واشنطن إنشاءه في القطاع من مهمة إسرائيل، وهي الجهة نفسها التي تعرقل وصول المساعدات برًا.
كذلك رأت المجلة البريطانية، أن خطة المساعدات تشير أيضًا إلى "إخفاقات بايدن" إذ يسعى لإغاثة الفلسطينيين الذين تشن حليفة واشنطن الحرب عليهم، وفي الوقت نفسه يواصل مدّ إسرائيل بالأسلحة ويستخدم حق النقض ضد قرارات وقف العدوان على القطاع المحاصر والمنكوب.
وأردفت "الإيكونوميست" أنه "بعد أن دعّم إسرائيل لعدة أشهر، ورفض استخدام وسائل الضغط عليها، يبحث بايدن الآن عن حلول بديلة تعفيه من المسؤولية".
وكررت الأمم المتحدة مطلع مارس الجاري، تحذيرها من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة، في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال على القطاع.
وتقدر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن نحو 1.7 مليون شخص، أي أكثر من 75% من السكان، نزحوا داخل غزة، واضطر كثيرون منهم إلى النزوح أكثر من مرة.
وكثف جيش الاحتلال، الشهر الماضي، قصف مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، حيث يتكدس نحو 1.5 مليون شخص، ويعانون ظروفًا إنسانية كارثية.
وتقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة "مرتفعة جدًا"، وأعلى بنحو 3 أمثال مما هي عليه في جنوب القطاع الفلسطيني، حيث تتوفر مساعدات أكثر.