منذ أن انطلقت أول رصاصة في المعركة الجارية منذ عامين بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من أمريكا وأوربا، عملت دولة فنلندا على بدء التحضيرات المكثفة التي تزعم أنها تحمي نفسها من موسكو، التي تشترك معها في 830 ميلًا على طول الحدود بينهما، وكان آخر تلك التحركات بجانب المخابئ الضخمة، هو إطلاق خطة ضخمة لإنشاء مئات ميادين الرماية، لتعليم الشعب استخدام السلاح.
وتعتبر فنلندا، التي يبلغ عدد سكانها 5.5 مليون نسمة، أحدث عضو في حلف شمال الأطلسي الناتو، ودائمًا ما جعلت من بناء مخابئ الطوارئ خطة إلزامية منذ خمسينيات القرن الماضي، بعد المحاولة الفاشلة لغزوها من قِبل الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، ومع انطلاق الحرب بين كييف وموسكو، عملت الدولة على زيادة وتجهيز تلك المخابئ والتأكد من جاهزيتها تحسبًا لأي هجوم مفاجئ.
ميادين الرماية
وتسعى فنلندا، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن يصبح إطلاق النار بسهولة، أمرًا شائعًا بين المواطنين مثل كرة القدم أو هوكي الجليد، حيث تخطط لفتح أكثر من 300 ميدان رماية جديد لتشجيع المزيد من المواطنين على ممارسة هذه الهواية لصالح الدفاع الوطني، وهو ما فسره حزب الائتلاف الوطني بأنه ينبع من إرادة شعبية عالية جدًا للدفاع عن البلاد.
وتضاعفت شعبية الدورات التدريبية التطوعية، التي تهدف إلى تعليم جنود الاحتياط والمدنيين كيفية الدفاع عن فنلندا، بجانب وجود زيادة كبيرة في عدد الفنلنديين المتقدمين للحصول على تراخيص الأسلحة، حيث يوجود في فنلندا حاليًا نحو 670 ميدانًا للرماية، بعد أن كان عددها نحو 2000، وسيكون التركيز على إنشاء عدد كافٍ من البنادق والميادين التكتيكية في جميع أنحاء البلاد.
نموذج دفاعي
وبحلول عام 2030، تخطط الحكومة لزيادة العدد إلى نحو 1000 ميدان للرماية، وذلك ما فسره رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الفنلندي جوكا كوبرا، بأن ذلك ضمن التزام الدولة بالنموذج الدفاعي، الذي يستفيد من صقل الأشخاص لمهاراتهم في الرماية وتطويرها بأنفسهم، مشيرًا إلى أن المواطنين يريدون من تلقاء أنفسهم، أن يكونوا جزءًا من هذا الأمن الشامل، بحسب الصحيفة البريطانية.
ومنذ الحرب الروسية عملت الدولة على إطلاق دورات تدريبية لتعليم المدنيين استخدام الأسلحة، ومن أجل استمرار ممارسة تلك المهارة، كان لابد من إعادة زيادة أعداد ميادين الرماية، التي تعتبر هي الأماكن الوحيدة المسموح فيها إطلاق النار، وستعمل وزارة الدفاع الفنلندية على حماية تلك الميادين والمشاركة في تدريب المواطنين، بل وتشجيعهم على القيام بذلك.
ملاجئ ضخمة
ومن ضمن تلك الاستعدادات أيضًا، قامت السلطات ببناء ملجأ ضخم جديد تحت الأرض في ضواحي هلسنكي، حيث يقع على عمق 25 مترًا تحت الأرض، وهو مصصم للحماية من الهجمات النووية الروسية المحتملة، كما زعم القائمون عليه، حيث يحتوي في وقت السلم، على مركز للياقة البدنية وملعب للأطفال ومسبح، وفي حالة الحرب، تتوفر فيه إمكانية ضخ المياه لتغطي حاجة 3800 شخص.
وتمتلك فنلندا من الأساس أكثر من 50 ألف مخبأ تحت المنازل والمباني في المدينة، محصنة ضد القنابل والصواريخ، وهي مخصصة لاستيعاب 4.8 مليون شخص في حالة الطوارئ، ووفقًا للإحصاء الحكومي فإن 91% من المخابئ قوية بما يكفي للصمود أمام هجوم بالأسلحة التقليدية، بينما 83% مجهزة لتوفير الحماية من الانبعاثات الغازية أو الطوارئ النووية.