مع بلوغ العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة شهره الخامس، يعانى سكان القطاع المحاصر، من أزمة إنسانية متفاقمة.
وأدى العدوان الذى يشنه جيش الاحتلال على غزة، منذ 7 أكتوبر الماضى، إلى تدمير معظم أنحاء القطاع الفلسطيني، ونزوح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وسط أزمة إنسانية قاتلة.
وقبل 5 أشهر، بدأ الاحتلال قصفًا مدمرًا على غزة تبعه بهجمات برية، ما تسبّب في استشهاد 30631 شخصًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق السلطات الصحية في القطاع. ما خلّف أزمة إنسانية ضربت مختلف أوجه الحياة في قطاع غزة، وشملت نقصًا حادًا في الغذاء والماء والدواء.
النزوح
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن نحو 1.7 مليون شخص، أي أكثر من 75% من السكان، نزحوا داخل غزة. واضطر كثيرون منهم إلى النزوح أكثر من مرة، ورغم ذلك كثّف جيش الاحتلال الشهر الماضي، قصفه لمدينة رفح الفلسطينية الواقعة جنوبي القطاع، حيث يتكدس نحو 1.5 مليون شخص نازح، في مخيمات، ووسط ظروف إنسانية متردية للغاية.
ومعظم السكان الذين يعيشون في رفح حاليًا، نزحوا من منازلهم في شمال القطاع هربًا من العدوان، الذى يقول الاحتلال إنه لن يتوقف، بذريعة تحقيق هدف "القضاء على حماس".
الصحة والمستشفيات
قالت منظمة الصحة العالمية، إن معظم مستشفيات القطاع البالغ عددها 36 مستشفى، توقفت عن العمل. وأضافت أنه لا يعمل من هذه المستشفيات جزئيًا إلا 12 مستشفى فقط، 6 منها في شمال القطاع و6 في الجنوب، بينما يعمل مستشفى الأمل في خان يونس بالحد الأدنى.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية المحتلة، ريتشارد بيبركورن، أمس الثلاثاء، إن "أكثر من 8 آلاف شخص بحاجة إلى نقلهم خارج غزة لتلقي العلاج".
وأضاف أن "نحو 6 آلاف شخص يحتاجون إلى الخروج من القطاع بسبب إصابات وأمراض مرتبطة بالحرب، في حين يعاني 2000 من السرطان وأمراض مزمنة خطيرة أخرى".
وزار فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، الأحد الماضى، مستشفيين هما "كمال عدوان" و"العودة" في شمال غزة، لتوصيل الإمدادات لأول مرة منذ بدء الأعمال القتالية.
ووصف بيبركورن الوضع في مستشفى العودة بأنه "مروع على وجه الخصوص" بسبب تدمير أحد مبانيه.
وقال رئيس المكتب الفرعي لمنظمة الصحة العالمية في غزة، أحمد ضاهر: "المستشفيان اللذان زرناهما يمثلان النظام الصحي بوجه عام في غزة، إذ يكافحان من أجل الاستمرار في العمل بكميات صغيرة من المساعدات، ما يجعلهما بالكاد يعملان لخدمة المحتاجين".
وتابع: "واجه المستشفيان نقصًا في الوقود والطاقة والموظفين المتخصصين. وكان غالبية الأشخاص الذين أُدخلوا إلى المستشفيين يعانون من الصدمة".
وقالت وزارة الصحة في غزة، الأحد الماضى، إن 15 طفلًا على الأقل توفوا خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفى كمال عدوان، شمالي غزة.
الجوع
ويمنع جيش الاحتلال دخول مساعدات الغذاء والعقاقير والطاقة والوقود، من الدخول إلى غزة. ويطلق جيش الاحتلال النيران على شاحنات المساعدات ومنتظرى المساعدات في القطاع.
وقالت السلطات الصحية في غزة، إن 118 شخصًا استشهدوا بنيران إسرائيلية في الواقعة التي وصفتها بـ"المذبحة"، عندما فتح جنود الاحتلال النيران على منتظرى المساعدات في دوار النابلسى بشارع الرشيد شمالى غزة.
وقالت وكالات تابعة للأمم المتحدة، إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة "مرتفعة للغاية، وأعلى بنحو 3 أمثال مما عليه الوضع في جنوب القطاع الفلسطيني.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لاركيه: "عندما يبدأ الأطفال في الموت جوعًا، ينبغي أن يكون ذلك تحذيرًا لا مثيل له".
وأضاف: "إذا لم يكن ذلك الآن، فمتى يحين الوقت المناسب لبذل قصارى جهدنا وإعلان حالة الطوارئ، وإغراق غزة بالمساعدات التي تحتاجها؟".
وقال بيبركورن من منظمة الصحة العالمية، إن "واحدًا من كل 6 أطفال تحت سن الثانية يعاني سوء التغذية الحاد في شمال غزة".