الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تجنيد "الحريديم".. قنبلة موقوتة على وشك الانفجار في وجه نتنياهو

  • مشاركة :
post-title
الشرطة تواجه متظاهرين من "الحريديم" أمام المحكمة العليا الإسرائيلية – وكالات

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

توشك أزمة أخرى على الانفجار في وجه حكومة الائتلاف لدولة الاحتلال، بعد أن وضع الوزيران في مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني جانتس وجادي آيزنكوت، خطة لتوسيع التجنيد في الجيش، تقوم على تجنيد العرب ويهود "الحريديم" المتشددين، تحت دعوى أن "جميع شرائح المجتمع يجب أن تخدم البلاد".

وجاءت الخطة في الوقت الذي أمرت فيه المحكمة العليا حكومة الاحتلال بتوضيح سبب عدم إلغاء قرار صادقت عليه في يونيو 2023، يأمر جيش الاحتلال بعدم تجنيد طلاب المدارس الدينية "الحريدية".

وربط جانتس وآيزنكوت -وهما رئيسان سابقان لأركان جيش الاحتلال- بين تقديم دعمهما جهود الحكومة لتمديد فترة خدمة قوات الجيش، وبين قبول خطتهما لتوسيع التجنيد على مدار العقد المقبل، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

جدل ضخم

جاءت خطة جانتس وآيزنكوت في ظل جدل ضخم حول مسألة إعفاء "الحريديم" من التجنيد الإلزامي، مع النقص في القوى العاملة نتيجة الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، والمواجهة المحتملة على الحدود مع لبنان.

وأمام لجنة في الكنيست الأسبوع الماضي، قالت مديرية شؤون الموظفين في جيش الاحتلال، إن نحو 66 ألف شاب من مجتمع الحريديم حصلوا على إعفاء من الخدمة العسكرية خلال العام الماضي -وهو رقم قياسي- وفقط نحو 540 منهم قرروا التجنيد منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.

وظهرت، خلال العدوان، اقتراحات بتغييرات على قوانين خدمة الأمن والاحتياط، من شأنها أن تشهد زيادة كبيرة في طول المدة التي يخدمها المجندون وجنود الاحتياط، بسبب الوضع القائم.

والخطة مشابهة للتي اقترحها بيني جانتس في عام 2021، عندما كان وزيرًا للحرب، والتي تطلب من جميع الإسرائيليين في أداء شكل من أشكال الخدمة الوطنية بعد المدرسة الثانوية، بزيادة 5000 شخص إضافي كل عام لأداء الخدمة الوطنية.

بدء تجنيد الحريديم

وأيّد كثيرون هذه التغييرات، بما في ذلك وزراء في الحكومة وأعضاء في الكنيست، وطالبوا بالبدء في تجنيد اليهود "الحريديم" لتعويض النقص في القوى العاملة.

وقال جانتس: "يجب على كل شعب إسرائيل، جميع شرائح المجتمع، المشاركة في الحق في خدمة بلدنا. التحديات هائلة، ولا يمكن النظر في أعين أولئك الذين يخدمون في الجيش وإخبارهم أن الأمور ستسير كما كانت".

أما آيزنكوت فقال: "نحن مطالبون بسنّ قانون خدمة عسكرية يوسع نطاق التجنيد الإجباري فورًا".

رفض وغضب

بحسب ما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تتكون خطة جانتس وآيزنكوت من مبادئ عدة، أولها أن الأغلبية المطلقة من الشباب يجب أن تخدم كيانهم القائم بالاحتلال.

وطالبت الخطة بإنشاء "إدارة تجنيد موحدة" للإشراف على الإعفاءات، وتحديد الأماكن التي سيخدم فيها المجندون، واقترحت إنشاء عشرات مسارات الخدمة البديلة في المنظمات الأمنية والطوارئ والخيرية المعترف بها.

وفي حين أن جانتس لم يقترح حصصًا محددة للمجندين من الـ "حريديم"، إلا أنه أشار إلى أن العدد يجب أن يزيد تدريجيًا عامًا بعد عام.

