"لن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية.. فلسطين حرة.. فلسطين حرة".. كانت تلك آخر كلمات الضابط التابع للقوات الجوية الأمريكية، قبل أن يشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن، احتجاجًا على الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب العنيفة على غزة.
بكامل لياقته العسكرية
كان ذلك قبل الساعة الواحدة ظهرًا أمس الأحد، ليقرر الضابط آرون بوشنيل العضو النشط في القوات الجوية للولايات المتحدة، الاحتجاج بكامل لياقته العسكرية وزيه الرسمي أمام بوابات السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية واشنطن، للتعبير عن غضبه من دعم آلة القتل ضد الفلسطينيين في غزة.
ويظهر مقطع فيديو تناوله العديد من مواقع التواصل الاجتماعي آرون بوشنل، 25 عامًا، وهو يشرح أسباب "عمله الاحتجاجي الشديد" أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية واشنطن.
لن أكون متواطئًا
اقترب بوشنل من مبنى خاضع لحراسة مشددة على الطريق الدولي بالعاصمة الأمريكية، وهو يتحدث أمام الكاميرا مثبتة على عصا سيلفي، ويقول: "اسمي آرون بوشنيل، وأنا عضو نشط في القوات الجوية للولايات المتحدة ولن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية".
حديثه أمام الكاميرا التي وثقت آخر لحظات حياتها كان سريعًا، "أنا على وشك المشاركة في عمل احتجاجي متطرف، ولكن مقارنة بما شهده الناس في فلسطين على أيدي مستعمريهم، فهو ليس متطرفًا على الإطلاق، هذا ما قررت طبقتنا الحاكمة أنه سيكون طبيعيًا".
30 ثانية صمتًا
ولأكثر من 30 ثانية، سار بصمت، مرورًا بالسفارة الصينية المجاورة، ممسكًا بقارورة مفتوحة من سائل حارق في يده اليسرى، وعندما وصل إلى السفارة الإسرائيلية، ألقى الكاميرا على الأرض وسار نحو البوابة، وارتدى قبعته العسكرية وسكب السائل على رأسه، وألقى بالقارورة بعيدًا وكافح لإشعال ولاعته حتى نحج وغطت النيران جميع أنحاء جسده".
وبينما انتشرت النيران في جميع أنحاء جسده، وابتلعت رأسه واصل الصراخ "فلسطين حرة"، وأخذ يكررها، لكن صوته بدا يضعف حتى خفت مع اشتداد النيران، ليتمكن من الوقوف لمدة دقيقة تقريبًا قبل أن يسقط على الأرض.
صفارات الإنذار دوت في خلفية الحادث، فيما وجه رجل يرتدي ملابس مدنية مسدسه نحو الضابط الأمريكي بينما قام آخرون بصب طفايات الحريق عليه، ثم نقل إلى المستشفى مصابًا بإصابات خطيرة ومهددة للحياة، قبل أن يفارق الحياة اليوم الإثنين.
خدمة الإطفاء
وذكرت خدمة الإطفاء والإنقاذ في العاصمة الأمريكية، "عند وصولنا، وجدنا شخصًا بالغًا، على ما يبدو رجلًا، مشتعلًا بالنيران؛ وتم إخماد الحريق من قبل ضباط بالسفارة".
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن خدمات الطوارئ الطبية ورجال الإطفاء من العاصمة الأمريكية وصلوا إلى مكان الحادث الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، استجابة لاتصال من السفارة.
في غضون ذلك، أشارت صحيفة "والا" الإسرائيلية إلى عدم إصابة أي من أفراد طاقم السفارة بأذى، فيما ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، "أن السفارة لا تعرف الرجل"، حسبما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وأعلنت إسرائيل الحرب على غزة وبدأت حملة قصف على القطاع خلفت حتى الآن أكثر من 29600 شهيد فلسطيني وأكثر من 69800 جريح، معظمهم من النساء والأطفال، وفرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع الفلسطيني، وقطعت عنه إمدادات المياه والغذاء والدواء والكهرباء والوقود.
مساعدات عسكرية لإسرائيل
ووافق مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، الخميس الماضي، على مشروع قانون لتقديم مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار لإسرائيل، رغم تأكيد الديمقراطيين على أنه لن تتم المصادقة عليه في مجلس الشيوخ.
وجاء التصويت بأغلبية 226 صوتًا مقابل 196 صوتًا، وهو ما يتماشى إلى حد كبير مع التقسيم الحزبي للمقاعد، وقال رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، إن المجلس صوت الليلة على إرسال مساعدات فورية إلى إسرائيل.
وأكد جونسون عبر منصة إكس (تويتر سابقًا) أن "حزمة المساعدات تزود إسرائيل بأنظمة أسلحة متطورة، ونظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي، وتجدد مخزونات الدفاع الأمريكية المحلية، هي مساعدات ضرورية ومهمة للغاية، حيث تدافع إسرائيل عن حقها في الوجود".
وتابع "مع تنامي مُعاداة السامية، في الداخل والخارج، من اللازم أن ترسل الولايات المتحدة رسالة إلى العالم بأن التهديدات الموجهة لإسرائيل والشعب اليهودي ستقابل بمعارضة قوية". وحث مجلس الشيوخ والبيت الأبيض على الموافقة على هذه المساعدات، قائلًا إنهما "لا يمكنهما أن يدعا هذه اللحظة تمر.. كما فعل مجلسنا اليوم".
مخاوف واسعة
في تقرير أممي جديد، أشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى مجموعة واسعة من المخاوف، بما في ذلك عمليات القتل غير القانوني وتدمير ممتلكات المدنيين والعقاب الجماعي والتهجير القسري والتحريض على الكراهية والعنف، الاعتداء الجنسي، والتعذيب، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وحث المفوض السامي جميع الأطراف على الوقف الفوري لانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإجراء تحقيقات سريعة ومستقلة ومحايدة وشاملة وفعالة وشفافة في جميع الانتهاكات المزعومة.
وشدد على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات في محاكمات عادلة، داعيا جميع الأطراف إلى التعاون مع الآليات الدولية للمحاسبة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك محكمة العدل الدولية.