تسبب قيام إسرائيل بمنع ما يقرب من 150 ألف عامل بناء فلسطيني من الضفة الغربية وغزة، من دخول الأراضي المحتلة، على خلفية طوفان الأقصى، إلى حدوث أزمة كبيرة في قطاع البناء والإسكان الإسرائيلي، مخلفًا خسائر شهرية هائلة، حيث أصبحت المباني غير المكتملة منتشرة في كل مكان، وهو الأمر الذي دفعها للبحث عن بدائل أخرى من بينها جلب العمال الهنود.
ومن المتوقع أن يدخل نحو 60 ألف أجنبي صناعة البناء الإسرائيلية خلال الأشهر القليلة المقبلة لسد العجز، وستكون الأغلبية من الهند، كما أن إسرائيل، وفقًا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية اليومية، لديها أيضًا اتفاقيات عمل مماثلة مع سريلانكا وأوزبكستان، وقد قامت بتوظيف من الصين ومولدوفا وأوكرانيا في الماضي.
خسائر كبيرة
وقدرت وزارة المالية، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، أن طرد عمال البناء الفلسطينيين يكلف ثلاثة مليارات شيكل - أي ما يعادل 830 مليون دولار- شهريًا، ويمكن أن يؤدي في النهاية إلى خسارة 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي لأن صناعات البناء والإسكان مدينة بقروض بقيمة 400 مليار شيكل.
وبسبب الضغوط الكبيرة من أصحاب المصانع والشركات، الذين يعانون ماليًا نتيجة فقدان الكثير من القوى العاملة لديهم، اضطرت الحكومة الإسرائيلي للسماح بعودة ما بين 8000-10,000 عامل فلسطيني من الضفة الغربية إلى وظائفهم في المستوطنات والشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
جلب الهنود
في مايو الماضي تم التوقيع على اتفاقية عمل ثنائية بين إسرائيل ونيودلهي، قبل اندلاع الحرب في غزة، لكنها أصبحت أولوية لكلا البلدين، عقب أزمة العقارات الحالية، حيث كانت زيارة وزيرة النقل الإسرائيلية، ميري ريجيف، إلى الهند في وقت سابق من هذا الشهر، بهدف سرعة البحث عن العمال، وأوضحت خلال زيارتها أنها ستعمل على تقليل اعتمادها على العمال الفلسطينيين من خلال استبدالهم بالعمال الأجانب.
وانطلقت حملات التجنيد في مختلف أنحاء الهند، بعد أن تلقت طلبًا مباشرًا من السلطات الإسرائيلية التي تريد توظيف 10 آلاف عامل، وأغرتهم برواتهم كبيرة شهرية تصل إلى 138 ألف روبية مع توفير السكن الملائم لهم، وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة ثروة كبيرة للعمال الهنود، وشرع عشرات الآلاف وفقًا للجارديان البريطانية، للتقدم بطلبات للعمل كسباكين وبنائين وكهربائيين ونجارين في مواقع البناء الإسرائيلية.
هجوم النقابات الهندية
وفي الوقت الذي قامت فيه إسرائيل بتوجيه حملات كبيرة لجلب العمال الهنود، إلا أن تلك الحملات قوبلت بمقاومة كبيرة من قبل العديد من الهيئات التجارية الهندية، حيث قالت 10 نقابات عمالية إن أي محاولة من جانب الحكومة "لتصدير" العمال الهنود من شأنها أن تظهر الطريقة التي تُجرد بها العمال الهنود من إنسانيتهم وتصنيفهم كسلعة تباع وتشترى، وشددت النقابات العمالية الهندية، أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة تواطؤ من جانب الهند مع حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، معلنين رفضهم تحميل أو تفريغ الأسلحة المتجهة إلى إسرائيل تضامنًا مع فلسطين.
كما أن إسرائيل، كما تقول الجارديان، لديها سجل غير نظيف فيما يتعلق بالسلامة والمعايير الغربية للحفاظ على العمال، ونقلت الصحيفة، عن إحدى المجموعات الحقوقية تأكيدها أن عدد الأشخاص الذين قتلوا في مواقع البناء الإسرائيلية يزيد بمقدار 2.5 مرة على نظيره في الاتحاد الأوروبي لكل 100 ألف عامل، ورغم ذلك بدأت الدفعة الأولى من العمال الهنود في الوصول، وقدرت الصحيفة أن 400 شخص قد جاءوا بالفعل إلى إسرائيل بعد اجتياز اختبارات المهارات والمؤهلات.