وقال إنه في حين سيتم تجنيد معظم الحريديم بموجب الخطة "ستظل هناك نخبة ستواصل الدراسة وكثيرون سيخدمون في الوقت نفسه الذي يدرسون فيه".

في المقابل، اعترض بعض زعماء المعارضة الإسرائيلية على الخطة، وأبدى منهم كثير من الانتقادات.

وقال رئيس حزب "يسرائيل بيتنو/ إسرائيل بيتنا" أفيجدور ليبرمان، إن "هناك مخططا واحدا فقط، خاصة بعد 7 أكتوبر، وهو أن كل شاب يبلغ من العمر 17 عاما يذهب إلى مركز تجنيد الجيش الإسرائيلي"،

واتهم ليبرمان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ "تقديس المتهربين من الخدمة العسكرية".

وأشار زعيم المعارضة يائير لابيد إلى أن الخطة "ليست جديدة".

وقال: "إنه مخطط لم ينجح حتى الآن في تجنيد ولو "حريدي" واحد".

كما حثّ على دعم تشريعات حزبه "يش عتيد/ هناك مستقبل"، التي تركّز على سحب المزايا الحكومية من المواطنين الذين يتهربون من الخدمة العسكرية أو المدنية.

أزمة الحريديم

الاثنين الماضي، تظاهر مئات الإسرائيليين أمام المحكمة العليا في القدس المحتلة، تزامنًا مع انطلاق جلسات استماع في المحكمة، بشأن المبررات الملزمة لليهود المتشددين "الحريديم"، بأن يخدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد للشرطة الإسرائيلية، وهي تفرق بالقوة احتجاجات "الحريديم"، الذين توافدوا من مختلف الفئات العمرية، وذلك بعد فترة وجيزة من سماع المحكمة الإسرائيلية العليا للطعن، بحسب وسائل إعلام عبرية.

ويشكل اليهود المتشددون 13% من سكان إسرائيل، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 19% بحلول عام 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم.

ومنذ إعلان دولة الاحتلال في 1948، واجهت إسرائيل مسألة تجنيد المتشددين، وعاملهم أول رئيس وزراء -ديفيد بن جوريون- معاملة خاصة، كونهم كانوا ضامنين لاستمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية.

وحتى الآن، تعدّ مسألة تجنيد اليهود المتشددين تحديًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويواجه نتنياهو، الذي يعتمد على دعم الأحزاب "الحريدية" المتشددة من أجل الحفاظ على ائتلافه، الأزمة نفسها. بينما باتت مشاركتهم في الحرب على غزة تمثل أزمة في المجتمع الإسرائيلي.

ويجدد قادة من الطائفة معارضتهم تجنيد الحريديم في الجيش، مع التأكيد على أن دورهم يتمثل فقط في دراسة التوراة.

ويتمتع اليهود "الحريديم" منذ فترة طويلة بإعفاءات من الخدمة العسكرية، حيث يحتجون، أو يرفضون أوامر التجنيد، ويسعون إلى تكريس الإعفاء في القانون.

تهديد للهوية الدينية

ويرى "الحريدي" أن الخدمة العسكرية، والاندماج الأوسع مع العالم العلماني، يشكلان تهديدًا لهويتهم الدينية، واستمرارية تقاليد مجتمعهم المعزول.

ويحصل طلاب المدارس الدينية -الحريدية- على رواتب مدفوعة من الدولة للدراسة، في إطار القانون الذي يسمح لهم بالحصول على تأجيلات سنوية للخدمة العسكرية حتى بلوغهم سن الإعفاء.

وفي عام 2017، ألغت المحكمة العليا التشريع الذي يسمح بالإعفاء الشامل لرجال "الحريديم" من الخدمة العسكرية بوصفه تمييزيًا، ومنحت الحكومة سنة واحدة لسن قانون جديد لتعزيز مستويات التجنيد العسكري لليهود «الحريديم».

ومنذ ذلك الحين، منحت المحكمة الحكومة تمديدات عدة، بسبب الانتخابات المتعددة التي جرت منذ ذلك الحين، ثم العدوان الحالي الذي يشنه الاحتلال على قطاع غزة، وآخر موعد هو في 31 مارس المقبل.