اصطدم أمل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في وقف إطلاق النار بغزة، بحلول الأسبوع المقبل، بتشكيك حماس وإسرائيل، في وقت تواترت تقارير حول اقتراب الجانبين من اتفاق مبدئي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل محتجزين في القطاع، بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.
وأعرب بايدن، مساء أمس الإثنين، عن أمله بأن يبدأ وقف إطلاق النار في غزة بحلول بداية الأسبوع المقبل، معلنًا أنّ إسرائيل وافقت على عدم القيام بأنشطة عسكرية خلال رمضان.
وسُئل بايدن أثناء زيارة إلى نيويورك عن الموعد المحتمل لبدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فأجاب بأنّ "مستشاريّ للأمن القومي يقولون لي إننا قريبون، نحن قريبون، ولم ننته بعد. وآمل أنه بحلول الإثنين المقبل سيكون هناك وقف لإطلاق النار".
وأضاف أنّ هناك اتفاقًا من حيث المبدأ على وقف إطلاق النار بين الجانبين أثناء إطلاق سراح المحتجزين. وقال "رمضان يقترب، وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم القيام بأي أنشطة خلال شهر رمضان، لكي نمنح أنفسنا وقتًا لإخراج جميع المحتجزين".
لكن قيادي في حركة حماس الفلسطينية قال، اليوم الثلاثاء، إنه لا تزال هناك فجوات كبيرة يتعين التعامل معها قبل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأضاف القيادي لوكالة "رويترز" أن تصريحات الرئيس الأمريكي حول وقف القتال في غزة سابقة لأوانها، ولا تتناسب مع الوضع الراهن على الأرض.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين، بأن تفاؤل بايدن بشأن التوصل إلى هدنة في قطاع غزة لا أساس له.
وجاء تشكيك حماس وإسرائيل في تصريحات الرئيس الأمريكي، في حين أفادت تقارير باتفاق مبدئي وشيك بين الجانبين، بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل محتجزين في القطاع، بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر كبير مقرب من المحادثات غير المباشرة التي أجراها في العاصمة الفرنسية باريس، مسؤولون من دول الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، مع وفد إسرائيلي، أن حركة حماس تلقت مسودة مقترح بشأن الهدنة في غزة يتضمن وقفًا لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يومًا، ومبادلة أسرى فلسطينيين بمحتجزين إسرائيليين بنسبة 10 إلى 1.
وذكر المصدر أنّ مقترح باريس ينصّ على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال تحت 19 عامًا وكبار السن مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، وأنه سيسمح بالعودة التدريجية للمدنيين النازحين إلى شمال غزة باستثناء الرجال في سن الخدمة العسكرية.
وقال المصدر لـ"رويترز" إنّ المسودة تنص على أنّ حماس ستطلق سراح 40 من المحتجزين الإسرائيليين، بينهم نساء وقصّر تحت 19 عامًا وكبار سن فوق 50 عامًا ومرضى، بينما ستطلق إسرائيل سراح نحو 400 أسير فلسطيني دون إعادة اعتقالهم.
وأضاف المصدر أنه بموجب وقف إطلاق النار المقترح، سيتم إصلاح المستشفيات والمخابز في غزة وإدخال 500 شاحنة مساعدات إلى القطاع يوميًا، وتوفير آلاف الخيام والكرفانات.
وأفادت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، نقلًا عن مصدرين مطلعين على محادثات باريس، بأن حماس تراجعت عن بعض المطالب الرئيسية في المفاوضات الخاصة بصفقة التبادل ووقف القتال في غزة، مما جعل الأطراف المتفاوضة أقرب إلى اتفاق مبدئي، في هذا الشأن.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن للشبكة الأمريكية، عقب اجتماع الجمعة الماضي في باريس: "تم حل العقبات الرئيسية فيما يتعلق بإصرار حماس على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وإنهاء الحرب".
وأضاف المسؤول، أن "متطلبات حماس بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين يجب إطلاق سراحهم قد تراجعت".
وأكد مصدر دبلوماسي مطلع على المحادثات أن حماس خففت من موقفها قبيل الاتفاق على المرحلة الأولى من الصفقة.
على الرغم من أنه من المتوقع أن تظهر عقبات أكثر صعوبة في وقت لاحق عندما تتم مناقشة القضايا المعقدة مثل إطلاق حماس المحتجزين الذكور في جيش الاحتلال وإنهاء الحرب، وفق "سي. إن. إن".
وذكرت الشبكة، أن المشاركين في المناقشات، قالوا إنه من المرجح أن يتم تنفيذ الاتفاق على مراحل متعددة، وبمجرد التوصل إلى اتفاق أولي، فقد يؤدي ذلك إلى هدنة تستمر لمدة تصل إلى ستة أسابيع مع إطلاق سراح مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، مقابل عدد أقل من الأسرى الفلسطينيين مما طالبت به حماس في البداية.
وأوضحت الشبكة أن في المرحلة الثانية، من المتوقع أن تصبح المناقشات أكثر تعقيدًا. وخلال الهدنة، ستدور المفاوضات حول موضوعات أكثر حساسية مثل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين المحتجزين كرهائن، والأسرى الفلسطينيين الذين يقضون عقوبات أطول، وانسحاب قوات الاحتلال ووضع نهاية دائمة للحرب إلى جانب ما يسمى بقضايا "اليوم التالي".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مات ميلر، أمس الإثنين: "لقد أحرزنا تقدمًا في هذه المحادثات خلال الأيام القليلة الماضية، لمحاولة التوصل إلى اتفاق لتحرير المحتجزين، وتأمين وقف مؤقت لإطلاق النار". وأضاف ميلر في مؤتمر صحفي بوزارة الخارجية الأمريكية: "ما زلنا نعتقد أن الاتفاق ممكن وسنواصل متابعته".
وجاءت التقارير عن اتفاق مبدئي وشيك بين إسرائيل وحماس، في حين كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في المفاوضات نقلوا رسالة مُفادها أن إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح مجموعة من الأسرى الفلسطينيين البارزين كجزء من صفقة مع حماس.
وذكرت الصحيفة، أن الفريق الإسرائيلي أبدى استعداده للإفراج عن خمسة عشر "أسيرًا ثقيلًا"، مقابل إطلاق سراح خمس مجندات. ولفتت إلى أن عناصر أخرى من الصفقة المحتملة، مثل وقف إطلاق النار لفترة طويلة والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من غزة، لا تزال قيد المناقشة. ومع ذلك فإن الفكرة قد تضيف حجمًا إلى المحادثات، حيث يرغب المسؤولون في إتمام الصفقة قبل بداية شهر رمضان، في غضون أسبوعين تقريبًا.
ويبدو أن محادثات الهدنة في غزة هي أكثر المساعي جدية منذ أسابيع لوقف العدوان على القطاع الفلسطيني المنكوب، وتأمين إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.
وكثف الوسطاء الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، على أمل درء هجوم إسرائيلي على مدينة رفح في غزة، حيث يعيش أكثر من مليون نازح على الطرف الجنوبي من القطاع.
ومن شأن الهدنة في غزة لمدة أسابيع، أن يسمح لمئات الشاحنات بإيصال المساعدات إلى القطاع، حيث استشهد ما يقرب من 30 ألف شخص، ويعاني السكان النازحون من المرض والجوع، وفق ما ذكرت صحيفة" الجارديان" البريطانية.